يحتفل العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم الدولي للمهاجرين، وهو يوم مخصص للاعتراف بأهمية مساهمات المهاجرين، مع تسليط الضوء بصورة خاصة على التحديات التي يواجهونها، وتشدد المنظمة الدولية للهجرة في هذه المناسبة وبشكل متواصل على التزامها بتعزيز الإدارة الإنسانية والمنظمة للهجرة بما يعود بالنفع على الجميع، بما في ذلك مجتمعات المصدر والعبور والمقصد. وتمثل هذه المناسبة فرصة مهمة للحديث عن الدور الإماراتي الرائد في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي باتت من التحديات الرئيسة التي تواجه العالم المعاصر، وذلك في ظل الارتفاع المتواصل لأعداد المهاجرين غير الشرعيين بشكل كبير جداً خلال السنوات الأخيرة، على النحو الذي شكل منها ظاهرة تعد تهديداً خطيراً لدول المصدر، ودول العبور، ودول الاستقبال، ومن أبرز وجوه هذا التهديد، فقدان دول المصدر للقوة العاملة ورأس المال البشري، وإمكانية حدوث توترات اجتماعية وسياسية في دول الاستقبال، فضلاً عن احتمالات توتر العلاقات السياسية بين دول العبور من ناحية، وبينها وبين دول المصدر من ناحية أخرى. ويستند دور الإمارات الرائد في هذا المجال إلى التزامها الصارم بالقيم الإنسانية والمصير المشترك للبشرية ومبادئ الأخوة الإنسانية، وجهودها لمساعدة الفئات الفقيرة والهشّة والمهمشة في المجتمع الدولي، حيث يبرز اسمها كواحدة من أبرز الدول في مجال تقديم الدعم لهذه الفئة، وتهدف مبادراتها في هذا السياق إلى تعزيز التنمية الشاملة في أنحاء العالم كافة، وتحقيق التضامن الاجتماعي الذي يمثل الأساس المتين لترسيخ وحدة المجتمعات والتعاون على الصعيد العالمي. وتماشيًاً مع رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات في ملف ظاهرة الهجرة غير النظامية، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مساهمة الإمارات بنحو 100 مليون دولار، لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من هذه الظاهرة، وكان ذلك بمناسبة مشاركة سموه في «المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة» بالعاصمة الإيطالية روما، في يوليو الماضي، وهي المشاركة التي تعكس مدى اهتمام الدولة بهذا الملف، وقد أكَّد سموّه، خلال المؤتمر، على «رغبة دولة الإمارات في تعزيز التعاون والتكامل والعمل المشترك بشأن قضية دولية على درجة كبيرة من الأهمية والحساسية، وهي قضية الهجرة غير النظامية، بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الاستقرار والتنمية والازدهار». ولأن دولة الإمارات ترى أن التغيّر المناخي هو أحد أبرز أسباب الهجرة غير النظامية، لأنه يسبب الجفاف ويدمِّر المحاصيل الزراعية ويزيد الفقر في الكثير من الدول، فقد سعت من خلال مؤتمر «كوب28» الذي استضافته خلال الفترة من 30 نوفمبر الماضي إلى 12 ديسمبر الجاري، إلى تسريع الجهود الدولية لمعالجة آثار تغيّر المناخ، وقد أسفر المؤتمر عن حزمة من النجاحات التي تمثل انطلاقة جديدة فاعلة للعمل الدولي في هذا المجال. وتحرص دولة الإمارات على التعاون الكامل مع المنظمات الدولية المختلفة، وبشكل خاص تلك المعنية بشكل مباشر بملف ظاهرة الهجرة غير النظامية، على النحو الذي يجسد إيمانها الراسخ بأهمية دور الدبلوماسية والحوار والتفاوض كأدوات لبناء الثقة، وتعد الإمارات أحد الشركاء الرئيسيين في الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تطوير وتعزيز التعاون للحد من موجات الهجرة غير النظامية ومكافحة تداعياتها الخطيرة. ومما لا شك فيه أن جهود دولة الإمارات في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية تجعل منها نموذجاً رائدًا في دعم المهاجرين، وهي تسعى من خلال ذلك إلى ضمان حياة كريمة ومستدامة لهذه الفئة، وتجسد جهود دولة الإمارات في هذا الصدد قصة نجاح في تحقيق التوازن بين الرؤية الإنسانية والتنمية المستدامة، وسيظل دورها الريادي قدوة للمجتمع الدولي في التعامل الفعّال مع قضايا المهاجرين وتحقيق تحوّل إيجابي على مستوى العالم. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :