بيروت تستذكر مارون بغدادي في ذكرى رحيله الثلاثين

  • 12/14/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - تستذكر أوساط الفن السابع في بيروت المخرج مارون بغدادي من خلال سلسلة أنشطة تقام في العاصمة اللبنانية في ذكرى مرور 30 عاما على رحيل صانع أفلام ساهم مع آخرين في ولادة "السينما اللبنانية الجديدة"، بحسب ما أفاد عارفوه. وتوزعت في الطبقة الأرضية من مبنى صحيفة "السفير" في بيروت، صور نادرة بالأبيض والأسود وبالألوان للمخرج الطليعي الذي لقي حتفه عام 1993 في حادث سقوط في حفرة مصعد المبنى الذي كان يقطنه والداه في العاصمة اللبنانية، قبل أن يكمل عامه الرابع والأربعين. وتُظهر هذه اللقطات بغدادي طفلاً وتلميذا وشابا وصحافيا ومخرجا وراء الكاميرا وزوجا وأبا ومحمولا على الأكفّ في تشييعه. وتزين ملصقات أفلامه وأبرز المقالات عن أعماله جانبا من معرض يقيمه "نادي لكل الناس" الذي يعنى بالحفاظ على أرشيف السينما اللبنانية من الاندثار. وكشف الناقد السينمائي إبراهيم العريس أنه في دار السفير التي توقفت عن الصدور في ديسمبر/كانون الأول 2016، "ولدت السينما اللبنانية الجديدة قبل 50 عاما على أيدي مارون بغدادي وبرهان علوية وجان شمعون وبهيج حجيج، برعاية الجريدة التي احتضن مؤسسها طلال سلمان هذا الحراك السينمائي وشجعه". ولفت إلى أنه "كان التيار السينمائي الوحيد الذي نشأ خلال مئة عام من عمر السينما اللبنانية وكان لبغدادي الدور الأساسي فيه". واستطاع بغدادي رغم حياته القصيرة أن ينجز عددا كبيرا من الأعمال الوثائقية والروائية، من أبرزها "حروب صغيرة"، "الرجل المحجّب"، "فتاة الهواء"، و"خارج الحياة" الذي نال عنه جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان عام 1991. وقال الإعلامي ربيع الشامي، في ندوة ضمن أنشطة الذكرى الثلاثين لرحيل المخرج، إنه "كان من أفضل السينمائيين الذين صوروا بيروت من فوق، أي سطوح أبنيتها". وإذ وصف العريس بغدادي الدائم الاستعجال للإنجاز في عمله بـ"الرجل الراكض"، رأى الشامي أن شخصيات أفلامه "كانت تركض ضائعة لتلاقي مصيرها تماما مثل ما كانت ركضته الأخيرة على درج بيت أهله في بيروت حيث سقط". وروى المصوّر حسن نعماني الذي كان بمثابة "عين بغدادي خلف الكاميرا" أنه "كان يتسلق بخطوة واحدة كل ثلاث درجات من المبنى الذي كان يقيم فيه لشدة ما كان دائما على عجلة من أمره، وهكذا هوى ولم يكن بعد أكمل عامه الرابع والأربعين". كان نعماني يعمل مصورا في تلفزيون لبنان الرسمي حين التحق بغدادي بالمحطة وشارك في إعداد برنامج ثقافي بعنوان "تسعة ونص". وقال "أنجزنا الكثير من الأعمال الوثائقية عن بيروت وأحيائها وناسها وفنانيها". وأشار نعماني الذي رافق بغدادي في تصوير الكثير من أفلامه إلى أن المخرج الشاب الذي اندلعت الحرب في لبنان بعد أيام من عرض فيلمه "بيروت يا بيروت"، "استأجر كاميرا" ليصور "همسات" الذي يوثق الحرب، وفيلم "تسعون" عن الأديب اللبناني ميخائيل نعيمة، و"تحية إلى كمال جنبلاط"، ثم "اشترى كاميرا لأن السينما كانت هدفه". فالسينما كانت "عالمه"، وفق الروائي حسن داوود، كاتب سيناريو فيلم "زوايا" الذي لم يرَ النور بسبب وفاة بغدادي، ويتناول قصة طبيب لبناني ترك فرنسا ليزور والدته المريضة وليثأر لمقتل أبيه خلال الحرب. وقال داوود إن "مارون كان هو السينما، ليس فقط لأنه يعمل في مجالها، ولكن في طريقة عيشه، في بيته وسيارته ومظهره والطريقة التي يتكلم بها وقدرته على قبول الناس وإقناعهم، وهذا جانب لا ينسى من شخصيته". ورأى الباحث والمؤرخ اللبناني فواز طرابلسي أنه كان "سريعا وطموحا وموهوبا جدا وصياد لقطات يعرف متى يقطع المشهد". وتناول بغدادي الذي كان "ملتزما باليسار"، ثم "خاب أمله به"، بحسب طرابلسي، ما وصفه الباحث بـ"الانشطار اللبناني" في فيلمه "لبنان بلد العسل والبخور"، مضيفا أما "أجمل الأمهات"، فيُظهر "وحدة الشهداء وتنوعهم الشخصي والمناطقي". واعتبر طرابلسي أن بغدادي "أفضل من صوّر أفلاما تسجيلية عن جنوب لبنان"، مشيرا إلى أنه في "كلنا للوطن" الذي تناول عام 1979 أول غزو إسرائيلي للبنان، "ركّز على الأطفال مبرزا ملامحهم". ويقيم "نادي لكل الناس"، إضافة إلى المعرض والندوة، عروضا استعادية لعدد من أفلام بغدادي، مرممة أو بنسخها الأصلية، ضمن أنشطة الذكرى الثلاثين لوفاته. وتحتضن الطبقتان السفلية والثالثة من مبنى السفير الذي اتخذه النادي مقرا منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، إضافة إلى أفلام بغدادي، بكرات أشرطة وأفلام سينمائية 35 ملم و16 ملم وبيتا". وأفاد رئيس النادي نجا الأشقر في تصريح لوكالة فرانس برس، أن النادي يعتزم تحويل 500 شريط "دي في دي" إلى أفلام رقمية"، مضيفا أن "أرشيف النادي معرّض للخطر وقررنا إنقاذ أفلامنا التي تشكل تراثا لبنانيا وعربيا وحفظها في مخزن". وأشار إلى أن لدى النادي "نحو 100 فيلم فلسطيني"، قائلا "كانت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أنتجت الكثير من الأفلام خلال وجودها في لبنان، وحافظنا على الأرشيف الفلسطيني كي لا يتبعثر ويتعرض للسرقة".

مشاركة :