استعرضت هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية مشروعين من المشاريع الأساسية التي تقوم بتنفيذها لحماية نقاء البيئة الطبيعية وتحقيق الاستدامة، وذلك خلال مشاركتها في معرض مبادرة السعودية الخضراء الذي أقيم تحت شعار "من الطموح إلى العمل". وتفصيلاً؛ تم عرض بيانات علمية دقيقة ونماذج فعلية تؤكد تقدم مشاريع التشجير وتنمية الغطاء النباتي بنطاق المحمية، وتقديم لمحات لزوار المعرض حول البرنامج الأضخم للحماية والرصد البيئي في المملكة العربية السعودية. وأكدت الهيئة على اعتزازها بدور المحمية الفعّال في إطار الأهداف إستراتيجية لمجلس المحميات الملكية والتي تشمل العمل على حماية التنوع الأحيائي والغطاء النباتي وتحقيق الأهداف الطموحة لمبادرة السعودية الخضراء وقد باتت نموذجاً رائداً إقليمياً وعالمياً في تطوير آفاق العمل البيئي والمناخي. المشروع الأكبر للحماية والرصد البيئي: وقدمت الهيئة نموذجاً حياً لإحدى الطائرات دون طيار (درون) المستخدمة في برنامج الحماية والرصد البيئي، والذي توظف فيه المحمية أكثر من 40 طائرة درون، بما يجعله المشروع الأكبر من نوعه في المملكة. وعرضت الهيئة كذلك فيلماً وثائقياً يشرح انعكاس استخدام طائرات الدرون على تعزيز كفاءة عمل فرق الحماية والرصد البيئي بنسبة تزيد على 220% مقارنة بالطرق التقليدية المستخدمة سابقاً، وكيفية تقليل الوقت الذي كان يحتاجه المراقب البيئي لتغطية مساحة 427كم2 من 13 ساعة إلى 4.3 ساعة عمل فقط. وتعد طائرات الدرون صديقة للبيئة، إذ ساهم استخدامها بكفاءة في تقليل الاعتماد على المركبات ذات الدفع الرباعي التي تعمل بالوقود الأحفوري وبذلك انخفضت الانبعاثات الكربونية الناتجة بنسبة تتجاوز 66%، بما يرفع من قيمة العائد الاستثماري للبرنامج والأثر الإيجابي على البيئة الطبيعية والمناخ. وبجانب دورها في تعزيز كفاءة العمل وتوفير الوقت وجهد الأيدي العاملة، فإن استخدام الدرون قد حسّن الفعالية ومكّن الوصول إلى مختلف مناطق المحمية بأمان وسرعة، بما في ذلك مواقع النظم البيئية المتنوعة والموائل الطبيعية، على الرغم من تحدي وعورة التضاريس وتعدد البيئات داخل المحمية من السهول والكثبان الرملية مترامية الأطراف إلى الوديان والهضاب والمناطق الصخرية والبرك المائية والفياض. وقد تحقق بالفعل رصد أكثر من 334,000 مشاهدة، وارتفعت قدرات المتابعة ورصد أي مخالفات بيئية في مختلف مناطق المحمية. وتفعيلاً لبناء القدرات المؤسسية وتطوير الموارد البشرية، كأحد أهداف هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية، تم تدريب أكثر من 100 مراقب بيئي وجوال، خلال إجمالي عدد ساعات يتجاوز 8,000 ساعة تدريبية. وقد مكن تنفيذ برنامج الحماية والرصد البيئي من تحليل المصورات والبيانات، باستخدام نظم المعلومات الجغرافية وبرمجيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتحقيق أعلى معدلات الجودة في عمليات الرصد والحماية والمتابعة، كما يتم استخدام طائرات الدرون في نثر البذور ضمن مشاريع التشجير. توظيف المنهجية العلمية والتقنيات الحديثة: وبالحديث عن مشاريع التشجير، تقوم الهيئة بنثر البذور في 13 منطقة متنوعة في نطاق المحمية وتشارك في ثلاثة من مشاريع التشجير الصحراوي يتم خلالها زراعة 593,700 ألف شجرة بنهاية عام 2023. ويمتد استخدام التقنيات الحديثة في مشروعات التشجير من طائرات الدرون إلى تقنية الاستشعار عن بعد، إذ عرضت الهيئة عبر شاشة تفاعلية تطورات مشروع تقييم الغطاء النباتي في المحمية والكيفية التي يتم بها تجميع المرئيات الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية ومعالجتها لمراعاة إزالة التأثير المرئي للعوامل الجوية بما يعزز من دقتها ووضوحها، ثم تتم عمليات الحصر البياني لحساب مناطق وأعداد الأشجار والشجيرات في نطاق المحمية، وذلك بقراءة مؤشر الفرق المعياري للغطاء النباتي (NDVI). وتعمل فرق المحمية على المراقبة الدقيقة لقيم الانعكاس الطيفي للغطاء النباتي، والذي يمكن من تحديد أصناف وأنواع تلك الأشجار والأعشاب الموسمية التي تنمو داخل المحمية. ويجري كذلك القيام بجولات ميدانية لمطابقة البيانات المرصودة مع المشاهدات والملاحظات المسجلة على أرض الواقع. وأكدت نتائج البحوث الميدانية وتحليل بيانات الدراسة العلمية لمرئيات الأقمار الصناعية، المعتمدة على تقنية الاستشعار عن بعد، على ازدهار وتجدد الغطاء النباتي في أغلب أرجاء المحمية، وبينت قراءة مؤشر الغطاء النباتي تزايد المساحات المغطاة بالنباتات والأعشاب في المحمية خلال عام 2023، لما شهدته المحمية خلال العامين الماضيين من نمو واتساع للغطاء النباتي على مقاييس الكثافة والمساحة وتجدد العديد من الأشجار والشجيرات والنباتات الموسمية. مستقبل التشجير في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية: ويمتد توظيف الهيئة لتقنيات الاستشعار عن بعد إلى استخدامها في تحديد أفضل المواقع المناسبة لزراعة الشتلات، والتي يتم اختيار أنواعها طبقاً للنباتات الطبيعية التي تنمو في كل منطقة على حدة، بما يساهم في زيادة أعداد الأشجار والشجيرات ويعوض المفقود منها بسبب أنشطة الاحتطاب والرعي الجائر واستعادة وتنمية الغطاء النباتي في ربوع المحمية. وتتحدد معايير اختيار مناطق التشجير طبقاً لعوامل بيئية تشمل نوع التربة والأودية ومناطق الفياض وتجمعات مياه الأمطار. وبجانب مراعاة اختيار البذور لزراعتها في المنطقة المناسبة والبيئة الأكثر ملائمة، تراعي المحمية مسافات مناسبة بين الشتلات لتحاكي نظام البيئة الطبيعية داخل المحمية، وحرصت في تصميم الطرق داخل نطاق المحمية إمكانية زراعة الأشجار والشجيرات على جانبي الطريق وزراعتها كذلك في المناطق الحضرية. وطبقاً لنماذج تحليل البيانات وتحديد المناطق والمساحات المناسبة، فإن هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تخطط مستقبلاً لزراعة قرابة 4.7 مليون شجرة في مختلف نطاقات المحمية، وستكون أكثر من نصفها في منطقة الحجرة بواقع 2.5 مليون شتلة، ونحو 1.5 مليون شجرة في منطقة التيسية. معرض مبادرة السعودية الخضراء: وبالتزامن مع المؤتمر الدولي للمناخ (كوب 28) الذي استضافته مدينة إكسبو دبي، جاءت إقامة معرض مبادرة السعودية الخضراء خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023، وشهد يوم 4 ديسمبر إقامة منتدى مبادرة السعودية الخضراء للعام الثالث على التوالي. وقد بات المنتدى منصة حوار ثرية بالنقاشات وتبادل الرؤى ووجهات النظر حول المشاريع السعودية في مجالات العمل المناخي والبيئي، مع التركيز على حلول وابتكارات الطاقة النظيفة والنظام البيئي للبحر الأحمر ومستهدف حماية 30% من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030، وصولاً إلى تحقيق الحياد الكربوني في عام 2060. وشهد المعرض مشاركة العديد من المبادرات التي تؤكد الجهود المستمرة للمملكة وما تحققه من تقدم مستمر على مسارات العمل المناخي نحو تحقيق الاستدامة البيئية وبناء مستقبل أخضر للأجيال القادمة. خطوة جديدة على طريق الريادة العالمية: وامتداداً لنجاح جهود هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية، وتعزيزاً لريادة المملكة إقليمياً وعالمياً في جهود العمل المناخي ومبادرات التشجير وتحسين إدارة الموارد الطبيعية والمناطق المحمية، اعتمد رسمياً ترشيح المحمية للقائمة الخضراء للمحميات الطبيعية الأفضل إدارة على مستوى العالم من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN). وجاء الترشيح خلال انعقاد مؤتمر العالمي للمناخ (كوب 28) بعد أن تم تسجيل محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية على قاعدة البيانات العالمية للمناطق المحمية (WDPA) التي يصدرها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة من خلال اللجنة العالمية للمناطق المحمية بالتعاون مع المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وتشير هذه الخطوة إلى فعالية نظم الإدارة في المحمية إذ نجحت هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية في اجتياز المرحلة الأولى من التقييم بإشراف خبراء متخصصين في مجال إدارة المحميات الطبيعية، طبقاً لمعايير القائمة الخضراء للمحميات التي تعد من أهم المقاييس المعتمدة لكفاءة أساليب الإدارة في المحميات الطبيعية وتطبيق مبادئ الاستدامة البيئية على مستوى العالم.
مشاركة :