عشية دخول الحرب غير المسبوقة بين إسرائيل وحركة حماس شهرها الثالث، توقع المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي قتالاً صعباً في مرحلة ثانية من الحرب الوحشية التي تسببت في مقتل نحو 19 ألف فلسطيني وتشريد 1.7 مليون نسمة، في حين أشارت تقديرات خبراء إلى أن نتائج معركة مدينة خان يونس، التي يعتقد أن زعيم الحركة يحيى السنوار وأغلب مقاتليها يختبئون في أنفاق تحت أرضها بجنوب غزة ستحسم مصير القطاع، وتضع سقفاً لأهداف حكومة بنيامين نتنياهو. جاء ذلك مع توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته في خان يونس، أمس، وشهدت المدينة التي توصف بالمعقل الرئيسي الأخير للحركة جنوب القطاع معارك ضارية وحرب شوارع. ومع ورود تقارير عن نزوح نحو 30 في المئة من سكان خان يونس التي يقطنها 400 ألف نسمة باتجاه مدينة رفح الفلسطينية الحدودية مع مصر، أفادت تقارير بأن وفداً إسرائيلياً وصل إلى القاهرة لطمأنتها بشأن العمليات في الجنوب، إذ تتخوف السلطات المصرية من دفع الفلسطينيين باتجاه سيناء، هرباً من المعارك وطلباً للمأوى في ظل افتقار القطاع المحاصر للإمدادات الأساسية من المياه والطعام والدواء. وفي حين حذرت منظمات تابعة للأمم المتحدة من سيناريو أكثر رعباً للمدنيين جراء احتدام القتال بغزة، أفادت أوساط أميركية وعبرية بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترغب في انتهاء المرحلة النشيطة من القتال في غضون شهر، وتحدثت عن انفتاح دول عربية، على مقترحات سابقة بإرسال قوات إلى القطاع الفلسطيني لاستعادة الاستقرار في مرحلة «ما بعد حماس». وفي تفاصيل الخبر: في وقت أتمّت الحرب غير المسبوقة بين إسرائيل وحركة حماس شهرها الثاني، أمس، شهدت مدينة خان يونس التي يعتقد أن زعيم الحركة الإسلامية يحيى السنوار وأغلب مقاتليها يختبئون في أنفاق تحت أرضها بجنوب قطاع غزة المحاصر معارك ضارية والتحامات مباشرة بين عناصر الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، في حين توقع المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي قتالاً صعباً في مرحلة ثانية من الحرب الوحشية على المنطقة المحاصرة. وأضاف ليفي في إفادة للصحافيين: «نمضي قدماً في المرحلة الثانية الآن. إنها مرحلة ستكون صعبة عسكرياً». ومع ورود تقارير عن نزوح نحو 30 في المئة من سكان خان يونس باتجاه مدينة رفح الفلسطينية الحدودية مع مصر، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة من افتقاد المناطق التي دعا الجيش الإسرائيليين الفلسطينيين للتوجه لها، إلى مقومات الحياة والأمن، زعم المتحدث الإسرائيلي أن حكومته منفتحة على أي «رأي إيجابي» بخصوص خفض الضرر الواقع على المدنيين، «ما دامت النصيحة متسقة مع هدفها لتدمير حماس». ورداً على تقرير بشأن خطة إسرائيلية مثيرة للجدل تهدف إلى إغراق أنفاق غزة بمياه البحر لإجبار عناصر «حماس» على الخروج من الأنفاق بصحبة المحتجزين الإسرائيليين وعددهم نحو 137، اكتفى المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية بالقول: «الجيش يتخذ مجموعة من الإجراءات الهندسية». ووسط توقعات بمعركة حاسمة ومقاومة أشد في خان يونس مقارنة بما واجهه الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة عاصمة شمال القطاع الذي يحمل الاسم نفسه، لفت محللون إلى أن الدولة العبرية تهدف إلى إجبار «حماس» على الخروج من خان يونس، عاصمة الجنوب، مع تعزيز السيطرة الإسرائيلية على مدينة غزة، التي كانت المركز الرئيسي لسلطة الحركة الإسلامية العسكرية والحكمية. وفي حال خسرت «حماس» خان يونس، قد ينتهي