وثبة سينمائية ثالثة لـ 'النمر' الهندي في وادي الجواسيس

  • 12/14/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - يعتبر فيلم "النمر 3" بالأساس الجزء الأخير من سلسلة  "نمر واحد"، و"النمر على قيد الحياة"، وتتناول أحداث هذه السلسلة قصة عميل هندي  يدعى "النمر"، والذي يواجه المخابرات الباكستانية في سياق مليء بالحركة والتشويق، مع مغامرة ملحمية محفوفة بالمخاطر. العمل من إخراج مانيش شارما، وسيناريو شريدهار راجافان ونيلش ميسرا، ويشارك في بطولته سلمان خان وكاترينا كيف وريدهي دوجرا ميشيل لي وعمران هاشمي ورافاثي. ومن ناحية الأسلوب فهو يتكرر من خلال سلسلة من مشاهد الحركات القتالية، بدءاً من مشهد افتتاحية الفيلم، التي يتولى فيها البطل " النمر" الذي أدى دوره الممثل سلمان خان، مهمة إنقاذ صديقه في المخابرات "غوبي أريا"، الذي أدى دوره الممثل رانفير شوري. وبناءً على طلب شخصي من "ميثيلي مينون" الذي جسدت دورها الممثلة ريفاثي، رئيسة وكالة الاستخبارات والتحليل في الهند، كي ينقد صديقه الذي طلب منه أمنية دفنه في الأراضي الهندية، إذ همس "غوبي" في أذن "النمر"، أن هناك جاسوساً مشتركاً بين الهند وباكستان، وهي عنصر نسوي تُدْعَى "زويا". يبدو أن هذا المشهد لفت الانتباه إلى نفسه كعمل يكرر نفس الحركات البطولية والقتالية التي يقوم بها "النمر" في الأجزاء السابقة، ولأن المخرج يدمج نفس المواضيع  بأساليب ذات تغيير طفيف على مستوى التقاط زوايا التصوير وحركات الكاميرا، فهو عمل نمطي حول الأفلام الجاسوسية الهندية. ومن خلال لقطات مفرغة نكتشف أن هذه السلسلة مستوحاة من أفلام التجسس العالمية، كما هو الحال في أجزاء فيلم "جيسون بورن"، ولكن بلمسة التشويق والإثارة المعروف على السينما الهندية في ميزتها الموسيقية والحوارات الاستبدالية الشاعرية، والتي نشاهدها في تكوين اللقطات الطويلة زمنيا، حيث تبرز كفاح "النمر" وزوجته "زويا"، التي تؤدي دورها الممثلة كاترينا كيف، وهم يكافحون معًا ضد جماعة إرهابية باكستانية تهدد بعرقلة محادثات السلام بين باكستان والهند. وأحد اللقطات المتباينة في المشاهد المتتالية الرومانسية، بين البطل والحليف، المتمثل في شخصية "زويا" وزوجها "النمر"، تتحول فيها الرومانسية إلى مغامرات دبلوماسية، حيث تظهر مؤامرة "زويا" ضد رئيس وزرائها بالتعاون مع الإرهابي الباكستاني "عاطش رحمان"، الذي جسده الممثل عمران هاشمي، وهو جاسوس باكستاني سابق غاضب من "زويا"، التي تعتبر ابنة مديره السابق الذي تم قتله في انفجار إرهابي. تتوالى الأحداث في مشهد لاحق حيث تتعقد الأمور بين "عاطش رحمان" الذي يختطف ابن " النمر" وزوجته "زويا"، طالبا منه القيام بمهمة صعبة، إذ لم يعد يقتصر دور " النمر" إلى تعزيز العلاقات بين البلدين فقط، بل يسعى أيضًا إلى الحفاظ على سلامة أسرته الصغيرة. تبدو متتاليات المشاهد في هذا الجانب مبتذلة، ولا تضيف شيئا عن الأجزاء السابقة، ثم إن هناك مشهداً مغيبا ما كان يجب أن يكون، وهو ظهور النجم شاه روخ خان في دور "باثان" وهو عنوان لفيلمه ما قبل الأخير، الذي يلعب