حظي قرار سمو ولي العهد بتأييد شعبي كبير، وفسّر كثير من المواطنين صدوره بسبب ما نُشر من تعيينات ومناقلات تمت بالواسطة والمحسوبية، خصوصاً في جهات حكومية قيادية أو مميزة مالياً. لكنْ، هناك فريق من نواب وناشطين لم يقروا بوجود هذه التجاوزات، وآخرون أقروا بوجودها، غير أن بعضاً من هذين الفريقين اعترض على صحة ذلك القرار دستورياً، ولست بصدد مناقشة دستورية هذا الإجراء إلى أن يتم الفصل فيه من جانب المتخصصين أو المحكمة الدستورية. لكن الجدير بالإشارة إليه، هو أن بعض الذين يعترضون اليوم كانت لهم ممارسات مُجمَعٌ على عدم دستوريتها في السابق. فهل نسوا فضيحة الباركود؟ وهل نسوا المخالفات الدستورية واللائحية بالفوضى التي أحدثوها في الجلسات؟ وهل نسوا الاستجوابات غير الدستورية واعتبارها بطولة بتوافق وتأليب من الحسابات الوهمية والمسيئة؟ وهل نسوا إعلان استجواب صباح الخالد قبل أدائه القسم؟ وهل نسوا استجواب حمد جابر العلي بعد القسم بساعتين فقط؟ هل نسوا إساءاتهم القبيحة وحساباتهم الوهمية لكل من اعترض على مخالفاتهم الدستورية؟ وهل كانوا يجهلون الأحكام الدستورية الصحيحة للتعامل مع أي مخالفة سواء كانت من رئيس مجلس الأمة أو من رئيس الوزراء فأصبحوا الآن خبراء دستوريين يفتون في قرار ولي العهد؟ يقدح في مواقف التجمعات والمدونين والسياسيين عموماً أن يعيبوا على بعض المواقف السياسية التي قام بها غيرهم ثم يقوموا باتخاذ نفس المواقف في فترة لاحقة، فمثلاً، لا يحق للسياسي أن يعطي ظهره ويسيء لاستجواب النائب مهلهل وبعد فترة يقوم بالصراخ على التعيينات البراشوتية والاعتراض على عدم الرد على الأسئلة. لا يليق بالسياسي أن يتبنى موقفاً مخالفاً للدستور ثم يفاجِئ الجميع بهجومه على غيره بسبب مخالفة كان يمارس مثلها في السابق، وأكثر ما يجرح عدالة السياسي أو التجمع أو النائب هو احتجاجه بالدستور عندما يكون في مصلحته ومخالفته للدستور متى ما أراد أو أملت عليه مصلحته. على المراقب والناخب أن يعي هذه التناقضات لأنها تكشف عن حقيقة كثير من مدعي الإصلاح.
مشاركة :