الأمر بمقاتليها الباقين على قيد الحياة في مناطق صغيرة في وسط القطاع وبالقرب من الحدود المصرية، محاطين بالقوات الإسرائيلية. وقد تحدد نتائج معركة خان يونس سقف وطموحات حكومة الحرب الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو من العملية العسكرية المدمرة التي تسببت بمقتل نحو 16 ألفاً وجرح ما يزيد على 40 ألفاً، فضلاً عن تشريد 1.7 مليون نسمة داخل القطاع المكتظ بـ 2.3 مليون نسمة. وفي حين تراهن «حماس» على صمود عناصرها بحرب شوارع واستنزاف، حذرت أوساط عبرية من ضيق الوقت المتاح لإتمام أهداف معركة خان يونس مقارنة مع ما تم إنجازه في معركة مدينة غزة، في حين تحدثت تقارير عن أن إدارة الرئيس الأميركي ترغب في إنهاء المرحلة النشيطة من المعركة في غضون شهر. ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته في خان يونس، فيما ذكرت «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حماس» أن مقاتليها استهدفوا ما مجموعه 16 آلية عسكرية للاحتلال بقذائف شرق المدينة، فيما وصلت 45 جثة لمستشفى ناصر بأكبر مركز حضري جنوب القطاع الساحلي. وتصدت عناصر حركتي «حماس» و«الجهاد» للقوات الإسرائيلية على عدة محاور بشمال القطاع، فيما أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 9 من عناصره في معارك بمناطق الشمال تركزت قرب مخيم جباليا والشجاعية، وهو ما رفع حصيلة قتلاه منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر الماضي إلى 81، وإلى 506 منذ السابع من الشهر نفسه، عندما شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية. وتزامن ذلك مع شن الطيران الحربي الإسرائيلي لسلسلة غارات كثيفة على عموم مناطق القطاع، حيث أفادت وزارة الصحة بأن 45 قتيلاً وصولاً إلى مستشفى ناصر في خان يونس أمس. وأطلقت الفصائل رشقات صاروخية على عدة مستوطنات بغلاف غزة واستهدفت مدينة بئر السبع وتل أبيب برشقة صاروخية. مستقبل القطاع ومع تزايد حالة الضبابية بشأن تطورات الأزمة التي تهدد بجر «حزب الله» اللبناني لحرب مدمرة وبإطلاق موجة نزوح باتجاه سيناء المصرية حيث تخشى القاهرة من انتقال الصراع إلى أراضيها، أفادت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، أمس الأول، بأن دولاً عربية، لم تسمها، أبدت انفتاحاً أكبر من ذي قبل على إمكانية إرسال قوات إلى القطاع الفلسطيني بعد انتهاء الحرب، في إطار خطة متعددة المراحل يعكف مسؤولو إدارة الرئيس جو بايدن على صياغتها لمرحلة ما بعد «اسقاط حكم حماس»، والتي تتصور سيطرة السلطة الفلسطينية المتجددة في نهاية المطاف على القطاع، وهو ما ينظر إليه المسؤولون الأميركيون باعتباره أفضل الخيارات السيئة. وبحسب التقرير يقود عملية التخطيط المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك ويساعده تيري وولف. وتشير الصحيفة إلى أنه رغم إعلان بايدن نفسه ووزير الخارجية أنتوني بلينكن أن السلطة الفلسطينية «المعاد تنشيطها» يجب أن تدير القطاع، فإنهم لم يكشفوا عن تفاصيل كيفية تحقيق ذلك، لكنهم واجهوا بالفعل مقاومة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي استبعد فعلياً أي دور مستقبلي للسلطة في غزة. ورداً على طلب للتعليق من الحكومة الإسرائيلية، قال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته: «تتفق الإدارتان على أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا يمكنها أن تحكم غزة»، مضيفاً: «قد يكون الشخص الذي تم تنشيطه وإصلاحه قادراً على القيام بذلك، لكننا لم نجر بعد مناقشات حول الشكل الذي يجب أن يبدو عليه هذا الإصلاح بالضبط». وليس