عبّر الكاتب فهد بن أحمد الصالح عمّا يختلج في فؤاده بعد رحيل المربي والناشط في المجال الخيري عبدالرحمن العبدالله الصالح، واصفاً الفقد بالألم العميق الذي لن يمحوه سوى مآثر الفقيد وأثره الطيب بين الناس. وقال "الصالح": لكل وداع ألم ولو اختلفت درجاته، ولكل فراق لوعة ولو اختلفت عبراته، وبعض الوداع الأبدي فيه دروس وعبر ورسائل لم يُكتب للبعض قراءتها في حياة الإنسان قبل وداعه الأخير بالصورة الواضحة وناصعة البياض؛ لأنها تأتي في حياته سريعة ورُبما عفوية ومتكررة أو معتادة لبعض الرجال حتى أصبحت مألوفة منهم، كذلك هم بعض الأحبة في حياتنا نراهم كغيرهم ولكنهم يفوقون غيرهم في مماتهم ونرى أن الحياة بهم مكتملة ومن غيرهم ناقصة وقد تكون بهم حلوه ومن غيرهم مرة أو ليست حلوة ولا مذاق لها. وأضاف: بعض الفضلاء ترى تكوينهم كمجموعة في فرد وقد يكتب الله لك التوفيق ويمنحك دقة النظر بمعرفتهم في حياتهم والقرب منهم والاقتداء بهم وبما تعلمه عن مقدار النفع الذي قدموه لكل الناس والأثر الإيجابي لهم في حياتهم والذي سيستمر بعد وفاتهم لأن درجة الإيثار كانت لديهم مرتفعة وكذلك رغبتهم في توارث مكارم الأخلاق التي تنهض بالأجيال وتطور المجتمعات وتبني الأمم، ذلك كله كان كشاهد العيان بعد صلاة الجمعة الموافق 10 جمادى الأولى من عام 1445 للهجرة "يوم الصلاة على صديق الفقراء". وأردف الكاتب فهد الصالح: "تحقق في وفاة الأخ والصديق وابن العم والمربي عبدالرحمن العبدالله الصالح رسائل لن يمحوها الزمن الذي بقي لنا بعده (والحديث بلغة الجميع لأنه فقيد الجميع)، وفي التعازي المعتادة للأموات كان المصلون والمشيعون يقولون لأهل الميت: (أحسن الله عزاءكم وعظم الله أجركم وجبر الله مصابكم ورحم الله فقيدكم)، ولكن في الغالي "أبوعبدالله" يقولون: (أحسن الله عزاءنا وعزاءكم وعظم الله أجرنا وأجركم وجبر مصابنا ومصابكم ورحم الله فقيدنا وفقيدكم)، وهذا فعلاً حُب صادق نطق به الجميع ولم يرتب له ولكنه صدق الشعور الذي أنطق الناس به له -رحمه الله- وهي وقفة محبة صادقة في يوم وفاته الفاجع والمؤلم والحزين. وتابع: في وداع الغالي "أبو عبدالله" -رحمه الله- تجد مُسنًا من جنسية عربية يبكي بحرقة عليه ويقول: هو الذي كان يجمع له تكاليف جلسات الغسيل الكلوي لثلاث مرات أسبوعياً، وآخر من جنسية أخرى في محل تجاري يثني عليه وعلى حسن تعامله معكل الناس بحب ولطف، ويؤكد أن له مبادرات في السداد عن المحتاجين، وهذا شيخ من أهل الحاجات يبكي ويقول: "غادر من يسأل عنا وتركنا لله"، ورابع وخامس إلى آخر المشيعين وجميعهم يحمل ذكرى طيبة معه لن ينساها له. واختتم "الصالح" بالقول: يعظم الحزن بعظم الفقيد، ويعظم الفقيد بعظم الأثر الذي يتركه في الناس، ويساورك الشك وإن بلغ عندك التفاؤل أقصى درجاته أن بعض الرجال يصعب تكرارهم وعبدالرحمن العبدالله الصالح قلّ أن تجد مثله وقلّ تكراره، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عنا بخير ما يجازى به أهل الفضل والمعروف والإحسان.
مشاركة :