يعتقد كثير من المراقبين أنّ تراجع الرغبة بالحصول على سيارات السيدان من قبل العملاء خلال العقود الثلاثة الماضية مرده ازدياد الخيارات التي توفرها شركات السيارات في قطاع مركبات الاستخدام المتعدد، نظرًا لما تتمتع به الأخيرة من مواصفات عملية، وروح المغامرة وطبعًا وضعية القيادة المشرفة على الطريق. ولكن في الحقيقة هناك سبب آخر، سبب يعود للصراع القديم بين Mercedes وغريمتها BMW. فمع بداية القرن الحالي وفي أوج الصراع بين الصانعين، أطلقت Mercedes طراز CLS الذي أتى بخطوط تحاكي سيارات الكوبيه من حيث انسياب التصميم وأناقته، ومستويات رحابة تحاكي سيارات السيدان داخل مقصورة قيادة واسعة يمكن الدخول إليها عبر أربعة أبواب. هكذا وُلدت فئة سيارات الكوبيه بأربعة أبواب، التي معها ومع مركبات الدفع الرباعي متعددة الاستخدام لم تعد سيارات السيدان تتمتع بما يسمح لها أن تجذب العملاء بالمقدار نفسه الذي كان يتوفر لها في السابق. وهنا وعلى هذه الصفحات، نستعرض أمامكم ثلاثًا من أفضل سيارات الكوبيه بأربعة أبواب التي تتوفر في أسواقنا العربية. رغم أنها تعتمد على أساسات شقيقتها الرزينة E-Class، فإنّ 4 Door Mercedes-AMG GT التي نالت أخيرًا عملية إعادة تصميم تمكّنت من التقاط الشخصية الساحرة المستمدة من السيارة التي تتشارك معها بالاسم AMG GT Coupe، فمن خلال تصميم خارجي منساب ينبض بجاذبية، تتمتع السيارة بحضور راقٍ على الطريق لا يخلو من اللمسات الفنية الأرستقراطية. ولكن الروح الأرستقراطية الأنيقة وجمال التصميم الخارجي ليسا وحدهما أبرز ما يميز هذه السيارة. فكما تفيد الحكمة الإنسانية الشهيرة بأنه لا فائدة من الجمال دون شخصية مثقفة، كذلك لا قيمة لسيارة جميلة دون مواصفات تعزز هذا الجمال المظهري بجمال في الأداء، لذلك استمدت AMG GT 4 Door ثقافتها (إذا صح التعبير) من خيارات ميكانيكية متعددة تختلف في مستوى القوة التي توفرها، لكنّها تلتقي جميعًا على أمر مشترك واحد هو الأداء الرياضي العالي الممزوج بانقيادية راقية وراحة عالية داخل مقصورة رحبة. في البداية وبمناسبة ذكر الخيارات الميكانيكية، لا بد من الإشارة إلى أنّ الفئتين GT43 وGT53 تتمتعان بمحرك يتألف من ست أسطوانات سعة 3.0 لترات مع شاحن هواء توربو وشاحن كهربائي فائق ومحرك كهربائي صغير، بحيث يعمل المحرك الكهربائي والشاحن الفائق، في الوقت الذي يكون فيه محرك الاحتراق الداخلي يدور دون سرعة الدوران اللازمة لتوليد العزم الكافي لدفع السيارة بشكلٍ مناسب. وعلى صعيد القوة، يولد هذا المحرك في صيغته الموجودة على متن الفئة GT 43 قوة 362 حصانًا، مقابل قوة 429 حصانًا في الفئة GT53. اقرأ أيضًا:"Mercedes-AMG GT Coupe".. مزيد من الفخامة والانسيابية كذلك هناك الفئتان GT63 و GT63 S اللتان تتمتعان بمحرك يتألف من ثماني أسطوانات سعة 4.0 لترات مع شاحن هواء توربو مزدوج يولد بصيغته الموجودة على الفئة GT63 قوة 575 حصانًا، مقابل قوة تصل إلى 630 حصانًا في GT63 S. وتبقى درة التاج هي الفئة GT 63 S E-Performance التي تتوفر لأول مرة كطراز 2024 وتتمتع بقوة 831 حصانًا، تتوفر لها بفضل عمل منظومة هجينة كاملة قوامها محرك احتراق داخلي يتألف من ثماني أسطوانات سعة 4.0 لترات ومحرك كهربائي مثبّت على المحور الخلفي. من الداخل، ورغم أنّ سمات