فيه دور جاسوس هندي منقذ، كتتمة من مشاهد فيلم "باثان"، وهو ظهور باهت. وتكرر هذا المشهد في العمل نفسه، ولكن بطريقة معكوسة حيث ظهر "النمر" على وجه تكميلي لينقد "باثان" من جماعة إرهابية في القطار، وللأمانة فمشهد ظهور "النمر" في "باثان"، كان أكثر إثارة وتشويقا من حيث الحضور، ومن حيث الأداء التمثيلي لسلمان خان. ولكن من زاوية فنية،  ففيلم "النمر 3" مجرد إعادة سلسلة من الحركات القتالية والأدوار البطولية، وحتى لقطات ومشاهد الأغاني الاحتفالية، إذ يبدو أن لدى بوليود فهمًا أفضل لكيفية صياغة هذا النوع من الأفلام، بخلاف أفلام الجاسوسية الأميركية المحبوكة التي في مجملها لا غبار عليها. تعتبر الأغاني والرقص في هذا الفيلم كتيمات رومانسية محورية، تستمد مادتها من تاريخ السينما الهندية من ناحية الأسلوب، كما يستلهم عناصر تكوين اللقطات من الأجزاء السابقة ل" النمر"، فلا جديد يذكر حتى على مستوى أسلوب الأغاني. على نحو مضاد هناك العديد من تكوين اللقطات مأخوذ من سلسلة "جيسون بورن"، ولا سيما المشاهد التي صورت في شوارع تركيا، وخاصة المشهد الذي تركض فيه الشرطة التركية خلف "النمر"، كسارق لحقيبة تحمل أسرار رموز لرؤوس نووية. فالفيلم من ناحية الأكشن يشبه "بورن"، ومن ناحية الموضوع يعيد قصة "باثان"، وغيره من الأفلام التي تحمل في طياتها تيمة تسريب رموز لصواريخ نووية، وهذا أيضا شاهدناه في العديد من الأفلام الأميركية بما فيهم فيلم "سقوط البيت الأبيض" في أجزائه الثلاثة، والذي أدى بطولته الممثل جيرار بتلر ومورغان فريمان. يبرز هذا النسخ في تناول المواضيع، الفارق الواضح بين مستوى الحبكة الدرامية للجاسوسية الأميركية والهندية، وحتى على مستوى الأداء، فإن النجم الرئيسي لفيلم "سقوط البيت الأبيض"، جيرارد بتلر أو بطل فيلم سلسلة "بورن" مات دايمن، ليس كحال أداء سلمان خان المبالغ فيه، حيث يبدو وكأنه يحاول جاهدًا إضفاء حيوية على نص سينمائي جديد، لكنه خالٍ من الجدة والتجديد. وقد يبدع الممثل سلمان خان في أداء بعض المشاهد الرومانسية ولا سيما تلك التي تدور بينه وبين زوجته "زويا" وابنه، أما الحركات القتالية فقد ظهرت بنوع من التصنع والتكلف، دون أن يضيف قيمة حقيقية للأجزاء السابقة. لا يوجد منعطف مهم في سلسلة أفلام الجاسوسية الهندية الأخيرة، فهي تدور في حلقة مفرغة، والفارق الوحيد أن كل مخرج يلتقط الزوايا، ويحرك آلة التصوير من وجهة نظره الخاصة، إذ أصبحت هذه الأفلام التي تتطلع إلى أن تكون ذات أهمية، بينما في الحقيقة لا تقدم ولا تأخر شيئا، باستثناء بعض الافلام البوليسية للممثل أكشاي كومار، والتي تتمحور بين الجاسوسية وقوة الشرطة المركزية، وغالبا ما يكون مخرج هذا النوع من سلسلة أفلام الشرطة،هو روهيت شيتي الذي أخرج سلسلة أفلام  "سينغام" من بطولة أجاي ديفغان، وفيلم "سوريافانتجي" من بطولة أكشاي كومار، وفيلم "سيمبا" من بطولة رانفير سينغ. وأجزاء أفلام الشرطة مليئة بالإثارة والتشويق، وتعطي قيمة مضافة للعمل الذي تقوم به شرطة مومباي من جهة، وانسجام الأجزاء السابقة من جهة أخرى.

مشاركة :