سلطت النسخة الثالثة من المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية “إيديكس 2023″، الذي تستضيفه القاهرة ويختتم أعماله الخميس، الضوء على أهمية تطوير التصنيع العربي في ظل متغيرات دولية تسببت في ارتفاع أسعار التسليح والذخائر مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، وفتح المجال أمام صراعات إقليمية أكبر في الشرق الأوسط مع طول أمد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ورغم ما حققه التصنيع العربي من تطورات مهمة السنوات الماضية، إلا أنه مازال في حاجة إلى قدر هائل من التطوير والتسويق الذي يجعله ينافس صناعات أخرى في المنطقة، حيث تحظى كل من تركيا وإيران بقدر كبير من الانتشار. ويمكن التعويل على الخطط المستقبلية لتحقيق قدر مهم من الاكتفاء الذاتي من السلاح العربي، مثلما هو الوضع بالنسبة إلى خطط 2030 التي تستهدف فيها السعودية تصنيع 50 في المئة من احتياجات السلاح عبر شركات يشارك فيها القطاع الخاص بشكل كبير. حمدي بخيت: التصنيع المحلي في ظل الأزمات يشكل أهمية قصوى حمدي بخيت: التصنيع المحلي في ظل الأزمات يشكل أهمية قصوى وقدمت القاهرة في معرض “إيديكس 2023” أول فرقاطة بحرية مصرية خالصة عبر مصانع الهيئة العربية للتصنيع تحمل اسم “ميكو إيه 200″، يبلغ طولها 121 متراً وتستطيع الإبحار لمسافة 7200 ميل بحري وسرعتها القصوى 27.5 عقدة بحرية، وتتسلح بمدفع رئيسي ثقيل عيار 127 ملم من طراز ليوناردو، و32 صاروخ دفاع جوي طراز ميكا، و16 صاروخا ومدفعا خفيفا 20 ملم، ومدفعى دفاع جوي صغير وتوربيدات خفيفة وثقيلة، وقذيفتين للأعماق السطحية، وقاربين خفيفين للقوات الخاصة، وإمكانية حمل طائرتي هليكوبتر. وتؤسس الخطوة المصرية الاتجاه نحو تصنيع أسلحة ثقيلة لديها ضوابط تحكمها، ويمكن أن تشكل تحركا لتقليص ميزانيات التعاقد على المعدات الثقيلة، والتي تراجعت في السنوات الثلاث الماضية بعد أن وقعت القاهرة العديد من صفقات التسليح مع دول من الشرق والغرب، أسهمت في تنويع مصادر أسلحتها بشكل كبير منذ عام 2014. ويتفق خبراء عسكريون على أن أسعار الأسلحة تضاعفت مع زيادة الإقبال عليها بسبب تنامي الصراعات والحروب وتمددها، وقد تكون ميزانيات التسليح أمام معضلات توفير مبالغ هائلة لمجاراة التطورات العالمية، ما يدفع نحو ترشيد الاستيراد وتوجيه الأموال لشراء الأسلحة التي تشكل أهمية قصوى لإحداث توازن إستراتيجي. وقال المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية (تابعة للجيش المصري) اللواء نصر سالم إن التصنيع المحلي في مقدمة الخطط التي تشمل الاستيراد من دول صديقة وهناك علاقات شاملة معها ولديها علاقات صداقة مع الحلفاء، مع مراعاة تنويع مصادر التسليح، نهاية بالتصنيع المحلي الذي كان في ذيل الاهتمامات قبل زيادة الاهتمام به جراء تطورات إقليمية متسارعة. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن حرب غزة فرضت على إسرائيل استهلاك كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، ما يجعل هناك حاجة إمداد مستمر لها أثناء القتال وأن الدعم الأميركي يؤكد أن هناك طلبا على الأسلحة، وهناك حاجة ماسة لتتجه الدول المستوردة للسلاح للبحث عن مصادر محلية تسد الاحتياجات المستقبلية، ومصر أدركت خطورة التقلبات الإقليمية ودفعت نحو تحديث مصانعها الحربية. عع وأشار سالم إلى أن تصنيع فرقاطة محلية بشكل كلي والإعلان عن تصنيع الراجمة “رعد” وبعض الأسلحة لأول مرة في معرض “إيديكس” يسهم في تطوير عملية التسويق التي لا تزال تمثل عائقاً أمام تطور الصناعات المحلية، فالدول النامية غير قادرة على تطوير أسلحتها المحلية وتتعرض لانتكاسات، ويصعب الاستمرار في التصنيع والتحديث دون توافر أسواق تستوعب الإنتاج وهو ما أقدمت عليه شركة البصريات التابعة للقوات المسلحة المصرية التي أبرمت اتفاقيات مع دول عدة. وأكد أن الصراعات تخدم شركات السلاح التي تبدو أحيانا سبباً في اندلاع معارك تجعلها أكثر قدرة على الاستمرار، وهو ما أقدمت عليه الولايات المتحدة من قبل في بعض حروبها، كما أن المساعدات غير المحدودة التي تقدمها لإسرائيل تدعم حركة البيع في المنطقة، والتي لم تكن نشطة أثناء الحرب الروسية – الأوكرانية، فهناك دول عربية ترى حاجة كبيرة للحصول على المزيد من الأسلحة خوفا من خروج الحرب عن نطاقها المحدود وتحولها إلى حرب إقليمية. حمدي بخيت: التصنيع المحلي في ظل الأزمات يشكل أهمية قصوى حمدي بخيت: التصنيع المحلي في ظل الأزمات يشكل أهمية قصوى وحسب تصريحات إعلامية لنائب رئيس شركة “جنرال دايناميكس” (أميركية) جيسون