باريس - أعلنت شركات شحن عملاقة الجمعة والسبت تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر، وهو ممر تجاري رئيسي بعد هجمات المتمردين الحوثيين في اليمن بالطائرات المسيرة وتهديدها لأي سفينة لها صلات بإسرائيل ردا على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة. وقالت شركات ميرسك الدنماركية، وهاباغ-لويد الألمانية، و"سي.أم.آ.سي.جي.أم" الفرنسية، و"إم.إس.سي" الإيطالية السويسرية، إن سفنها لن تستخدم البحر الأحمر "حتى إشعار آخر" أو حتى الاثنين على الأقل أو "حتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمنا". والبحر الأحمر هو "طريق البحر السريع" الذي يربط المتوسط بالمحيط الهندي، ويمر عبره حوالي 20 ألف سفينة سنويا. وفي الأسابيع الأخيرة زاد المتمردون اليمنيون القريبون من إيران، هجماتهم قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا. ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر غربي اليمن، منذ اقتحامهم العاصمة صنعاء بقوة السلاح عام .2014 وأسقطت سفن حربية أميركية وفرنسية عدة صواريخ وطائرات مسيّرة أثناء قيامها بدوريات في المنطقة. كما أعلن وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس السبت أن المدمرة البريطانية "إتش.إم.إس.دايموند" أسقطت "ما يعتقد أنها مسيّرة هجومية كانت تستهدف الملاحة التجارية في البحر الأحمر" ليل الجمعة السبت. وأعلن الحوثيون الجمعة أنه نفذوا "عملية عسكرية ضد سفينتي حاويات "إم.إس.سي.ألانيا" و"إم.إس.سي بالاتيوم". ووفق القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، تعرضت سفينة "إم.إس.سي.ألانيا" للتهديد فقط ولم يتم استهدافها بأسلحة، بينما أصيبت "إم.إس.سي.بالاتيوم.3 " بصاروخ بالستي. وذكرت مجموعة "إم.إس.سي" في بيان السبت "إم.إس.سي.بالاتيوم 3" فقط، مؤكدة عدم إصابة أي من أفراد طاقمها وأن السفينة نفسها تعرضت "لأضرار محدودة بسبب اندلاع حريق". وأضافت "بسبب هذا الحادث وحفاظا على حياة وسلامة بحارتنا، وحتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمنا، لن تعبر سفن إم.إس.سي قناة السويس"، بوابة دخول وخروج السفن المارة عبر البحر الأحمر. وتابعت "سيتم إعادة توجيه بعض السفن لتمر عبر رأس الرجاء الصالح" في أقصى جنوب إفريقيا. وسيؤدي هذا الالتفاف على إفريقيا إلى إطالة مسار الرحلات بشكل كبير، فالرحلة بين روتردام وسنغافورة مثلا ستطول بنسبة 40 بالمئة من حوالى 8400 ميل بحري (15550 كيلومترا) إلى 11720 ميلا (21700 كيلومتر)، وفق شركة "إس.أند.بي.غلوبل". وقد سلكت العديد من السفن، لا سيما من شركتي "ميرسك" و"إم إس سي"، هذا الطريق بالفعل في الأيام الأخيرة، حسب ما أوضحت الشركة. وطلبت "إم.إس.سي" من زبائنها "إظهار التفهم في هذه الظروف الخطيرة". وفي اليوم نفسه، قررت شركة النقل البحري الفرنسية الرائدة "سي.أم.آ.سي.جي.أم"، "الطلب من كل سفن حاويات سي.أم.آ.سي.جي.أم في المنطقة التي يفترض أن تمر في البحر الأحمر التّوجه إلى مناطق آمنة"، أو عدم مغادرة المياه التي تعدّ آمنة "بأثر فوري وحتى إشعار آخر". وأضافت مبررة قرارها "الوضع مستمر في التدهور والمخاوف الأمنية تتزايد". من جانبها، دعت غرفة الشحن البحري الدولية في بيان "الدول المؤثرة في المنطقة" إلى العمل "في شكل عاجل لوضع حد لتصرفات الحوثيين الذين يهاجمون البحارة والسفن التجارية، ونزع فتيل ما يشكل الآن تهديدا خطيرا للغاية للتجارة الدولية". ووفق الغرفة التي تتخذ مقرا في لندن، يمر 12 بالمئة من التجارة العالمية عادة عبر البحر الأحمر. وتؤكد أن تجنب البحر الأحمر ينطوي على تكاليف وتأخيرات إضافية تضر بالقطاع وتدفق التجارة. وبحسب شركة "إس.أند.بي"، صار عدد متزايد من شركات النقل يطالب بتعويضات بسبب المخاطر الإضافية للمرور من البحر الأحمر. وفي وقت سابق، هددت جماعة الحوثي بمرحلة جديدة من التصعيد ضد إسرائيل، "مالم يتوقف العدوان على غزة"، مشيرة إلى أنه "لدى قواتها أسلحة قادرة على إغراق السفن"، لكن مباحثات تجري بوساطة عمانية لاحتواء الأزمة. وقال محمد عبدالسلام، رئيس وفد الحوثيون السبت، إنهم مستمرون في النقاش مع عدد من الأطراف الدولية بشأن عملياتهم بالقرب من باب المندب. وأضاف في حسابه على منصة "إكس"، "برعاية الأشقاء في سلطنة عمان يستمر التواصل والنقاش مع عدد من الأطراف الدولية بشأن عمليات البحر الأحمر والبحر العربي". وتابع "أكدنا للجميع أن عمليات اليمن هي لمساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يتعرض له القطاع من عدوان وحصار حيث لا غذاء ولا دواء وحتى المياه الصالحة للشرب أقدم كيان العدو على قطعها". وتابع أنه وفي مختلف اللقاءات "جرى التأكيد أن موقف اليمن (الحوثيون) مع غزة غير خاضع للمساومة، وأن السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى موانئه ستبقى عرضةً للاستهداف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر إلى القطاع".وأردف "أي خطوات حقيقية تستجيب للوضع الإنساني في فلسطين وغزة بإدخال الغذاء والدواء من شأنها أن تساهم في خفض التصعيد".
مشاركة :