التصميم العامة للسيارة تتشابه مع سيارات الكوبيه ذات الأبواب الأربعة الأخرى من Mercedes، فإنّ مقصورة AMG GT 4 Door تتميز بكونسولها الوسطي مفتول العضلات الكبير الذي يمتد إلى ما بين المقاعد الأمامية، الأمر الذي يضفي إحساسًا رياضيًّا بقمرة القيادة. التصميم الداخلي بشكلٍ عام عصري وأنيق، معزّز بكون صف المقاعد الخلفي يحمل بدوره تصميمًا مثيرًا يؤكد تغليب الروح الرياضية على السيارة ولو على حساب كونها عملية. وبشكلٍ عام تُعد المقاعد رياضية إذ توفر احتضانًا عاليًا للركاب الجالسين عليها مع دعم جانبي يبقيهم في مكانهم عليها حتى عند اعتماد نمط قيادة هجومي عالي الديناميكية، في حين أنّ المقود بإطاره السميك والمسطّح القعر يعزّز الشعور بقدرة السائق على السيطرة. وتزود Mercedes AMG GT بأنظمة سلامة نشطة وأدوات مساعدة للسائق، وهي تشمل مصابيح الإنارة عالية الكفاءة، وأجهزة استشعار لمراقبة حركة السير حول السيارة، وغيرها من تجهيزات السلامة الأخرى التي تسعى لتجنب الحوادث، ولكن عندما تستشعر السيارة من خلال أنظمتها الإلكترونية أنّ حدثًا ما بات وشيكًا ولا مفر منه يتدخل نظام Mercedes Pre-Safe، وتظل جميع تجهيزات السلامة السلبية في السيارة (أي تلك التي تعمل عند وقوع الحادث) كالوسائد الهوائية وحزام الأمان على أتم الاستعداد للتدخل بسرعة فور وقوع الحادث. وتجدر الإشارة في ختام الحديث عن AMG GT 4 Door إلى أنها تتمتع أيضًا بنظام قيادة نصف ذاتي يقوم ببعض مهام السائق خلال القيادة، لكننا لا ننصح باستخدامه سوى خلال العبور في منطقة تشهد زحمة سير خانقة لا لأنه غير فعال، بل لأن متعة القيادة التي توفرها هذه السيارة تجعلك غير راغب بترك مهمة السيطرة عليها لأي جهاز إلكتروني. خلال العقود الأخيرة من تاريخ BMW، تكرر الرقم 8 عدة مرات. كانت البداية مع الجيل E31 من 8 Series الذي كان أولى محاولات الصانع البافاري لإنتاج سيارة رياضية عالية الأداء. لذا، مع بداية الألفية الحالية، ظهر الرقم 8 من جديد مع طراز Z8 طيب الذكر لفترة وجيزة قبل أن يختفي مجددًا ليعود ويظهر على طراز i8 خلال العام 2014. ورغم اختلاف السيارات الثلاث في التصميم والوظيفة، فإنّ القاسم المشترك بينها كان عدم النجاح في الأسواق. ففيما عملت الظروف الاقتصادية الصعبة التي عصفت بالعالم مع بداية تسعينيات القرن الماضي من جهة، وتردد BMW من استكمال طراز الجيل E31 بفئة رياضية بحتة تحمل شارة M8 من جهة أخرى، إلى عدم توفير جيل تالٍ من السيارة، لم تتمكن Z8 رغم انتمائها لفئة الرودستر الساحرة من إقناع نخبة العملاء بأنها سيارة تستحق الثمن الذي طلبته BMW مقابلاً لها. فيما أتت i8 إلى الأسواق بخطوط خارجية تجعلها تبدو كهاربة من أحد أفلام الخيال العلمي مع منظومة هجينة لا تتمتع بالإثارة والأداء العنفواني الذي نتوقعه من سيارة رياضية ذات تصميم متطرف، ولا توفر الكثير من الصداقة مع البيئة كونها تحتوي أيضًا على محرك احتراق داخلي. ولكن الصانع البافاري لم يصب بعقدة من الرقم 8 بل على العكس، فمع المحاولة الرابعة تمكّن من حصد نجاح كبير مع سيارة أقل ما يمكن أن يقال فيها هو أنها تجمع بين الرحابة، والأداء الرياضي المثير ومستويات الفخامة العالية، إنها BMW 8 Gran Coupe، وهي تتمتع بخطوط خارجية وأبعاد تجمع بين رحابة سيارات السيدان، وأناقة