استقرت أسعار النفط مع تراجعها في أواخر تعاملات الأسبوع عن معظم خسائرها الأولية بعد بيانات أظهرت هبوطا جديدا في عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة، لكن محللين ومتعاملين قالوا إن السوق قد تشهد موجة مبيعات أخرى الأسبوع القادم إذا سجلت مخزونات الخام الأمريكية مستوى قياسيا مرتفعا جديدا. وبحسب "رويترز"، فقد هبطت في وقت سابق من يوم أمس عقود الخام الأمريكي 4 في المائة، وتراجع خام برنت عن مستوى 40 دولارا للبرميل مع استمرار التأثير السلبي لتقرير حكومي أظهر أن مخزونات النفط الأمريكية سجلت الأسبوع الماضي قفزة بلغت ثلاثة أضعاف توقعات السوق. لكن بيانات صدرت في وقت لاحق من شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية تظهر أن شركات الطاقة الأمريكية أوقفت تشغيل 15 حفارا نفطيا هذا الأسبوع، عزز الأجواء في سوق النفط. ويبلغ إجمالي عدد الحفارات النفطية الأمريكية قيد التشغيل الآن 372، وهو الأدنى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2009. وأنهت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط لأقرب استحقاق جلسة التداول في بورصة نايمكس منخفضة 33 سنتا أو ما يعادل 0.65 في المائة لتسجل عند التسوية 39.46 دولار للبرميل بعد أن تعافت من أدنى مستوى لها في الجلسة البالغ 38.33 دولار، وينهي الخام الأمريكي الأسبوع مرتفعا سنتين في سادس زيادة أسبوعية على التوالي. وأغلقت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت منخفضة ثلاثة سنتات أو 0.07 في المائة إلى 40.44 دولار للبرميل بعد هبوطها في وقت سابق من الجلسة إلى 39.22 دولار، وعلى مدى الأسبوع تراجعت عقود برنت 76 سنتا أو نحو 2 في المائة في أول انخفاض في ستة أسابيع. ورغم هذا التعثر فإن أسعار النفط ما زالت مرتفعة نحو 50 في المائة عن أدنى مستوياتها في عدة سنوات، التي هوت إليها في كانون الثاني (يناير) بسبب المخاوف بشأن تخمة الإمدادات، وفي حين أن تراجع إنتاج النفط الأمريكي مع طلب قوي على البنزين مسؤولان عن بعض ذلك التعافي، إلا أن الجانب الأكبر يرجع إلى خطط لكبار منتجي النفط لتجميد الإنتاج عند مستويات كانون الثاني (يناير) الماضي. ورغم أن هبوط عدد الحفارات النفطية الأمريكية بمقدار 15 حفارا هذا الأسبوع لا يغير العوامل الأساسية للسوق، إلا أنه يمنحها بعض الارتياح وسط المخاوف من تخمة في إمدادات الخام تبلغ نحو مليوني برميل يوميا. وأظهرت بيانات أن شركات الطاقة الأمريكية خفضت هذا الأسبوع عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي للأسبوع الرابع عشر على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى منذ عام 1940 على الأقل مع مواصلة الشركات خفض الإنفاق في إطار أكبر هبوط لأسعار الطاقة في ثلاثة عقود. وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل هبط بمقدار 15 إلى 372 حفارا، وهو أدنى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، مضيفة أن شركات الحفر أزالت 12 حفارا للنفط والغاز في الأسبوع المنتهي في 24 آذار (مارس) ليصل العدد الإجمالي للحفارات إلى 464 انخفاضا من 1048 حفارا في الأسبوع نفسه قبل عام. وفي 2015، خفضت شركات الحفر عدد حفارات النفط والغاز بمتوسط أسبوعي بلغ 22 حفارا وبإجمالي 1143 حفارا للعام بكامله، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 1988 على الأقل، وقبل الأسبوع الماضي خفضت شركات الحفر عدد حفارات النفط والغاز بمتوسط أسبوعي بلغ 20 حفارا، وبإجمالي 222 حفارا على مدى الفترة المنقضية من 2016. وقلصت شركات الطاقة بشكل حاد عمليات الحفر للنفط والغاز منذ أن بدأت موجة مبيعات في الأسواق العالمية في منتصف 2014، ومع هذا فإن محللين كثيرين يعتقدون أن العدد الإجمالي لحفارات النفط والغاز سيرتفع في وقت لاحق هذا العام مع علامات على استقرار الأسعار بعد أن هوت عقود الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى في 12 عاما عند 26 دولارا للبرميل في شباط (فبراير)، في حين هبطت عقود الغاز الأمريكي إلى أدنى مستوى في نحو 18 عاما عند 1.611 دولار لكل مليون وحدة حرارة بريطانية في وقت سابق هذا الشهر. وأشارت وكالة الطاقة الأمريكية إلى أن مخزونات الخام في البلاد زادت بمقدار 9.4 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 18 آذار (مارس)، لتتجاوز التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بمقدار 2.5 مليون برميل، إلى إجمالي 532.7 مليون برميل، وهو مستوى قياسي جديد على حسب البيانات التاريخية للوكالة. ويعكس استمرار توسع المخزونات لمستويات قياسية جديدة وتباطؤ إنتاج النفط الصخري ضعف معدلات الطلب والاستهلاك في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم. في الوقت نفسه مع صعود الدولار تتأثر أسعار السلع والمعادن بالسلب خاصة تلك المسعرة بالدولار نظرًا للعلاقة العكسية بينهما وارتفاع قيمتها بالنسبة إلى حائزي العملات الأخرى. وتجددت مخاوف السوق من ضعف معدلات الطلب والاستهلاك في ضوء استمرار ارتفاع المخزونات على الرغم من حدوث تراجعات حادة في الإنتاج الأمريكي وتقلص الحفارات وأنشطة الحفر في الولايات المتحدة. ورغم ذلك هناك عديد من العوامل الإيجابية التي ما زالت مؤثرة في السوق، ومنها تراجع المخاوف من طفرة الصادرات الإيرانية في ضوء تأكيدات بأن الاستثمارات الأجنبية سيكون إقبالها على القطاع النفطي الإيراني محدودا، فيما تزداد الآمال في قدرة الاجتماع المرتقب للمنتجين في الدوحة في 17 (أبريل) المقبل على ضبط الأداء في السوق ودعم الأسعار، بعد التوافق المتوقع على قضية تجميد الإنتاج. وساد الأسواق النفطية نوع من التفاؤل في آخر أيام الأسبوع الماضي عقب توقعات صدرت عن وكالة الطاقة الدولية تؤكد تعافي الأسعار في بداية عام 2017، مع تقلص الفجوة بين العرض والطلب على الخام. وأشار نيل أتكنسون مدير قسم صناعة وأسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية خلال إحدى فعاليات القطاع، إلى أن الأسوأ فيما يخص الأسعار قد انتهى، وأن أسعار اليوم قد لا تكون مستدامة عند 40 دولارا للبرميل بالضبط، لكننا نعتقد أنه في نطاق 35 دولارا للبرميل سيكون هناك بعض الدعم ما لم يحدث تغير كبير في الأساسيات.
مشاركة :