صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بأنه يستعد لاحتمال خوض قتال ضد قوات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وسط بوادر لتصادمه مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تعول عليها لإدارة غزة مستقبلاً، في حين تواصلت المعارك بين الجيش الإسرائيلي و»حماس» بالقطاع المحاصر لليوم الـ67. في خطوة يبدو أنها تهدف لقطع الطريق على أي خطة لإسناد مسؤولية إدارة غزة للسلطة الفلسطينية وهيكلها الأمني الذي تم تأسيسه بإشراف أميركي بعد اتفاقات أوسلو عام 1994، بحال نجاح الحرب التي تشنها الدولة العبرية على القطاع منذ 67 يوماً، لوّح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بخوض حرب ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. ونقلت إذاعة «كان» التابعة لهيئة البث الرسمية عن نتنياهو قوله خلال جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن بـ»الكنيست»، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، إنّ «اتفاقية أوسلو للسلام كارثة أسفرت عن عدد الضحايا نفسه، كما حدث في 7 أكتوبر، خلال فترة أطول من الزمن. اتفاقات أوسلو هي الخطأ الأساسي. أخذوا الجهة الأكثر عداءً للصهيونية واليهودية وجلبوها إلى هنا». أشتية يحذر من بقاء «خطة التهجير» على الطاولة وسوليفان سيبحث في تل أبيب جداول زمنية بشأن الحرب ورد نتنياهو على أسئلة طرحها أعضاء في البرلمان الإسرائيلي بشأن احتمال تصويب قوات السلطة الفلسطينية أسلحتها نحو جنود الاحتلال في الضفة الغربية، في إطار تعاون مع «حماس»، بالقول إن «هذا سيناريو معروف لنا وموجود على الطاولة ونحن نناقشه، ونريد الوصول إلى وضع يتيح وجود طائرات هليكوبتر في الجو في غضون دقائق قليلة، للرد على حدث كهذا في حال حدوثه». وكانت الإذاعة ذاتها قد كشفت، أمس الأول، أجزاء أخرى مما دار خلف الأبواب في الجلسة نفسها. وقال نتنياهو إن «قطاع غزة سيكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية بعد الحرب، وستعمل في غزة إدارة مدنية، وسيعاد بناء القطاع بقيادة دول الخليج». وتعهد زعيم الائتلاف اليميني الحاكم بعدم الاستسلام أمام الضغوط الدولية المتنامية لوقف الحرب الانتقامية التي تشنها بلده على غزة، رداً على الهجوم غير المسبوق الذي قامت به «حماس» وتسبب في مقتل 1200، وجرح أكثر من 5000، وأسر 242 بقي منهم 138 بينهم نحو 100 عسكري، بعد صفقة تبادل وهدنة استمرت أسبوعاً بوساطة قطرية ومصرية. وتابع: «من لا يصمد أمام ضغوط واشنطن فلا يستحق أن يكون رئيساً للوزراء». تحذير بايدن ورغم أن سيناريو اندلاع حرب على أرض الواقع بين إسرائيل وعناصر السلطة الذين تم اختيارهم وتدريبهم بعناية من قبل كوادر أميركية وإسرائيلية مستبعد، فإنه يشير لاتساع الفجوة بين نتنياهو والبيت الأبيض، إذ ألمح الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى وجود خلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقادة الدولة العبرية، ليل الاثنين ـ الثلاثاء. وقال بايدن خلال استضافته والسيدة الأولى جيل بايدن حفل استقبال بالبيت الأبيض بمناسبة عيد «الحانوكا» اليهودي، إنّ إسرائيل في «موقف صعب. لدي خلافات مع بعض القيادات الإسرائيلية». وأشار إلى ما كتبه على صورة قديمة تجمعه مع رئيس وزراء إسرائيل، قائلاً: «كتبت في الأعلى: بيبي، أنا أحبك ولكني لا أتفق مع أي شيء لعين تعيّن عليك قوله». ولم يوضح بايدن ما هي الخلافات، غير أنها شملت في الأسابيع الأخيرة قضايا منها حرب غزة ومعاملة الفلسطينيين بالضفة. وطالب بايدن قادة الدولة العبرية بتوخي الحذر، لأن الرّأي العام العالمي بأكمله يمكن أن يتغيّر بين عشية وضحاها وقد يمر بتحول خطير على «أمن إسرائيل التي لو لم تكن موجودة لما كان هناك يهودي آمن في العالم». وأدان بايدن صعود «معاداة السامية في الولايات المتحدة والعالم»، مؤكداً أنه «لا مكان للكراهية في أميركا». ونفى نتنياهو أمس وجود أي خلاف مع واشنطن معتبراً أن أميركا تدعم تماماً العملية البرية الإسرائيلية في غزة وتتصدى للضغوط الغربية لوقف الحرب، لكنه أقر بوجود خلاف حول مستقبل القطاع، مؤكداً أنه لن يسمح بأن تصبح غزة «فتحستان». من ناحيته، قال مستشار الأمن القومي الاميركي جيك سوليفان، إنه سيتحدث مع المسؤولين الإسرائيليين خلال زيارته إلى تل أبيب عن جداول زمنية بشأن الحرب، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لا يتوقع أن «نتحول من العمليات العسكرية الكثيفة إلى لاشيء بل ستكون هناك عمليات عسكرية مستمرة في غزة». وشدد على أن «إعادة احتلال غزة فكرة سيئة وندرك أن الإسرائيليين يعلمون ذلك لكنهم يسعون لفترة انتقالية»، مضيفاً أنه «سيكون هناك حل أمني مؤقت في غزة وسنتحدث مع شركائنا في المنطقة بهذا الشأن بشكل مؤكد»، ولافتاً إلى أن «حل الدولتين هو الحل القابل للحياة». تحذير ومخاوف من جانب آخر، أعلنت إسرائيل أنها ستسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، إذ قررت تخصيص نقاط فحص إضافية للإمدادات الواردة قبل نقلها لتدخل القطاع من معبر رفح الحدودي مع مصر، فيما قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إنه «يمكن تحويل غزة إلى جنة شرط ألا تظل تحت حكم إرهابي». وقال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد أشتية، إن «خطة التهجير لاتزال على طاولة الإسرائيليين، وإن إسرائيل تجعل من غزة مكاناً غير قابل للحياة، مع التجويع المتعمد في القطاع واستمرار حجزها لأموال المقاصة». ميدانياً، اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا بشمال غزة بعد حصاره وقصفه لعدة أيام، فيما أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية نداء استغاثة، وسط مخاوف من اعتقال سلطات الاحتلال لأفراد الطواقم الطبية أو تصفيتهم. وقدرت الوزارة أن «نحو 3000 نازح لايزالون محاصرين في المنشأة، وينتظرون الإجلاء مع الإبلاغ عن نقص حاد في المياه والغذاء والطاقة». وجاء ذلك في وقت تواصلت الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الإسرائيلية على عموم مناطق القطاع وأفيد بمقتل 20 وإصابة العشرات في قصف على منزل برفح جنوب القطاع قرب الحدود المصرية. وتواصلت المعارك البرية على عدة محاور بشمال القطاع ووسطه، فيما أفادت تقارير بأن ألغاماً أرضية زرعتها عناصر حماس تتسبب في إبطاء تقدم القوات الإسرائيلية بمحيط مدينة خان يونس جنوب القطاع. وقالت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحماس إنها قتلت 25 جندياً، ودمرت عدة آليات خلال 24 ساعة من المعارك. في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أكثر من 10 في المئة من جنوده الذين قتلوا في غزة، «قضوا بنيران صديقة»، فيما قتل آخرون في حوادث متفرقة. وقال متحدث عسكري: «حتى الآن، سقط 105 قتلى منذ العمليات البرية، 20 قتلوا خلال حوادث». وأوضح أن 13 جندياً قتل نتيجة نيران صديقة، بينما قتل آخرون في حوادث تخللها استخدام أسلحة أو آلات أو دهس أو «خلل في إطلاق النار». هجوم جنين وفي الضفة الغربية، قتل 4 فلسطينيين، في قصف إسرائيلي بطائرة مسيرة بدون طيار استهدف منزلاً في حي السيباط بالبلدة القديمة بمدينة جنين. واقتحمت قوات الاحتلال المنطقة بجرافات وآليات عسكرية وهدمت مخيم جنين، وخاضت اشتباكات مع مسلحين، ودمرت بنية تحتية وممتلكات للمواطنين قبل أن تقوم باعتقال نحو 15 فلسطينياً.
مشاركة :