سيارات الكوبيه وإثارة السيارات الرياضية. من الداخل، تتمتع Gran Coupe بتصميم أنيق ومساحة رحبة للركاب في الخلف، كما حازت وفرة من الميزات القياسية المرغوبة، مثل مجموعة عدادات رقمية مقاس 12.3 بوصة، ومقاعد أمامية كهربائية يمكن تعديلها في 16 وضعًا مع إعدادات الذاكرة والتدفئة والتهوية والتحكم في المناخ بأربع مناطق، فضلًا عن الكسوة الجلدية الغنية. هذا ويتوفر لها أيضًا اختياريًّا مقاعد أمامية من نوع M Carbon خفيفة الوزن. في المقابل، يتميز صف المقاعد الخلفية بثلاثة أحزمة أمان، الأمر الذي يعني إمكانية استيعاب راكب ثالث إضافي في الخلف ولو مع مستويات راحة أقل من تلك التي تتوفر لغيره من ركاب السيارة. اقرأ أيضًا:مواصفات سيارة BMW M2 تُثير جدلاً يصعب حسمه على الصعيد الميكانيكي، تتمتع السيارة بعلبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب هي القاسم المشترك بين جميع المحركات المتوفرة. ففي الفئة 840i، يتألف المحرك من ست أسطوانات سعة 3.0 لترات مع شاحن هواء توربو يولد قوة 335 حصانًا تنتقل نحو نظام دفع خلفي أو نظام دفع رباعي. في المقابل، تتمتع الفئة M850i بمحرك من ثماني أسطوانات سعة 4.4 لتر مع شاحن هواء توربو مزدوج يولد قوة 523 حصانًا تنتقل قياسيًّا إلى نظام دفع رباعي. هنا ورغم أنّ المحرك الأصغر لا يتمتع بالقوة التي يتمتع بها محرك الأسطوانات الثماني، لكنه لا يبقى قويًّا بما فيه الكفاية ويولد صوتًا محببًا عند الضغط على دواسة الوقود. ولكن لمن لا يرغبون سوى بأفضل الأفضل، فتوفر لهم الفئة M8 أداءً استثنائيًا من خلال نسخة منقّحة من محرك الأسطوانات الثماني مع شاحن هواء توربو مزدوج وعيارات مختلفة تسمح له بأن يولد قوة 612 حصانًا، ونظام تعليق ضبطت عياراته كي يوفر ضبطًا واثقًا لحركة السيارة الديناميكية في ظروف القيادة السريعة. ومما يعزّز الشعور الرياضي خلال القيادة هو أنّ نظام الدفع الرباعي في الفئات المجهزة به ينحاز للمحور الخلفي بشكلٍ يجعل السيارة تبدو كأنها بدفع خلفي مع انزلاقات مثيرة توفر للسائق متعة معالجتها بنفسه، واضعًا في اعتباره أنّ أنظمة السيارة ستكون جاهزة للتدخل وإعادة الأمور إلى نصابها متى دعت الحاجة. انسجامًا مع شخصية العلامة التجارية التي تنتمي إليها، والتي تؤكد على المواصفات العالية والتصميم الراقي المتحفظ البعيد عن حب الظهور، وصلت Audi A7 بخطوطها الأرستقراطية الرشيقة ومواصفاتها المتطورة المعزّزة بمواد ذات جودة عالية، إلى الأسواق من دون ضجة تسويقية مبالغ فيها لخوض المنافسة مع خيارات الكوبيه بأربعة أبواب التي تتوفر لدى كل من BMW وMercedes. ولم تمضِ سوى بضع سنوات على الجيل الأول من A7 في صالات العرض، حتى أصبح خيارًا مطروحًا بقوة لكل من يرغب بالحصول على سيارة تتمتع بخطوط خارجية جذابة، ومقصورة تؤمن تمامًا ما تحتاج إليه العائلة للتنقل براحة وروح رياضية عالية بشكلٍ أثبت نظرية Audi التي تفيد بأنّ المنتج المدروس بعناية لا يحتاج إلى كثير من المجهود التسويقي بل هو قادر على إثبات نفسه بشكلٍ مباشر عبر مخاطبة عقل المستهلك وقلبه على حدٍ سواء. مؤخرًا، أخضعت Audi الجيل الثاني من A7 لعملية تحسين منتج، ظهرت معها السيارة بحلة محدّثة مع تعديلات على المصد الأمامي والخلفي، وعجلات جديدة، وحزمة داخلية محدّثة، ولكن دون أن