من الواضح ما هو مستوى التغيير في السلطة الفلسطينية الذي قد يرضي نتنياهو أو حلفاءه السياسيين خصوصاً أنه لطالما اتُهم زعيم الليكود بمحاولة تقويض السلطة الفلسطينية عمداً كوسيلة لتجنب إنشاء دولة فلسطينية. ويلفت التقرير إلى أن الرؤية الواسعة التي انبثقت عن المحادثات الداخلية هي إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء القتال العنيف، وستكون هناك حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة الفلسطينية لمرحلة مؤقتة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى إدارة القطاع على المدى الطويل. يذكر أن الأجزاء الرئيسية من الخطة تشمل زيادة المساعدات الأميركية المتعلقة بالأمن لوزارة الخارجية للسلطة الفلسطينية والسماح بدور أكبر للمنسق الأمني الأميركي، الذي يتمتع بسجل حافل في تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية. ويقول مسؤول كبير في إدارة بايدن: «في النهاية، نريد أن يكون لدينا هيكل أمني فلسطيني في غزة بعد الصراع»، مضيفاً أنه بينما بدت الدول العربية مترددة أو غير راغبة تماماً في إرسال قوات إلى غزة، بدا البعض في المحادثات الأخيرة أكثر انفتاحاً، فيما استبعدت إدارة بايدن إرسال قوات أميركية. وإحدى الأفكار التي تم تداولها هي مطالبة الإمارات بالمساعدة في إعادة بناء المرافق الصحية أو تدريب موظفي الخدمة المدنية، وقال مسؤول أميركي آخر إن الأمم المتحدة يمكن أن تؤدي دوراً في مرحلة ما بعد الحرب على الجبهة الإنسانية رغم أن الحكومة الإسرائيلية ليست من محبي المنظمة الدولية، وتعتبرها متحيزة. ومن المرجح أن تلعب مصر المجاورة دوراً رئيسياً في غزة ما بعد الحرب وقد تردد اقتراح الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود أمني دولي مؤقت، في دوائر إدارة بايدن. وأشار المسؤول الكبير في إدارة بايدن إلى أن «المجهول الكبير هو بالضبط ما الذي سيبقى من حماس في غزة، وحتى لو كانت أعداد الجماعة منخفضة، فإن احتفاظهم بالأسلحة يمكن أن يغير بشكل كبير حسابات الدول التي تفكر في إرسال قوات». ورغم أن المفتاح إلى إقناع العديد من الزعماء العرب بالتخطيط الجاد لمرحلة ما بعد الحرب هو إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل وهو الهدف النهائي لهذا العمل بحسب المسؤول الأميركي، فإنه أشار إلى أن التركيز حالياً ينصب على استعادة الاستقرار في غزة. إغراق الأنفاق إلى ذلك، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن إسرائيل قامت بتجميع نظام يضم خمس مضخات كبيرة على الأقل يمكن استخدامها لإغراق شبكة أنفاق «حماس» الواسعة تحت القطاع بمياه البحر، ونقلت عن مسؤولين أميركيين تحذيرهم من أن هذا التكتيك يمكن أن يدمر الأنفاق ويطرد المقاتلين من ملجئهم تحت الأرض لكنه يهدد إمدادات المياه في غزة وقد يفاقم الأزمة الإنسانية والبيئية. وبحسب التقرير جمع الجيش الإسرائيلي المضخات على بعد ميل تقريباً شمال مخيم الشاطئ للاجئين ويمكن لكل مضخة سحب المياه من البحر المتوسط ونقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه، مما يؤدي إلى إغراق الأنفاق في غضون أسابيع. وقال المسؤولون، إن الدولة العبرية أبلغت الولايات المتحدة بالخطة أوائل الشهر الماضي، مما أدى إلى مناقشة تزن جدواها وتأثيرها على البيئة مقابل القيمة العسكرية لتعطيل الأنفاق. وليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستفكر في استخدام المضخات قبل إطلاق سراح جميع الرهائن من غزة. وبحسب التقرير حدد الإسرائيليون حوالي 800 نفق حتى الآن، رغم اعترافهم بأن الشبكة أكبر من ذلك.
مشاركة :