تختلف آثار "التوكسوبلازما جوندي" أو "داء المقوسات" عند انتقالها من مضيف لآخر، فهي قد لا تؤثر على الإنسان أو القطط (مضيفها الرئيسي)، لكن لها تأثير غريب على دماغ الفئران، ويبدو أنه تغيير دائم في طريقة عمل أدمغة الفئران، يجعلها تفقد غريزة أساسية تساعدها على البقاء، وهي الخوف من الحيوانات الأكبر منها. والأكثر غرابة ما وجده علماء في "جامعة جنيف"، بأن الفئران تصبح "فضولية" أكثر، ويزداد عندها حب الاستكشاف، حتى بعد شفائها من المرض واختفاء الطفيلي من جسدها. "داء المقوسات" تنقله القطط لثلث البشر "داء المقوسات" هو عدوى يُسببها طفيلي أحادي الخلية موجود غالباً داخل خلايا أجسام القطط، وخصوصاً القطط المنزلية، بإمكان القط الواحد المصاب بالطفيلي، نشر كميات هائلة منه يومياً من خلال البراز والإفرازات، التي قد يحصل اتصال أو تلامس بينها وبين الإنسان. وبحسب المركز الأمريكي الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية، يُعتقد أن ما يصل إلى ثلث البشر مصابون بعدوى "داء المقوسات". وينشئ ذلك الطفيلي عدوى عن طريق أكياس مجهرية تنمو ببطء في خلايا الدماغ، ويمكن أن يزيد من إنتاج تلك الخلايا للدوبامين بشكل غير طبيعي، مما قد يغير وظيفتها بشكل كبير. ولحسن الحظ فإن 90% من الأشخاص الذين يتمتعون بجهاز مناعة جيد، لا تظهر عليهم أعراض "داء المقوسات"، وقد يكون هذا الطفيلي في طور الخمول في أجسادهم، دون أن تظهر أي أعراض أو علامات مثل صعوبة في البلع، وتورم الغدد اللمفاوية والصداع، والحمى. لكنه يمكن أن يسبب أعراضاً ومضاعفات أخرى أشد خطورة للبشر في حالات قليلة. الطفيلي يجعل الفئران تفقد خوفها من القطط بشكل دائم نظراً لأن الطفيلي ينتج أكياساً أكثر وأكبر بالنسبة لحجم الدماغ في الفئران مقارنة بالبشر، فتأثيره على الفئران يصبح أكبر وأشد غرابة، وبمجرد إصابتها بداء المقوسات، يبدو أنها تفقد خوفها من القطط وتصبح أكثر عرضة للأكل. وعندما يحدث ذلك، يمكن للطفيلي أن يشق طريقه إلى أمعاء القطط، وفقط في أمعاء القطط يمكن أن تتكاثر تلك الطفيليات وتتخذ شكلاً شديد التحمل ومعدٍ يسمى البويضة، والتي تخرج مع الفضلات لتصيب مزيداً من الحيوانات. أثناء تجارب قامت بها عالمة الطفيليات "دومينيك سولداتي فافر" من جامعة جنيف، على الفئران المصابة بـ"داء المقوسات"، كانت الفئران على استعداد للمغامرة بالدخول إلى غرفة تحتوي على جرذ حي، والذي يعتبر حيواناً مفترساً آخر محتمل بالنسبة للفئران، في حين بقيت الفئران غير المصابة دائماً بعيدة. في العديد من الاختبارات السلوكية الأخرى، وجد الفريق أن الفئران المصابة أظهرت قلقاً أقل وميلاً أقوى للاستكشاف، على سبيل المثال، أمضوا وقتاً أطول في متاهة كانت مفتوحة ومكشوفة، وهي مناطق تجدها الفئران عادةً مهددة ولا تفضل البقاء داخلها. وبحثت "ويندي إنجرام"، عالمة بيولوجيا الخلايا الجزيئية في جامعة كاليفورنيا، في تأثيرات سلالتين رئيسيتين أخريين للطفيلي، على سلوك الفئران، ووجدوا أنه في غضون ثلاثة أسابيع من الإصابة بأي من السلالتين، فقدت الفئران كل مخاوفها من رائحة القطط مما يدل على أن التحول السلوكي هو سمة عامة لطفيلي التوكسوبلازما. والأكثر إثارة للدهشة هو الوضع بعد 4 أشهر من الإصابة، وتغلب الفئران على العدوى بشكل كبير، ظلت الفئران غير منزعجة من رائحة القطط، يقول عالم الوراثة مايكل آيزن: "بعد فترة طويلة من فقدان القدرة على رؤية الطفيلي في دماغ الفئران، ما زلنا نرى تأثيره السلوكي". هل القطط تأكل الفئران أم تقتلهم فقط؟ لقد رأينا ذلك في برنامج الرسوم المتحركة توم وجيري: قطة تطارد فأراً على أمل أن تجعله عشاء خفيفاً. ولكن إذا كنت من مربي القطط المنزلية، فأنت ربما لم تشاهد ذلك المنظر في الحقيقة، وفي أسوأ الأحوال، ستجد قطتك الأليفة تلعب مع الفأر أو تقتله ثم تأتي به لك دون أن تأكله. لكن بالنسبة لسؤال هل القطط تأكل الفئران؟ فالجواب هو نعم، القطط بطبعها حيوانات صيادة، والفئران جزء من النظام الغذائي للقطط، خاصة في البرية، ولعدة قرون على مدى الـ12 ألف سنة الماضية، تم تدجين القطط ببطء، وكانت مفيدة للتخلص من الآفات في أماكن تخزين الحبوب، وخاصة الفئران. إنه في جينات القطة أن تصطاد، خاصة الفرائس الصغيرة، ويمكنك ملاحظة ذلك حتى لو لم تكن مع حيوان حقيقي، فهي تقضي القطط وقتاً طويلاً في المطاردة والانقضاض على الألعاب وأحياناً على أيدي مربيها. على الرغم من أنك تطعم قطتك بانتظام، فإن هذا لا يوقف غرائز الصيد لديها، وعلى الرغم من أنها قد تقتل، لكنها لا تأكل فرائسها، اعتماداً على مدى جوعها. أجرت جامعة جورجيا بحثاً، باستخدام كاميرات صغيرة متصلة بأطواق 60 قطاً أليفاً، وجدت هذه الكاميرات أن القطط أمضت وقتاً طويلاً في الصيد وقتل الثدييات الصغيرة والسحالي، لكنها أكلت فقط ما تقتل حوالي 30% من الوقت، وحوالي 20% من الوقت، جلبوا فرائسهم إلى المنزل. في كثير من الحالات، إذا كانت القطة تقتل الفئران أو الحيوانات والحشرات الصغيرة ولا تأكلها، فقد تكون تتصرف بدافع غريزة وتحتفظ بها لمالكها، لذلك، على الرغم من كونها مروعة بالنسبة لنا، فهي لفتة لطيفة ومحبة نيابة عن قطتك؛ لأنها تخبرك بشكل أساسي أنك جزء من عائلتها.
مشاركة :