تنكب الإدارة الأميركية على وضع خطط لما بعد الحرب على غزة، ومن ضمن بنودها تولي السلطة الفلسطينية السيطرة على القطاع، لكنها تصطدم بعدم تجاوب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إن بنيامين نتنياهو يعتزم استثناء السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب الجارية منذ السابع من أكتوبر الماضي. جاء ذلك في تقرير نشرته هيئة البث مساء الإثنين، ذكرت فيه أن نتنياهو أبلغ الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة بأنه “لن تكون هناك سلطة فلسطينية في غزة بعد الحرب”. وأضافت أن نتنياهو قال لنواب من حزبه الليكود في اجتماعات مغلقة هذا الأسبوع إنه “يعارض أي سيطرة للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة بعد الحرب، وأبلغ الولايات المتحدة ونقل لها رسائل تفيد بأنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية في غزة ما بعد الحرب”. ونقلت الهيئة عن نتنياهو قوله “ليس فقط لن تكون هناك سلطة فلسطينية متجددة في غزة، بل لن تكون هناك سلطة فلسطينية في القطاع على الإطلاق”. الأجزاء الرئيسية من الخطة الأميركية تتمثل في زيادة المساعدات إلى غزة، والسماح بدور أكبر لمنسق أمني أميركي في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية وكانت واشنطن تحدثت مرارا عن وجوب أن تكون هناك “سلطة فلسطينية” بعد الحرب في قطاع غزة -دون أن توضح ماهية هذه السلطة- وأن يقود “الفلسطينيون الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في غزة” عقب انتهاء الفترة الأمنية التي ستتولى مسؤوليتها إسرائيل. وذكر موقع “بوليتيكو” الأميركي في تقرير نشره الاثنين أن المسؤولين الأميركيين ينظرون إلى ذلك على أنه “أفضل الخيارات السيئة المتاحة” لمنطقة أدت الحرب فيها إلى مقتل الآلاف من الفلسطينيين وتشريد أكثر من 1.9 مليون آخرين، فضلا عن تدمير هائل للبنية التحتية. وأشار الموقع إلى أن المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض وخارجهما أوضحوا أجزاء من الخطط المرصودة في عدة وثائق واجتماعات منذ منتصف أكتوبر الماضي، لكن الأمر يصطدم بعدة تحديات من بينها معارضة نتنياهو. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ”بوليتيكو”، “نحن في مأزق”، مضيفاً “هناك تفضيل سياسي قوي للسلطة الفلسطينية لتولي حكم غزة، لكن أمامها تحديات كبيرة على صعيد الشرعية والقدرات”. وبحسب “بوليتيكو”، فإنّ الرؤية الواسعة التي انبثقت عن المحادثات الداخلية هي إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء الحرب، وسط حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة عقب ذلك مباشرة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى الحكم على المدى الطويل. ونقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إنّ الأجزاء الرئيسية من الخطة تتمثل في زيادة المساعدات إلى غزة، والسماح بدور أكبر لمنسق أمني أميركي في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية. واشنطن تحدثت مرارا عن وجوب وجود "سلطة فلسطينية" بعد الحرب في غزة، دون أن توضح ماهيتها وكانت السلطة الفلسطينية أعلنت استعدادها للعودة إلى قطاع غزة في إطار مخطط سياسي شامل، يتضمن الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وفي سياق حل سياسي يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية. ويصر نتنياهو على رفض عودة السلطة الفلسطينية لكنه في الآن ذاته لم يوضح منذ بدء الحرب مخططه لمرحلة ما بعدها في قطاع غزة، حيث ينصب تركيزه على هدف واحد وهو “القضاء على حماس، ومنعها من القدرة على حكم القطاع”. وسبق لنتنياهو أن قال إنه يريد “سيطرة أمنية إسرائيلية” على القطاع بعد الحرب، كما وجه انتقادات حادة إلى السلطة الفلسطينية في عدة مؤتمرات صحفية. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت كشف في تصريحات خلال أكتوبر الماضي أن الحرب على غزة تتكون من ثلاث مراحل، تنتهي بـ”إنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، وإزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية فيه، وإيجاد واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل والمنطقة المحيطة بقطاع غزة”، دون تحديد نطاق زمني لإتمام هذه المراحل. وتفرض إسرائيل حصارا جويا وبحريا وبريا على غزة، منذ سيطرة حركة حماس منتصف عام 2007 على القطاع، بعد صراع مع السلطة الفلسطينية حول نتائج الانتخابات التشريعية. ومنذ 7 أكتوبر تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الثلاثاء 15 ألفا و900 قتيل فلسطيني، وأكثر من 42 ألف جريح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”.
مشاركة :