يختتم مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» فعالياته اليوم، والتي بدأت في 30 نوفمبر الماضي في مدينة إكسبو دبي، بعد أن حقّق قائمةً طويلةً من الإنجازات غير المسبوقة في تاريخ مؤتمرات «كوب» منذ انطلاق دورته الأولى في برلين عام 1995. والواقع أن هذه الدورة من المؤتمر كانت استثنائيةً منذ يوم الافتتاح الذي تزامن مع احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الثاني والخمسين، وقد كان تسلّم دولة الإمارات رئاستها بمثابة ثقة كبيرة من دول العالم والمنظمات الدولية بالتزامها الكبير بحماية المناخ وجهودها الراسخة في مجال الاستدامة. واكتسب المؤتمر منذ يومه الأول زخمًا واهتمامًا عالميًا، مع انعقاد قمة قادة العالم بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبمشاركة 180 من رؤساء الدول والحكومات من مختلف دول العالم. وقد شكّلت الإنجازات التي تحققت في «كوب28» قفزةً نوعيةً في مسيرة العمل المناخي الدولي، ونقلت العمل في هذا المجال من مرحلة «التعهدات» إلى مرحلة «العمل والإنجاز»، فأسهم المؤتمر في ترسيخ التفاؤل ورفع سقف الطموحات لتفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية. شهد المؤتمر منذ يومه الأول الإعلان عن العديد من التعهدات والتوافقات التي جسدت قدرةَ الإمارات على توحيد الجهود العالمية لتعزيز الشراكات وضمان تضافر جهود المجتمع الدولي لتحويل تحديات تغير المناخ إلى فرص لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ومما لا شك فيه أن التعهدات الدولية التي صدرت خلال المؤتمر أظهرت النجاح الكبير الذي حققته رئاسة «كوب28»، ولعلّ من أبرز هذه التعهدات هو القرار العالمي بتفعيل صندوق «الخسائر والأضرار» الذي يهدف إلى تعويض الدول والمجتمعات الأكثر تضررًا من تداعيات التغير المناخي، والذي نجح في جمع مساهمات مالية بقيمة 300 مليون دولار خلال اليوم الأول من المؤتمر، حيث أعلنت دولة الإمارات عن مساهمتها بمبلغ 100 مليون دولار، وبالإضافة على ذلك، كان إعلان صاحب السمو رئيس الدولة، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، ما يُعدّ واحدًا من أبرز وأهم الإنجازات في مسيرة «كوب» منذ انطلاق دورته الأولى في عام 1995. وقد أعلنت دولة الإمارات في إطار جهودها لدعم الدول والمجتمعات الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ، تقديم 200 مليون دولار لتعزيز المرونة المناخية لدى الدول الأكثر عُرضةً لتداعيات تغير المناخ والدول منخفضة الدخل، كما تعهدت الإمارات بتقديم 100 مليون دولار لصالح صندوق البنك الدولي لدعم شراكة خفض انبعاثات الميثان. ووقعت 123 دولة إعلان «كوب28» بشأن المناخ والصحة بهدف حماية صحة البشر من التداعيات المتزايدة لتغير المناخ، إلى جانب توقيع إعلان النظم الغذائية والزراعة من قبل 134 دولة، وتم حشد ما يزيد على 2.5 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي في إطار مواجهة تغير المناخ، إضافة إلى عقد شراكة جديدة بين دولة الإمارات ومؤسسة «بيل وميليندا غيتس» لدعم الابتكارات في مجال النظم الغذائية. كما نجح المؤتمر في جمع أكثر من 5 مليارات دولار من التمويل المناخي عن طريق إشراك القطاع الخاص والمنظمات الخيرية في العمل المناخي. وشهد المؤتمر إطلاق «المُسرّع العالمي لخفض الانبعاثات»، إلى جانب مبادرة «الائتمان الأخضر» التي أطلقتها الإمارات بالتعاون مع الهند، وتحالف «مجموعة أصدقاء العمل المناخي المرتكز على الثقافة» الذي أطلقته الإمارات بالتعاون مع البرازيل، كما أعلن البنك الدولي على هامش المؤتمر تخصيص 45% من تمويله السنوي للعام المقبل للمشروعات المرتبطة بالمناخ. هذه الإنجازات الكبيرة التي حققها «كوب28»، وهي ليست على سبيل الحصر، تؤكد مدى تميز هذه الدورة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقد تحققت بفعل جهود دولة الإمارات لتوفير أجواء تسمح بالتوافق الدولي، وهي تؤشر إلى تدشين مرحلة جديدة من العمل الدولي لمواجهة التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :