رحيل كرويف «الهولندي الطائر».. مايسترو الكرة الشاملة

  • 3/25/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خيم الحزن والذهول على أجواء اللقاءات الدولية الودية في أوروبا بشكل عام وفي معسكر المنتخب الهولندي بشكل خاص بعد إعلان وفاة أسطورة كرة القدم الهولندي يوهان كرويف أمس عن عمر يناهز 68 عاما بعد صراع رهيب مع مرض سرطان الرئة. ونعى الاتحاد الهولندي نجمه الكبير في بيان لرئيسه مايكل فان براغ قال فيه: «لقد فقدنا أعظم لاعب على الإطلاق في تاريخ الكرة الهولندية، الصديق وصاحب القميص رقم 14 الشهير. لقد صدمنا بخبر وفاة كرويف، لقد حلق بالكرة الهولندية عاليا جدا والاتحاد الهولندي مدين له إلى الأبد». وختم: «شخصيا أقول... كرويف، صديقي، سأشتاق إليك.. الكلمات تعجز عن التعبير عن حجم الخسارة التي نشعر بها». وخاض الراحل كرويف 48 مباراة دولية مع المنتخب الهولندي وسجل خلالها 33 هدفا وقاد الفريق لنهائي كأس العالم 1974، وذلك في أول مشاركة للفريق بالبطولة العالمية منذ 1938. كما حقق كرويف نجاحا هائلا مع أياكس الهولندي وقاد الفريق للقب كأس الأندية الأوروبية (دوري الأبطال حاليا) ثلاث مرات متتالية من 1971 إلى 1973. ولعب كرويف لفريق برشلونة في الفترة من 1973 إلى 1978 وفاز معه بلقبي الدوري والكأس في إسبانيا كما تولى تدريب الفريق من 1988 إلى 1996 وقاده للفوز بثمانية ألقاب، منها أربعة ألقاب في الدوري الإسباني من 1991 إلى 1994 ولقب دوري أبطال أوروبا في 1992. من جهته وصف رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الموقوف، الفرنسي ميشال بلاتيني، كرويف بأنه أعظم لاعب في كل الأوقات، وقال: «إنه أعظم لاعب في كل الأزمنة. لقد خسرت صديقا، وقد فقد العالم شخصية كبيرة. أقدره كثيرا، كان لاعبا استثنائيا، كان أعظم لاعب في كل الأوقات». وقال السويسري جاني اينفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في بيان له: «كان يوهان كرويف لاعبًا رائعًا، وأحد أفضل اللاعبين الذين عرفهم العالم. كان رمزًا للعب الأنيق، ومصدر إلهام وإعجاب للجماهير». وتابع: «لقد ترك أثرًا تاريخيًا في لعبة كرة القدم. أنا حزين جدًا لوفاته. سنفتقده كثيرًا.. باسمي وباسم «فيفا» ومجتمع كرة القدم العالمية، أريد أن أقدم خالص التعازي لعائلته وأصدقائه». ونعى برشلونة أسطورته السابقة قائلاً: «يقدم النادي تعازيه بلاعبه السابق الأسطوري والمدرب الذي سيُذكر دائمًا بتقدير عالٍ. يرغب برشلونة في التعبير عن الألم والحزن لوفاة يوهان كرويف الذي كان لاعبًا ومدربًا في نادي برشلونة، والذي سيبقى أبدًا أسطورة في النادي». وواصل: «يرغب برشلونة بإرسال تعاطفه القلبي إلى أسرة يوهان كرويف في هذه اللحظة المؤلمة، وهو شعور يتشاركه أعضاء النادي، الجمهور وعالم كرة القدم بأجمعه». وقال رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو: «كلاعب، كمدرب، لقد غيرت تاريخ نادينا، شكرًا يوهان». أما قائد برشلونة أندريس إنييستا فقال: «إنه يوم حزين جدا للعالم بأجمعه، وليس فقط لعائلة برشلونة بل للكرة العالمية، ولكل شخص كان شاهدًا على التأثير الذي تركه شخص من هذا النوع في كرة القدم». وبدوره قال النجم البلغاري السابق خريستو ستويتشكوف الذي لعب تحت إشراف كرويف: «ليس هناك كلمات تصف الألم الذي أشعر به.. مدربي، صديقي. ارقد بسلام! شكرًا على كل شيء. ستبقى دائمًا إلى جانبي». وبدوره، كتب أسطورة برشلونة الحالي الأرجنتيني ليونيل ميسي في صفحته على موقع «فيسبوك»: «أسطورة أخرى ترحل عنا»، فيما كتب مواطنه الأسطورة أيضًا دييغو مارادونا الذي دافع سابقا عن ألوان برشلونة فقال: «لن ننساك أبدا أيها النحيل». من جهته، قال رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز في بيان: «إنها أسطورة كروية تغادرنا، أسطورة رياضية. أريد أن أرسل، باسم ريال مدريد وجميع مشجعي ريال، تعازي الحارة إلى برشلونة، وخصوصًا إلى عائلته وأولاده. كان لاعبًا استثنائيًا ترك أثره على حقبة بأكملها، ولهذا السبب إنه يوم حزين جدا على كرة القدم». ويعتبر يورهان كرويف تجسيدا للكرة الشاملة التي اعتمدها ناديه أياكس أمستردام ملك أوروبا في السبعينات، وهي فلسفة اللعب التي نقلها أيضًا مدربا لبرشلونة وأسفرت عن بطولات وأمجاد. وأمتع كرويف إلى جانب يوهان نيسكينز، ورود كرول واري