إيران جارة، ودولة إسلامية، وليست خارج سياق التحديات التي تواجهها دول المنطقة، وهي كما غيرها من دول الخليج معنية باستقرار المنطقة، والحرص على سلامة دولها، والتعايش مع غيرها، وأي إخلال بهذا المفهوم سوف تكون أضراره على الجميع، وخاصة إذا ما كان التباين في المواقف والمفاهيم ووجهات النظر بين المملكة وإيران باعتبارهما الأكبر والأقوى تأثيراً في منطقة الخليج. * * هناك مصالح تجمع المملكة بإيران، ومصالح لإيران تمتد إلى باقي دول الخليج، وبالتالي فمن المهم والضروري التمسك بما لا تتأثر هذه المصالح بموقف غير مسؤول، أو بتصرف يسيء إلى علاقات إيران بدول المنطقة أو بعضها، فالجميع الآن أمام لحظة تاريخية، ومستقبل واعد بتثبيت الأمان والاستقرار، والابتعاد عن تدخل أي دولة بشؤون الدول الأخرى، فالمصالح تُبنى على التفاهم والحوار، والنّأْي عن أي عمل أو تصرف يسيء إلى العلاقات. * * وفي تصوّري أن عودة العلاقات بين المملكة وإيران برعاية الصين يجب أن يُبنى عليها ما يعزز هذه العلاقة ويضيف إليها, ويسمح بمرور وتنفيذ الشراكات بين إيران والمملكة من جهة، وبين إيران وباقي الدول الخليجية من جهة أخرى، وذلك بحسن النيات، ونسيان تداعيات الماضي، والإكثار من اللقاءات وفرص التعاون، وصولاً إلى ما يُسعد شعوب المنطقة، ويزيد من التآخي فيما بينهم. * * لاحظنا بعد اختتام الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة (السعودية - الإيرانية - الصينية) أن هذا الاجتماع عُقد في إطار متابعة اتفاق بكين، وما تضمنه من اجتماعات مجدولة، وما تحقق من تطورات إيجابية في العلاقات بين المملكة وإيران، وفي أجواء شهدت فيها العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية ملموسة تمثلت بافتتاح السفارات، وتبادل الزيارات بين وزيرَيْ الخارجية في المملكة وإيران. * * والأهم في هذه التطورات الإيجابية تلك المكالمات الهاتفية بين قيادتي البلدين، ومشاركة الرئيس الإيراني في القمة العربية الإسلامية غير العادية التي عقدت في الرياض، واتفاق الرياض وطهران وتوجههما لإقامة علاقات طبيعية تقوم على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا ما يجعلنا في تفاؤل كبير على أن مسار العلاقات بين بلدينا يسير وفقاً لما تم الاتفاق عليه برعاية بكين. * * ولابد أن نشير إلى دور الصين في تحقيق المصالحة بين المملكة وإيران، فالصين لعبت ولا زالت دوراً مهماً كوسيط، وراعية لاتفاق بكين، وحريصة على متابعة التقدم وتذليل أي صعوبات تحول دون تنفيذ بنوده، بما يخدم المصالح المشتركة لدول المنطقة ويعزز استقرارها وأمنها، ويأتي اجتماع اللجنة الثلاثية المشتركة في الصين كأحد مخرجات اتفاق بكين. * * والمملكة تنظر إلى اتفاق بكين باعتباره خطوة إيجابية وبنّاءة لتحقيق التنمية والازدهار للبلدين، وشعبيهما الشقيقين، وبقية شعوب المنطقة، لما للمملكة وإيران من ثقل وتأثير إقليمي ودولي، وقد ظهرت البوادر الإيجابية لهذا الاتفاق منذ اللحظات الأولى لتوقيعه من خلال الترحيب الرسمي والشعبي الواسع إقليمياً ودولياً. * * ومع استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تتطلع شعوب المنطقة إلى المزيد من التنمية والاستقرار والسلام والازدهار، وتحقيق الأمل الكبير بأن تكون منطقتنا جاذبة للاستثمار والمشاريع التنموية من مختلف دول العالم، وأن تُطوى صفحة الخلافات، ولا تتكرر، وأن يسود التعاون والتفاهمات الصادقة بين إيران والمملكة وبقية دول المنطقة تحقيقاً لمصالح شعوبنا في التقدم والازدهار.
مشاركة :