الفرص الضائعة في الصناعة

  • 12/4/2023
  • 21:38
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بالتأكيد أنَّ استيراد أيِّ سلعة من الخارج، من الممكن أنْ تُنتَج محليًّا، بمثابة فرصة ضائعة على الاقتصاد الوطنيِّ، حتَّى إذا كانت معتمدةً على مكوِّنات مستوردة، خاصَّةً أنَّ تصنيع هذه السلعة داخل البلاد من شأنه أنْ يُوفِّر الكثير من فرص العمل، وسد حاجة السوق من هذا المُنتج، ويُوفِّر أيضًا العملة الأجنبيَّة المستخدمة في استيراد هذا المُنتج، خلاف المساهمة في زيادة النَّاتج القوميِّ.ما ذكرته سابقًا ينطبقُ على الكثير من السلع والمنتجات، ونخصُّ من هذه المنتجات في هذا المقال مستحضراتِ التَّجميل التي تهمُّ كل سيدة على هذا الكوكب، وبالأخص المرأة السعوديَّة، فقد وصل حجمُ إنفاق السعوديَّات على جميع أنواع مستحضرات التَّجميل 1.5 مليار دولار سنويًّا، وكشفت إحدى الدِّراسات أنَّ السعوديَّات أكثرُ النِّساء إنفاقًا على مستحضرات التَّجميل، حيث بلغ متوسط الإنفاق 909 دولارات، ما يعادل 3417 ريالًا سنويًّا على المكياج، بينما يُقدَّر متوسط قيمة مشتريات المرأة عالميًّا من مستحضرات التَّجميل بنحو 334 دولارًا، فيما تحملُ حقيبة زينة المرأة السعوديَّة نحو 22 منتجًا تجميليًّا، لا تستخدم منها بشكل منتظم سوى 7 فقط، وتحدَّثت الدراسةُ أنَّ المرأة السعوديَّة تشتري 33% من مستحضرات التَّجميل أثناء فترة الخصومات، بينما تحرص 50% منهنَّ على شرائها كلَّما شعرت برغبة في التسوُّق، ويعتمد اختيار المستحضر لدى 63% منهنَّ على نوع العلامة التجاريَّة، في حين يُعدُّ السِّعرُ أمرًا حاسمًا بالنسبة لـ58%، وتتحكَّم المحفِّزات وتوصيات المؤثِّرين في قرار 21%، ويستجيب 13% منهنَّ لنصائح الصديقات، وفقًا لدراسة بولنديَّة نُشرت في جريدة «عكاظ».هوس المرأة بشراء مستحضرات التجميل بشكل دوريٍّ، وبأموالٍ باهظة لا يتعلق فقط بالمرأة السعودية، رغم أنها في المرتبة المتقدمة عالمياً، ولكنه يمتد إلى كافة نساء العالم، فالمرأة في دول الخليج تنفق نحو 7 مليارات دولار سنوياً، وهي الأعلى في العالم، وعلى مستوى العالم العربيِّ فقد أشارت دراسة لشركة الأبحاث «يورو مونيتور إنترناشيونال» إلى أنَّ سوق مستحضرات التَّجميل تضاعف في العالم العربيِّ بنسبة 300% في 3 سنوات فقط، وتُعدُّ سوق مستحضرات التَّجميل من الأسواق الأنشط عالميًّا، فقد بلغت قيمتها عام 2017 نحو 500 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقَّع أنْ تصل قيمتها إلى نحو 800 مليار دولار خلال العام الحالي 2023، وفقًا لـ»البي بي سي».لستُ ضد شراء المرأة مستحضرات التَّجميل على الإطلاق، حتَّى لا يُفهم كلامي أنَّه انتقاد للمرأة، ولكن أتحدَّث هنا من جانب آخر تمامًا، يتعلَّق باستغلال الفرص الضائعة في هذا القطاع، الذي إذا ما أُحسن استثماره، لعاد الأمر بعائد جيد على البلاد، خاصَّة إذا كان الإنتاجُ ليس مخصصًا فقط للاستهلاك المحليِّ، بل للاستهلاك الخليجيِّ والعربيِّ والإقليميِّ والعالميِّ، وهذا أمرٌ ليس صعبًا وليس مستحيلًا، وليس في حاجة إلى تكنولوجيا معقَّدة، فهناك الكثير من الوصفات المُتعارف عليها من الممكن تطويرها من خلال الاستعانة بالخبرات المتخصِّصة في هذا المجال، كما أنَّ هناك بعض الوصفات التُّراثية، من الممكن اعدادها مع إضفاء عليها الطابع العصريِّ، وتغليفها بشكلٍ جيدٍ، وإطلاق عليها اسم تجاري رائج مثل غيرها من المنتجات، ولكن لكي ننجح في إعداد صناعة قويَّة في هذا القطاع، من الضروريِّ دراسة السوق بشكلٍ جيدٍ، ومعرفة ذوق المستهلك، ووضع خطَّة شاملة جامعة مانعة، للتوسُّع في هذا القطاع على المدى المتوسط والقريب والبعيد، فلا يوجد شيءٌ من الممكن أنْ يتحقَّق ما بين يومٍ وليلةٍ.ولكنَّ الأهم في هذه الصناعة هو صناعة براند محليٍّ قويٍّ وتسويقه بشكل جيد، حتَّى يرسخ البراند في عقل كلِّ سيدة، فمثل هذه المنتجات قد تشتريها السيِّدة لمجرَّد تكرار الإعلان على التلفاز أكثر من مرَّة، لتجربته، فإذا كان مناسبًا فسيكون منتجًا دائمًا، ومن الضروري تحقيق المعادلة الصعبة التي تتمثَّل في الجودة مع السِّعر المنافس، ومن ثمَّ فلنْ تجدَ حليفًا لك سوى النَّجاح، والانتشار، بصورة كبيرة وواسعة النطاق.واخيرًا وليس آخرًا، فما أريده من هذا المقال وغيره من المقالات المماثلة، أنْ ننجح في إعداد صناعة واعدة في كافَّة المجالات مهما كانت؛ لأنَّ الصناعة وحدها هي القادرة على تنويع مصادر الدَّخل، وتحقيق التقدُّم المنشود، وهذا لن يحدث إلَّا من خلال استغلال كافَّة الفرص الاستثماريَّة الواعدة، حتَّى لا تكون هناك فرصٌ ضائعةٌ على البلاد.

مشاركة :