الإمارات تتخطى حاجز الإبهار من جديد وتثبت للجميع أن التميز هو المعتاد وليس الاستثناء لدى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تبدأ دائماً حيث انتهى الآخرون وتضيف عليه ما يبقى علامة فارقة لعقود. والأهم من ذلك كله هي حكومة مبتكرة مخترعة وخلّاقة لكل ما هو جديد في عالم الإدارة الحكومية المتجددة والمستدامة، ولذلك نرى النجاحات الباهرة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، والذي سينتهي في الثاني عشر من ديسمبر الحالي، ومن خلال هذا المؤتمر أثبتت الكفاءات والسواعد والعقول الإماراتية أنها لا تكتفي بإتقان العمل فحسب بل والتفوق فيه بصورة غير مسبوقة. تناول COP28 قضايا تشمل الصحة والتمويل والغذاء والطبيعة وإيصال الأموال للعمل المناخي من البلدان الأكثر ثراء إلى البلدان الفقيرة، والعمل على التوصل إلى اتفاق جديد للدول النامية، والتركيز على الطبيعة والناس وتحويل الأفكار والسياسات المناخية إلى نتائج ملموسة، كما تستضيف المفاوضات الرسمية بجانب المراكز المتخصصة في أنحاء مدينة إكسبو دبي الأفراد المهتمين بتغير المناخ من أجل التعلم وتطوير مهارات جديدة، والتعاون لإيجاد حلول لمواجهة تغير المناخ مع توافر منصة للقادة والمبتكرين لعرض خطط الاستدامة الخاصة بهم، وإقامة شراكات استراتيجية تساهم بتسريع تحقيق الحياد المناخي.في «كوب 28» توجد أهم الجهات العالمية الفاعلة في قطاع التمويل، والعديد من النقاشات وطرح الأفكار والإعلان عن تطبيق الالتزامات الخاصة بالمواضيع المناخية الحيوية إلى واقع ملموس مثل أسواق الكربون الطوعية، ورأس المال الأخضر، والتمويل العالمي، ومسارات تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، والتحول العادل نحو اقتصاد أكثر مرونة لمواجهة تداعيات تغير المناخ. وبعيداً عن ديناميكية الحوارات، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، مشيراً في كلمته خلال اليوم الثاني لمؤتمر «كوب 28» المنعقد في مدينة إكسبو دبي إلى أن الصندوق يهدف إلى استثمار 250 مليار دولار بحلول 2030. وأطلقت أكبر بنوك التنمية متعددة الأطراف في العالم «فرقة عمل» عالمية في قمة المناخ (كوب 28) لزيادة عدد وحجم مقايضات «الديون بالطبيعة» التي يمكن للبلدان القيام بها، ويقصد بمصطلح مقايضة الديون بالطبيعة تخفيض ديون الدولة النامية في مقابل حماية النظم البيئية الإيكولوجية، ومن بعد ثلاثة عقود من طرح الفكرة لأول مرة، أقرّت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (كوب 28) الاتفاق بشأن صندوق جديد لمواجهة الكوارث المناخية، والذي يستهدف مساعدة الدول الأكثر عرضةً لتداعيات تغير المناخ ولا تكفي قدراتها الذاتية لمواجهتها والتخفيف من آثارها الكارثية. وستسهم الإمارات وألمانيا بمبلغ 100 مليون دولار لكل منهما في ترتيبات صندوق الأضرار والخسائر، كما أعلن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وآخرون مساهمات يبلغ مجموعها حوالي 400 مليون دولار للدول الفقيرة التي تعاني آثار تغير المناخ، وأكثر من 20 دولة تدعو لزيادة مصادر الطاقة النووية عالمياً بـ3 أضعاف بحلول 2050. وأعلن بدوره البنك الدولي يوم السبت الماضي، على هامش مؤتمر «كوب 28»، خططاً طموحة لنمو أسواق الكربون العالمية التي تتمتع بدرجة عالية من السلامة والنزاهة، إذ من المقرر أن يحقق 15 بلداً دخلاً من بيع اعتمادات الكربون الناتجة عن الحفاظ على غاباتها. ويتجه المؤتمر للوصول لحلول تشترك فيها كل القطاعات في العالم بصورة تبادلية وتكاملية، وتتعامل مع أزمة المناخ من خلال بدائل دولية مشتركة وذات أبعاد تتخطى الحدود السياسية والاقتصادية والثقافية والجغرافية بطبيعة الحال. يطمح «كوب28» في السعي نحو تعاون جذري لإزالة الحواجز وتوسيع نطاق الحلول، وإيجاد حل وسط بين «التخفيض التدريجي» في استخدام الوقود الأحفوري والتخلص التدريجي الكامل الذي تطالب به بعض التكتلات، ويحاول الإجابة عن تساؤلات من بينها: كيف سيتم تمويل وتوسيع نطاق تكنولوجيا المناخ وتحويل الطلب على الطاقة والتكيف مع المناخ لحماية المجتمع الإنساني. * كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات
مشاركة :