اختتمت القمة الخليجية أعمال دورتها الـ 44 اليوم (الثلاثاء) في الدوحة بالتأكيد على أهمية استمرار جهود الوساطة وصولا إلى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإطلاق عملية سياسية تفضي إلى سلام شامل ودائم للشعب الفلسطيني. وجاء في ((إعلان الدوحة)) الصادر في ختام القمة أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي أكدوا ضرورة الاستئناف الفوري للهدنة الإنسانية في قطاع غزة وصولا إلى وقف كامل ومستدام لوقف إطلاق النار وضمان وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية إلى سكان غزة. وأكد المجلس الأعلى للقادة مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ومطالبته بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي المحتلة منذ يونيو 1967 وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية. وعبر قادة دول المجلس عن إدانتهم لتصاعد أعمال العنف والقصف العشوائي الذي تقوم به القوات الإسرائيلية في قطاع غزة والتهجير القسري للسكان المدنيين وتدمير المنشآت المدنية والبنى التحتية، في مخالفة صريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وحذروا من مخاطر توسع المواجهات وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط ما لم يتوقف "العدوان" الإسرائيلي، مما سيفضي إلى عواقب وخيمة على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين. وطالبوا المجتمع الدولي بالتدخل لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين الفلسطينيين واتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على ممارسات إسرائيل وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة العزل. وذكر البيان الختامي للقمة أن المجلس الأعلى في دورته الـ44 عبر عن رفضه لأي مبررات وذرائع لوصف "العدوان" الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه دفاع عن النفس، كما عبر عن دعمه لثبات الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى تشريد سكان غزة وتهجيرهم. كما دعم المجلس الأعلى مبادرة السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في الشروق الأوسط بالتعاون مع مصر والأردن، وثمن الجهود التي تبذلها الدول العربية لتحقيق المصالحة الوطنية لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ولم الشمل وتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني. وفي الشأن الخليجي، لفت البيان إلى أن المجلس الأعلى أكد حرصه على قوة وتماسك مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه وتحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين. وصادق المجلس على قرارات مجلس الدفاع المشترك في اجتماعه في نوفمبر الماضي واطلع على سير العمل العسكري المشترك، وأقر النظام الموحد لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بصفة استرشادية، كما رحب بالجهود المبذولة حيال التأشيرة السياحية الموحدة واعتمد ما تم التوصل إليه بهذا الشأن. وقال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي عقب القمة إن قادة دول مجلس التعاون الخليجي ناقشوا خلال هذه القمة عددا من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة وفي مقدمتها تطورات الحرب على غزة والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف الشيخ محمد أن القادة أكدوا في هذا السياق أهمية استمرار جهود الوساطة وصولا إلى وقف كامل ومستدام إلى وقف إطلاق النار وضمان فتح المعابر والممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية بالقدر الكافي إلى سكان غزة. وذكر أن القادة أكدوا أيضا أهمية إطلاق عملية سياسية تفضي إلى سلام شامل وعادل ودائم للشعب الفلسطيني وحصوله على حقوقه المشروعة على أساس مبدأ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. من جهته، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي في المؤتمر الصحفي إن هناك ثلاثة عناصر أساسية حققتها هذه القمة، موضحا أن العنصر الأول يتمثل بالتأكيد على موقف دول مجلس التعاون تجاه ما هو حاصل الآن في غزة وضمان إيصال هذا الموقف بشكل واضح وجلي. وأضاف البديوي أن العنصر الثاني هو التأكيد على المكانة المرموقة والمصداقية الكبيرة التي تحظى بها كافة دول مجلس التعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن العنصر الثالث هو التباحث وإقرار العديد من القرارات والتوصيات تجاه العمل الخليجي المشترك على كافة الأصعدة وأبرزها تلك التي تهدف إلى الوصول إلى التكامل الاقتصادي بشكل عام في دول مجلس التعاون الخليجي. وعقدت القمة برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وشارك فيها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي يزور الدوحة لأول مرة منذ الأزمة الخليجية التي اندلعت في عام 2017. كما شارك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وممثل أمير الكويت وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح ونائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد. وحضر القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث عقدت أيضا قمة خليجية ــ تركية بالتزامن مع القمة الخليجية. وكان أمير قطر أكد في كلمته في افتتاح القمة أن بلاده تعمل باستمرار على تجديد الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعلى تخفيف معاناة السكان في قطاع غزة، لكنه استدرك بالقول إن الهدن ليست بديلا عن الوقف الشامل لإطلاق النار. واعتبر أن التحدي لا يكمن في حل قضية غزة وكأنها مسألة منفصلة أو مسألة أمنية إسرائيلية بل في إنهاء الاحتلال وحل قضية الشعب الفلسطيني، داعيا مجلس الأمن إلى القيام بمسؤولياته القانونية وإنهاء هذه الحرب الهمجية وإجبار إسرائيل على العودة إلى مفاوضات ذات مصداقية لتحقيق الحل العادل للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وانتهت صباح الجمعة هدنة إنسانية مؤقتة تم التوصل إليها بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة قطرية مصرية أمريكية واستمرت أسبوعا. وخلال أيام الهدنة جرى إطلاق دفعات متتالية من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر. واستأنفت إسرائيل وحركة حماس عملياتهما العسكرية فور انتهاء الهدنة المعلنة، فيما أعلنت وزارة الخارجية القطرية أن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستمرة للعودة إلى الهدنة. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حماس في غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" قتل خلالها حتى الآن 15899 فلسطينيا بحسب السلطات في القطاع، بعد أن شنت الحركة الفلسطينية هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى" على إسرائيل، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.
مشاركة :