في حرب غزة... حتى إحصاء الضحايا أصبح عسيراً

  • 12/7/2023
  • 20:45
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شنت القوات الإسرائيلية، حملة جوية وبرية مُدمرة على حركة «حماس» في قطاع غزة، رداً على هجوم السابع من أكتوبر الماضي، على جنوب الدولة العبرية، والذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، وفق التقديرات الإسرائيلية.وتشير أرقام وزارة الصحة في قطاع غزة، إلى أن الحملة التدميرية والدموية الإسرائيلية، أودت بحياة 17177 فلسطينياً على الأقل، حتى ظهر أمس، بينما تحذر وكالات إغاثة من أن الكارثة الإنسانية تتفاقم كل ساعة مع تشرد معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ومحاصرتهم في جيب ساحلي ضيق مع القليل من الغذاء والماء والرعاية الطبية والوقود والمأوى الآمن. معادلة أميركية - إسرائيلية... خطوات إنسانية مقابل الوقت للقضاء على «حماس» منذ ساعة غوتيريش يلجأ إلى «المادة 99» في وجه إسرائيل منذ ساعة ويتزايد القلق من احتمال عجز السلطات الصحية في غزة عن مواصلة الإحصاء الدقيق للضحايا مع تدمير البنية التحتية الأساسية وتكرار تعطل خدمات الهاتف والإنترنت ومقتل أو اختفاء عدد من القائمين على هذه العملية.جمع الحصيلةفي الأسابيع الستة الأولى من الحرب، أرسلت مشارح المستشفيات في أنحاء غزة الأرقام إلى مركز الإحصاء الرئيسي التابع لوزارة الصحة التي تديرها «حماس» في مستشفى الشفاء. واستخدم المسؤولون برنامج «إكسل» في تسجيل أسماء القتلى وأعمارهم وأرقام بطاقات هوياتهم ونقلوا ذلك إلى وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله.لكن عمر حسين علي، مدير مركز عمليات الطوارئ التابع للوزارة في رام الله، قال إن من بين المسؤولين الأربعة الذين يديرون مركز بيانات الشفاء، توفي أحدهم في غارة جوية أصابت المستشفى، بينما لا يُعرف مصير الثلاثة الآخرين حين استولت القوات الإسرائيلية على المبنى، بحجة أنه مخبأ لـ «حماس».وقال هاميت داردوغان، مؤسس ومدير مشروع ضحايا حرب العراق، الذي أنشئ أثناء الغزو والاحتلال الأميركي «ذاك النوع من تسجيل الضحايا المطلوب لفهم ما يجري أصبح أكثر صعوبة. فالبنية التحتية للمعلومات والأنظمة الصحية تتعرض لتدمير ممنهج».ومع انهيار الهدنة التي استمرت أسبوعاً واحداً في الأول من ديسمبر الجاري، أصبح تحديث الحصيلة الذي كان يصدر يومياً بشكل عام، غير منتظم.وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، الثلاثاء إن الخدمات الصحية في غزة في حالة يرثى لها، بعد قتل القوات الإسرائيلية لأكثر من 250 موظفاً واعتقالها 30 على الأقل.هل أرقام الضحايا المعلنة شاملة؟جواب الخبراء لـ «رويترز» على هذا السؤال كان بالنفي.وقال ناطق باسم وكالة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة «يشير رصدنا إلى أن الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة قد تكون أقل من الواقع لأنها لا تشمل القتلى الذين لم يصلوا إلى المستشفيات أو من يُحتمل وجودهم تحت الأنقاض».وذكر ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة في جامعة ييل الذي عمل في إحصاء قتلى الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية أكثر من 20 عاماً «إنه افتراض منطقي أن الأعداد المسجلة أقل من الواقع، ومنخفضة».وجاء في تقرير للسلطة صادر في 26 أكتوبر، أن ألف جثة على الأقل لا يمكن انتشالها أو نقلها إلى المشارح، نقلاً عن عائلات أجرى موظفو السلطة مقابلات معها وهو مثال واضح لتأثير الحرب «على جمع البيانات والإبلاغ عنها»، حسب ما جاء في تقرير لمجلة «لانسيت».وصرحت الكيلة، الثلاثاء، بأن عدد الجثث التي يخشى أنها مطمورة تحت الأنقاض يصل الآن إلى الآلاف، وإن الدمار لحق بجزء كبير من معدات الحفر التابعة لقوات الدفاع المدني في غزة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية.مصداقية أرقام الخسائر البشريةأبلغ خبراء في الصحة العامة، «رويترز»، أن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية جيدة، من إحصاء عام 2017 وعمليات مسح أحدث للأمم المتحدة وأنظمة معلومات صحية سلسة وأفضل من معظم دول الشرق الأوسط.وقالت أونا كامبل، الأستاذة في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، إن السلطات الصحية الفلسطينية تتمتع بمصداقية راسخة في أساليبها للحفاظ على الإحصاءات الأساسية وتتبع الوفيات بشكل عام، وليس فقط في أوقات الحرب. وتعتمد عليها وكالات الأمم المتحدة.وتابع ريموند من جامعة ييل «قدرات جمع البيانات الفلسطينية احترافية وكثيرون من موظفي الوزارة تدربوا في الولايات المتحدة. وهم يعملون بجد لضمان الدقة الإحصائية».في 26 أكتوبر، نشرت وزارة الصحة الفلسطينية تقريراً مؤلفاً من 212 صفحة تضمن أسماء وأعمار وأرقام هويات 7028 فلسطينياً سجلتهم كشهداء جراء ضربات جوية، بعد أن شكك الرئيس الأميركي جو بايدن في أعداد القتلى.وحللت كامبل وأكاديميان آخران البيانات الواردة في تقرير «لانسيت» الطبية في 26 نوفمبر، وخلصوا إلى أنه ليس هناك سبب واضح للشك في صحتها.وكتب الباحثون «نرى أن من غير المعقول أن هذه الأنماط (لمعدلات الوفيات) مستقاة من بيانات ملفقة».ولم تصدر وزارة الصحة التابعة للسلطة تقريراً مفصلاً مماثلاً منذئذ في تجل لضعف الاتصالات مع غزة.ماذا تدّعي إسرائيل؟وصرح مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحافيين، يوم الاثنين، بأن نحو ثلث القتلى في غزة حتى الآن، ممن وصفهم بالمقاتلين الأعداء، مقدراً عددهم بأقل من 10 آلاف لكن أكثر من 5 آلاف من دون أن يقدم تفاصيل عن مسوغات لتقديره.وتفيد جماعات لحقوق الإنسان وباحثون بأن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين ناجم عن استخدام أسلحة ثقيلة تتضمن القنابل «الخارقة للتحصينات» التي تستهدف تدمير شبكة أنفاق «حماس» الإستراتيجية والضربات الجوية لمناطق سكنية تدعي إسرائيل أن الحركة الإسلامية تخبئ فيها قواعد لمقاتليها ومنصات إطلاق صواريخ وأسلحة داخل المباني السكنية والمستشفيات وأسفلها.نسبة الأطفال بين القتلىتعرف الأمم المتحدة والقانون الإسرائيلي والفلسطيني، الطفل بأنه الشخص الذي يقل عمره عن 18 عاماً، رغم أن بعض مقاتلي «حماس» يُعتقد بأنهم في هذه الفئة العمرية.ويُقدر بان أكثر من 70 في المئة من الشهداء من النساء، والأطفال دون 18 عاماً.وجاء في تقرير «لانسيت»، أن بيانات تقرير وزارة الصحة الفلسطينية أظهرت أن 11.5 في المئة من الوفيات التي سجلتها في الفترة من السابع إلى 26 أكتوبر، كانت لأطفال لا تزيد أعمارهم على أربع سنوات، وأن 11.5 في المئة تراوحت أعمارهم بين خمس وتسع سنوات، و10.7 في المئة أعمارهم بين عشرة و14 عاماً و9.1 في المئة بين 15 و19 عاماً.وأورد التقرير «هناك ارتفاع واضح بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و34 عاماً، في ما قد يمثل مقاتلين أو تعرض المدنيين»، مثل المسعفين في مواقع القصف والصحافيين والأشخاص الذين يخرجون لجلب الماء والغذاء لعائلاتهم.إحصاء القتلى وخسائر الحرب!قال ريتشارد بيبركورن، مبعوث منظمة الصحة العالمية إلى غزة، الثلاثاء، إن المرحلة الجديدة من الهجوم الإسرائيلي التي تمتد إلى النصف الجنوبي من قطاع غزة اعتباراً من الأول من ديسمبر، زادت من تراجع القدرة على جمع بيانات موثوق بها عن عدد القتلى.وأضاف «مثلما نعلم جميعا، نحصل عادة على (البيانات) من وزارة الصحة، ومنذ أيام اعتمد الأمر أكثر على التقديرات، وأصبح الأمر أكثر صعوبة».وأفاد خبراء بأن من المؤشرات المروعة الأخرى لخسائر الحرب، أنه أصبح من المستحيل تقريباً أن تعمل مجموعة من التكنوقراط في مجال الصحة تتمتع بالكفاءة سابقاً.وقال ريموند من جامعة ييل «إنها علامة رهيبة حين نصل إلى نقطة، كما هو حال السودان حيث لا يكون هناك حتى تسجيل للوفيات. وهذا في حد ذاته يبدو لنا كعمال إغاثة، الاحتمال الأسوأ».

مشاركة :