تمس تركيبتها الأساسية التي تقوم على خيارين ميكانيكيين هما: محرك من ست أسطوانات سعة 3.0 لترات مع شاحن هواء توربو يولد قوة 335 حصانًا تنتقل إلى العجلات الأربع الدافعة عبر نظام Quattro الشهير من Audi ومن خلال علبة تروس أوتوماتيكية من سبع نسب، علمًا أنّ هذا الخيار الذي يتوفر في الفئة A7 55 TFSI يأتي مدعومًا بمنظومة هجينة جزئيًّا تحتوي على محرك كهربائي صغير بقدرة 48 فولت يهدف لتعويض النقص الناجم عن تأخر رد فعل شاحن الهواء للرغبة في التسارع، ويساعد على جعل عملية إيقاف عمل محرك الاحتراق الداخلي وتشغيله تتم بسلاسة. أما الخيار الثاني فهو الذي يتوفر للفئة RS7، وهو يتألف من محرك من ثماني أسطوانات سعة 4.0 لترات أيضًا مع المنظومة الهجينة الجزئية ومحركها الكهربائي الصغير بقدرة 48 فولت. ولكن هنا تنتقل القوة البالغة 591 حصانًا إلى نظام Quattro عبر علبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب لا سبع كما هي الحال مع الفئة A7. وتعتمد RS7 قياسيًّا على نظام تعليق هوائي مزوّد بإعدادات متكيّفة لمستويات مختلفة من الصلابة. ولكن رغم ذلك، فإنّ نظام التعليق يبقى متحيزًا للراحة على حساب الصلابة المبالغ فيها، إذ إنّ RS7 تعتمد على كسب تماسكها مع الطريق، من خلال أولاً: بنيتها المدروسة بعناية وعجلاتها التي يبلغ حجمها 22 بوصة، وثانيًا -وهو الأهم-: نظام التوجيه بالعجلات الخلفية الذي يتوفر لها قياسيًّا. وبذلك تكون السرعة الجنونية والراحة العالية هما الوصف الدقيق الذي يحدد انقيادية السيارة، أضف إلى ذلك المزيد من الثقة التي يمكن أن تتوفر لك على متن السيارة متى اخترت تجهيزها بخيار المكابح المصنوعة من مادة الكربون سيراميك التي تتمتع بالقدرة على تحمل الحرارة المرتفعة. اقرأ أيضًا:نسخة خاصة من أودي RS Q8 للنخبة في قطر من الداخل، تتشارك RS7 بنفس المقصورة مع A7، وهذا يعني نفس مستويات الرحابة ونفس التصميم العام مع تسجيل بعض الفروقات التي تميز RS7 وتعكس شخصيتها الرياضية أكثر من خلال الشارات الموجودة على مساند الرأس، المقود ومقبض علبة التروس. وبطبيعة الحال، يمكن ملاحظة جودة البناء والمواد الراقية على الفور. وتتميز المقاعد الرياضية الأمامية بكسوة من الجلد الناعم معزّزة بنظام تهوية، كما أنّ صف المقاعد الثاني يمكن أن يتسع لشخصين أو ثلاثة أشخاص، اعتمادًا على الخيار الذي يحدده العميل. ومن جهته، يعمل جهاز المعلومات والترفيه من خلال شاشتين تعملان باللمس وتندمجان بسلاسة في لوحة القيادة العلوية والكونسول الوسطي. ولكن بما أنّ أدوات التحكم بالمناخ وبعض الإعدادات الأخرى موجودة ضمن القسم السفلي من الشاشة، فإنّ هذا قد يلهي السائق عن الطريق. لذا، ولتجنب هذا الإلهاء، يمكن للسائق أن يتحكم بهذه التجهيزات وغيرها من خلال برنامج Audi للتعرف على صوت السائق وتنفيذ الأوامر الصوتية. علمًا أنّ السيارة تتوفر اختياريًا مع نظام موسيقي راق من نوع Bang & Olufsen الذي يعمل من خلال 19 مكبرًا للصوت. على صعيد السلامة، وبغض النظر عن بعض التقنيات الأساسية لمساعدة السائق التي تتوفر للسيارة، هناك أيضًا خيار مستقل يتوفر اختياريًّا وهو عبارة عن نظام للرؤية الليلية، فضلًا عن نظام التحذير من الاصطدام الأمامي والكبح التلقائي في حالات الطوارئ، ونظام تثبيت سرعة تكيفي.
مشاركة :