هان، العالم بفنياتهم، وأحرز إلى جانب هؤلاء جميع الألقاب الممكنة، ولم ينقصه إلا التتويج مع المنتخب الهولندي. ولد كرويف في أمستردام في 25 أبريل (نيسان) عام 1947، وكان مايسترو خط الوسط في صفوف فريق المدينة أياكس أمستردام، علما بأن والده الذي كان يعمل بقالا كان يحذره من ممارسة كرة القدم. لكن كرويف تمرد على أوامر والده وأصبح شأنه في ذلك شأن كثيرين ممن تخرجوا من أكاديمية أياكس التي تعتبر بالفعل مشتلا للنجوم. وسيبقى الرقم 14 الذي حمله طوال مسيرته رمزا لفن كرويف الذي كان يملك انطلاقة سريعة وذكاء حادا في التعامل مع الكرة حتى أطلق عليه لقب «بيليه الأبيض». ولو قدر لكرويف أن يحرز كأس العالم ولو مرة واحدة لنافس بلا شك الملك بيليه على لقب أفضل لاعب في العالم. وتدرج كرويف في صفوف صغار أياكس ثم الناشئين قبل أن يعطيه المدرب الشهير رينوس ميكلز فرصته بين الكبار للمرة الأولى ضد ليفربول الإنجليزي وكان في الثامنة عشرة من عمره عام 1967. وأقيمت المباراة في أمستردام ضمن الدور الثاني من مسابقة كأس أبطال أندية أوروبا ووسط ضباب كثيف لم يكن ليحجب الإنجاز الذي حققه «المبتدئ» حيث قاد فريقه إلى فوز كبير 5 - 2. ثم ساهم كرويف في بلوغ فريقه نهائي المسابقة ذاتها عام 1969، لكنه مني بهزيمة ثقيلة أمام ميلان الإيطالي 1 - 4. ولم تنَل الخسارة من كرويف وزملائه فبعد سنتين كان أياكس قد أصبح رائد الكرة الحديثة في ما عرف آنذاك بالكرة الشاملة التي تعتمد على دفاع المنطقة وضغط متواصل على الخصم وتكامل بين خطوطه الثلاثة، أي أن الكل يهاجم والكل يدافع في آن واحد. وتربع أياكس بقيادة كرويف على العرش الأوروبي ثلاث سنوات متتالية في 1971 و72 و73، كما نجح في قيادة منتخب بلاده إلى نهائي مونديال 1974 في ألمانيا وخسر أمام الدولة المضيفة مع أنه كان صاحب أفضل العروض. ويملك كرويف سجلا ناصعا مع أياكس، حيث فاز معه ببطولة هولندا تسع مرات وبالكأس المحلية 4 مرات وسجل في صفوفه 215 هدفا في 307 مباريات قبل أن ينتقل إلى برشلونة الإسباني مقابل مبلغ خيالي في 25 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. وكان برشلونة يحتل مركزا وسطا في الترتيب ويبحث عن لقب غاب عن خزائنه طويلا. وخاض كرويف أول مباراة له ضد غرناطة وسجل هدفين قبل أن يقود فريقه بعد سبعة أشهر إلى اللقب الغالي بعد غياب 14 عاما ليصبح معشوق الجماهير. وقال رئيس نادي برشلونة آنذاك أغوستي مونتال كوستا: «لقد كلفني كرويف كثيرا للتعاقد معه لكنه أثبت أنه من يستحق بقيادته الفريق إحراز اللقب». ولعب كرويف في صفوف برشلونة من 1973 إلى 1978 وسجل له 48 هدفا في 140 مباراة. انتقل في نهاية مسيرته إلى فريق واشنطن ديبلوماتس في الدوري الأميركي الشمالي لكرة القدم وسجل في صفوفه 25 هدفا في 53 مباراة في مدى سنة ونصف السنة. وعاد كرويف إلى أياكس عام 1981، وتوقع البعض أن يكون خسر كثيرا من فنه في الملاعب، لكنّ المشجعين تدفقوا لمشاهدة المباراة الأولى لابن النادي البار وصانع أمجاده، فلم يخيب أمله وسجل هدفا تاريخيا قلما سجله لاعب آخر. وبقي مع أياكس حتى عام 1983 انتقل بعدها إلى فيينورد وفاز معه في الموسم التالي ببطولة الدوري والكأس، لكن قصة الحب مع أياكس لم تنته فصولها، فقد استعان به النادي لتدريب الفريق وكان جوابه الطبيعي الموافقة. وأحرز في أول موسم معه كأس هولندا، فكان ذلك جواز سفره للمشاركة في كأس الكؤوس الأوروبية، فتوج بطلا لها على حساب لوكوموتيف ليبزيغ الألماني الشرقي سابقا بهدف سجله خليفته ماركو فان باستن. وفي عام 1988 انتهت قصة كرويف مع أياكس بعد عرض خيالي لتدريب برشلونة. وفي صفوف النادي الكتالوني بنى كرويف فريقا رائعا ضم البرازيلي روماريو والبلغاري خريستو ستويتشكوف ونجح في الفوز ببطولة إسبانيا خمسة مواسم متتالية، لكنه بلغ ذروة المجد عندما قاد الفريق إلى إحراز كأس أبطال الأندية الأوروبية للمرة الأولى في تاريخه عام 1992 على ملعب ويمبلي الشهير بفوزه على سمبدوريا الإيطالي بعد وقت إضافي بهدف سجله مدافعه الهولندي رونالدو كومان بتسديدة صاروخية من خارج المنطقة. ولم ينقص سجل كرويف الحائز على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولات الأوروبية 3 مرات (رقم قياسي بالتساوي مع مواطنه ماركو فان باستن والفرنسي ميشال بلاتيني) إلا إحراز كأس العالم.

مشاركة :