الرياض/دبي - قال مصدران مطلعان إن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على هجمات جماعة الحوثي باليمن على سفن في البحر الأحمر، حيث أحدثت الحرب الإسرائيلية في غزة اختلالا في التوازن الأمني في البحر الأحمر، الأمر الذي يشكل خطرا على مصالح السعودية واقتصادها الذي يتجه نحو التنويع. ويعد الاستقرار في منطقة البحر الأحمر أمرا بالغ الأهمية لعدد كبير من مشاريع "رؤية 2030" بما في ذلك مدينة "نيوم" شمال غرب منطقة تبوك، بالإضافة إلى المشروع الإنمائي السياحي "البحر الأحمر الدولية". وتكتسي محطة ينبع أهمية بالغة للاقتصاد النفطي التقليدي في السعودية بوصفها بديلًا عن مضيق هرمز. لكن كل هذه المشاريع باتت مهددة في حال قررت واشنطن الرد بقوة على تدخل الحوثيين المتحالفين مع إيران في الصراع الذي امتد في أنحاء الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول، حيث هاجموا على سفن في الممرات ملاحية حيوية وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل نفسها. وتقول الجماعة التي تحكم معظم مناطق اليمن إن هجماتها تهدف لإظهار الدعم للفلسطينيين، وتعهدت بمواصلتها حتى توقف إسرائيل هجومها على قطاع غزة الذي يبعد بأكثر من ألف ميل عن مقر سلطتهم في صنعاء، لكن العديد من المراقبين يقولون أن الحوثيون يريدون تأكيد حضورهم في المنطقة عبر هذه الهجمات. والحوثيون ضمن عدة جماعات في "محور المقاومة" المتحالف مع إيران والذي يهاجم أهدافا إسرائيلية وأميركية منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما أطلقت حركة حماس شرارة الحرب بمهاجمة إسرائيل. وزاد دورهم من مخاطر اتساع نطاق الصراع على المستوى الإقليمي، إذ يهدد ممرات بحرية يمر عبرها جزء كبير من تجارة النفط العالمية، ويثير قلق الدول المطلة على البحر الأحمر مع تحليق الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية باتجاه إسرائيل. وتراقب الرياض أكبر مُصدر للنفط في العالم، بقلق إطلاق صواريخ الحوثيين فوق أراضيها. ومع تصعيد الحوثيين لهجماتهم على السفن خلال الأسابيع الماضية، قال مصدران مطلعان على نهج التفكير السعودي إن رسالة ضبط النفس التي وجهتها الرياض إلى واشنطن تهدف إلى تجنب المزيد من التصعيد. وأضافا أن الرياض راضية حتى الآن عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الوضع. وقال أحد المصدرين "ضغطوا على الأميركيين في هذا الصدد ولماذا يجب وقف الصراع في غزة". وبينما تضغط السعودية من أجل وقف إطلاق النار لإنهاء "الحرب الوحشية" في غزة، فإن دبلوماسيتها تعكس سياسة أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي بعد سنوات من المواجهة مع إيران وحلفائها. وفي ظل تركيزها على توسيع وتنويع الاقتصاد، قامت الرياض هذا العام بتطبيع العلاقات مع طهران وتسعى للخروج من الحرب التي تشنها ضد الحوثيين في اليمن منذ ما يقرب من تسع سنوات. وقالت المصادر إن السعودية تسعى إلى دفع عملية السلام في اليمن على الرغم من اشتعال الحرب في غزة خشية امتدادها إلى هناك. وحظي اليمن بهدوء نسبي لأكثر من عام في ظل محادثات السلام المباشرة بين السعودية والمسؤولين الحوثيين. وعززت هجمات الحوثيين خلال الحرب بين حماس وإسرائيل من مكانتهم في المحور المتحالف مع إيران والذي يضم أيضا حماس وجماعة حزب الله اللبنانية وجماعات مسلحة مدعومة من إيران في العراق. وبرز الحوثيون كقوة عسكرية رئيسية في شبه الجزيرة العربية يتبعها عشرات الآلاف من المقاتلين وتمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المسلحة. وقالت مصادر بارزة إن المحور المتحالف مع إيران أبلغ رويترز أن هجمات الحوثيين كانت جزءا من محاولة للضغط على واشنطن لدفع إسرائيل إلى وقف هجومها على غزة، وهو هدف مشترك لإيران والسعودية وبلدان أخرى في المنطقة. وذكر أحد المصادر، يتخذ من طهران مقرا أن ممثلين عن الحوثيين ناقشوا هجماتهم مع مسؤولين إيرانيين خلال اجتماع في طهران في نوفمبر/ تشرين الثاني واتفقوا على تنفيذ خطوات على نحو "محكوم" تساعد إنهاء الحرب في غزة. واُطلع المصدر على الأمر. وقال مصدر آخر إن طهران لا تسعى إلى "حرب شاملة في المنطقة"، قد تنجر مباشرة لها. وتنفي إيران ضلوعها في الهجمات. ونددت الولايات المتحدة وبريطانيا بالهجمات على السفن، واتهمتا إيران بسبب دعمها للحوثيين. وتقول طهران إن حلفاءها يتخذون قراراتهم على نحو مستقل. وفي واحد من أحدث الهجمات، تعرضت ثلاث سفن تجارية لهجوم في المياه الدولية الأحد. وقال الحوثيون إنهم استهدفوا ما قالوا إنهما سفينتان إسرائيليتان. ونفت إسرائيل صلتها بالسفينتين. وأسقطت المدمرة كارني التي تنتمي للبحرية الأميركية ثلاث طائرات مسيرة إذ استجابت لنداءات استغاثة من السفن التي قال الجيش الأميركي إنها على صلة بأربع عشرة دولة. وقالت وزارة الدفاع الأميركية الاثنين إن كارني ردت لأن طائرة مسيرة كانت متجهة نحوها، لكنها لم تتيقن إن كانت السفينة الحربية هي الهدف المقصود. وأحجمت سابرينا سينغ، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، عن استخدام كلمات قد توحي بأي رد أميركي وشيك ضد الحوثيين. وردا على سؤال بخصوص ما إن كانت الولايات المتحدة قد ترد قالت سينغ "إذا قررنا التحرك ضد الحوثيين فسوف يكون ذلك بالطبع في وقت ومكان من اختيارنا". وأفاد دبلوماسي إيراني إن طهران وواشنطن تبادلا رسائل عبر وسطاء بخصوص الهجمات الحوثية منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل. وقال الدبلوماسي الذي شارك في تبادل الرسائل إن الجانبين ناشدا بضبط النفس. ونفت إيران الثلاثاء أي دور لها في الهجمات أو التحركات ضد القوات الأميركية.
مشاركة :