أعلنت بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال «أتميس» أنها ستشرع في المرحلة الثانية من سحب قواتها من البلاد مطلع الأسبوع المقبل. وأوضحت في بيان أن هذا الانسحاب يأتي تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2710، مشيرةً إلى أنها ستعمل على سحب 3000 جندي إضافي ونقل السيطرة على العديد من قواعد العمليات إلى السلطات الصومالية بحلول 31 ديسمبر 2023. وأضاف البيان أن الأمر يتعلق بـ«خطوة مهمة» في عملية نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوات الصومالية، موضحاً أن المرحلة الثانية من الانسحاب ترتكز على توصيات تقييم تقني مشترك تم إنجازه في أغسطس الماضي. وكانت البعثة قد سحبت في مرحلة أولى ألفي جندي في يونيو الماضي ونقلت السيطرة على 7 قواعد عسكرية إلى قوات الأمن الصومالية، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن. وتتصاعد المخاوف من تبعات تسارع العد التنازلي لإتمام بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال انسحابها من هناك بنهاية العام المقبل، سواء على الأوضاع الأمنية داخل هذا البلد، أو على الصعيد الإقليمي الأوسع نطاقاً. فالمتابعون للوضع في منطقة القرن الأفريقي، يحذرون من أن الصومال ربما سيواجه مستقبلاً غامضاً، إذا ما أنهت البعثة الأفريقية المعروفة باسم «أتميس» مهمتها في أراضيه، دون أن تكون لدى السلطات المحلية القدرة، على حماية البلاد ومواطنيها، خاصة في ظل استمرار وجود خطر حركة «الشباب» الإرهابية، التابعة لتنظيم القاعدة. ويشير المحللون، إلى أن خطورة عملية الانسحاب التدريجي لـ «أتميس»، التي بدأت في شهر يونيو الماضي بموجب قراريْ مجلس الأمن الدولي رقميْ 2628 و2670، تتزايد بالنظر إلى تزامنها مع تواصل الحملة العسكرية الحكومية العشائرية ضد «الشباب»، منذ انطلاقها في أغسطس من العام الماضي. ورغم المكاسب الميدانية التي تحققت خلال المرحلة الأولى من الحملة، فإن مرحلتها الثانية تواجه تحديات متزايدة، مع تصاعد هجمات إرهابيي «الشباب»، التي لا تزال تسيطر على كثير من المناطق الريفية والحضرية في الصومال، ويتمركز عدد لا يُستهان به من عناصرها على طول الحدود مع كينيا، ما يمنحهم هامشاً واسعاً للمناورة. ويبدو تعزيز الحركة الإرهابية لمسلحيها في المنطقة الحدودية شاسعة المساحة بين الصومال وكينيا، محاولة من جانبها لإيجاد ملاذات بديلة، حال اضطر عناصرها، لإخلاء المزيد من معاقلهم في وسط البلاد وجنوبها، على وقع استمرار ضربات القوات الحكومية والمسلحين العشائريين. ويعرب خبراء ومحللون عن مخاوفهم، من أن يؤدي خروج قوة «أتميس»، المؤلفة من قرابة 17 ألفاً وخمسمئة عنصر، من المشهد الأمني الصومالي، إلى حدوث فراغ أمني، تستغله حركة «الشباب»، التي تفيد التقديرات بأن عدد الإرهابيين المنضوين تحت لوائها، قد يصل إلى 12 ألف إرهابي. وفي تصريحات نشرها موقع «لابرينسا لاتينا» الإلكتروني، قالت مصادر محلية في الصومال، إن القوات الحكومية لم تصل بعد إلى القوة الكافية، التي تسمح لها بتولي المسؤوليات الأمنية بشكل كامل، مشيرة إلى أنه لا يزال من الضروري، إجراء تغييرات جذرية في صفوف الجيش الصومالي، قبل أن يتسنى له التخلي عن الدعم العسكري الخارجي. وشددت هذه المصادر، على أن هناك حاجة لإيجاد «مرحلة انتقالية طويلة»، تفصل ما بين خروج القوة الإفريقية «أتميس» بشكل كامل من الصومال، ونقل مسؤولياتها إلى القوات المحلية، وذلك بعد 3 عقود من الحرب والفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية التي عصفت بهذا البلد. ويعزو كثيرون التحسن الأمني الذي شهدته الصومال على مدار الأعوام الماضية، إلى الدور الذي لعبته «أتميس»، التي تضم عناصر من أوغندا وبوروندي وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا، ويتحمل الاتحاد الأوروبي قسطا من تمويلها. وبدأت هذه القوة الاضطلاع بمهامها في مارس 2020، وخلّفت حينذاك قوة «أميسوم»، التي كان الاتحاد الإفريقي قد نشرها عام 2007، لدعم مساعي السلطات الصومالية، للسيطرة على الأوضاع في البلاد.
مشاركة :