أيكن فقطاع المدفعية في وضع أفضل منذ بداية الحرب في غزة، وارتفعت أسهم الشركة بنسبة 9.72 في المئة، كذلك الوضع بالنسبة إلى شركة “لوكهيد مارتن” التي ظلت تسلم طائرات إف – 16 وإف – 35 وصواريخ هيلفاير ومعدات أخرى إلى إسرائيل منذ عقود، فارتفعت أسهمها بنسبة 10.65 في المئة بين بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي وحتى الثلاثين منه. وحققت الشركات الأميركية المدرجة في بورصة تل أبيب أرباحا إضافية بنسبة 83.73 في المئة، منها شركة “أيرودوم غروب” لصناعة الطائرات المسيرة، وشركات أخرى متخصصة في صناعة الدروع الباليستية الخفيفة وتسويق المكونات والرقائق الإلكترونية للصواريخ الموجهة والمعدات العسكرية. وأشار الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت إلى أنه بغضّ النظر عن أسعار السلاح التي تضاعفت فالاحتياج العسكري للدول العربية، وفي القلب منها مصر، يفرض عليها توفر أنواع محددة من الأسلحة مهما كان ثمنها، ولا بد أن تتوفر لدى كل جيش أسلحة بمواصفات معينة، وسوف تصبح الدول العربية في بؤرة الاستهلاك العالمي للسلاح لتحقيق أهداف الردع الإستراتيجي. وذكر في تصريح لـ”العرب” أن الحروب التي تبقى أمام تهديدات وتبعات التمدد والتوسع تخدم شركات السلاح الكبرى، ومع زيادة الطلب تستمر الأسعار في الارتفاع بمعدلات كبيرة مع تقدم التكنولوجيا الخاصة باستخدامها، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الخام التي تستخدم في التصنيع الحربي، ما يضاعف ميزانيات الجيوش العربية ويدفعها نحو اللجوء إلى التصنيع المحلي. وشدد بخيت على أن التصنيع المحلي في ظل الأزمات التي تحيط بالمنطقة العربية يشكل أهمية قصوى، فتضارب المصالح مع الحلفاء يؤدي إلى وجود قاعدة تصنيع حربي يمكن الارتكان إليها عند الحاجة، وتقديم ثلاثة أسلحة جديدة خلال معرض واحد في القاهرة يؤكد حجم التحركات التي تستهدف الاستمرار في تطوير عملية التصنع. وشاركت الهيئة العربية للتصنيع بالقاهرة خلال المعرض بـ45 منتجًا متنوعًا، يضم الذخائر والصواريخ والمُعدات الإلكترونية والطائرات، وقدمت أحدث منتجاتها الدفاعية، ومنها الذخائر الجوية (عائلة حافظ) وهي قنابل حُرة تصل أوزانها حتى ألفي رطل، بقُدرة اختراق للخرسانة المسلحة حتى 180 سم، وتم إنتاجها بالتعاون مع القوات الجوية المصرية. ويوجد مركز القيادة والسيطرة الآلي المتحرك مُتعدد المهام للسيطرة على أعمال قتال القوات وتأمين المجال الجوي والحدود والمُنشآت المهمة، والمركز من تصميم وتصنيع مصري بنسبة مئة في المئة، كما دشنت منظومة جديدة لمجابهة الطائرات المُسّيرة والإعاقة الإلكترونية، وإنتاج جهاز مجابهة الطائرات المُسّيرة لتأمين القطع البحرية على مديات مختلفة، وأجهزة استطلاع وإعاقة لاسلكية بترددات متباينة. ثث وأوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية في القاهرة اللواء عادل العمدة أن وجود عدد متزايد من الدول التي شاركت في المعرض المصري هذا العام، وعددها 22 دولة، يؤشر على أن هناك زخما حول تصدير السلاح وتصنيعه، ما يضاعف من صعوبة المنافسة مع أطراف إقليمية، كما أن وجود أكثر من 400 شركة منتجة للسلاح يبرهن على أن القاهرة تمضي على طريق تدشين سمعة طيبة لها عالميًا في سوق السلاح، يمكن أن تجذب هذه الشركات للتعاون مع نظيرتها المصرية. ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن استخدام السلاح في آخر مراحل الحلول الدبلوماسية، وإن فشلت في تحقيق الأهداف الإستراتيجية فذلك يعني أن العمل العسكري أمر واقع، وفي ظل التعقيدات والتحديات الراهنة من المهم أن تتوافر لدى مصر مقومات القوة لفرض التوازن الإستراتيجي وتعديل ما هو مطلوب من اتفاقيات بما يحافظ على الأمن القومي. ووفقا لتقرير صدر أخيراً عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وتناول أكبر مئة شركة سلاح في العالم، تبين أن مبيعات الأسلحة ازدهرت خلال السنوات الماضية، لكن هذا المنحى التصاعدي توقف العام الماضي، وتشير توقعات إلى أن ذلك لفترة مؤقتة، وخلص التقرير إلى أن هذه الشركات حققت ما يقرب من 600 مليار دولار من مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية. وحذر رئيس اللجنة العسكرية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأدميرال روب باور منذ ثلاثة أشهر من أن زيادة حجم الإنفاق الدفاعي لن يؤدي بالضرورة إلى تعزيز الأمن بسبب الارتفاع الحاد في الأسلحة والذخائر، ودعا القطاع الخاص إلى المزيد من الاستثمار في مجال الدفاع لزيادة الطاقة الإنتاجية.
مشاركة :