تفكيك شبكة تمويل حماس..مهمة ليست سهلة

  • 12/18/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نيويورك -  لا تزال حركة حماس صامدة في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة بهدف القضاء عليها، فيما يتوقع خبراء أن تحتفظ بمصادر تمويلها المتعددة والمتنوعة رغم العقوبات المفروضة عليها، إلى حد يسمح لها بمواصلة القتال لوقت طويل. وأكدت جيسيكا ديفيس رئيسة مجموعة إنسايت ثريت إنتيليجنس 'Insight Threat Intelligence' الكندية لوكالة 'فرانس برس' أن "حماس متينة ماليا"، موضحة أن الحركة "عملت منذ عشر سنوات إن لم يكن أكثر من ذلك على إقامة شبكة تمويل متماسكة" تقوم على استثمارات ومصادر عائدات في الكثير من الدول، من غير أن تواجه أي عقبات. وذكرت من ضمن هذه المصادر "شركات صغيرة وعقارات" في دول مثل تركيا والسودان والجزائر، كما تعتمد حماس على شبكة تبرعات غير رسمية. وقال إسحق غال الخبير الإسرائيلي في الاقتصاد الفلسطيني في معهد ميتفيم الإسرائيلي، إن حماس "باتت تتقن إقامة وتشغيل نظام متشعب جدا من مكاتب الصيرفة عبر تركيا وأوروبا والولايات المتحدة". ولم يتراجع عدد ممولي حماس بالضرورة منذ السابع من أكتوبر/تشرين وشدد لوكاس ويبر أحد مؤسسي معهد ميليتانت واير 'Militant Wire' المتخصص على أنه "بالرغم من فظاعاتها، يبدو أن حماس اكتسبت دعما على الصعيد الدولي بين شرائح من المواطنين يعتبرونها من طلائع المقاومة". وتعتبر طهران الداعم الرئيسي لحماس منذ سنوات ويقدر التمويل الإيراني السنوي للحركة ما بين 70 ومئة مليون دولار، من خلال مجموعة متنوعة من القنوات تراوح بين المدفوعات بالعملات المشفرة وحقائب من الأموال النقدية مرورا بالتحويلات عبر مصارف أجنبية أونظام "الحوالة" غير الرسمي لتحويل أموال. وأوضح غال أن الدعم الإيراني بالمعدات العسكرية كان يتم من خلال التهريب من مصر عبر الأنفاق التي حفرتها الحركة بين غزة ومنطقة سيناء والتي تم إغلاقها أو هدمها. كما قامت حماس بعد فوزها في الانتخابات في العام 2006، بالسيطرة على غزة إثر مواجهات دامية مع حركة فتح، ما جعل من المستحيل التمييز بين الأموال الموجهة إلى سكان القطاع البالغ عددهم الآن 2.4 مليون نسمة وتلك التي تمول جناحي الحركة السياسي والعسكري. وقال غال "كل ما يدخل يذهب إلى حماس وهي تقرر من يعيش ومن يموت"، مشيرا إلى أن مليار دولار من أصل ميزانية قطاع غزة البالغة 2.5 مليار دولار، تأتي على ما يبدو من السلطة الفلسطينية بموافقة إسرائيل. كما تمول الأسرة الدولية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيما تدفع قطر رواتب موظفي حكومة حماس وتقدم مئة دولار شهريا إلى أفقر مئة ألف عائلة في القطاع، بما بلغ مجموع 1.9 مليار دولار بين 2012 و2021 بحسب الدوحة. وأعلنت الدولة الخليجية الغنية بالغاز التي تؤوي المكتب السياسي لحركة حماس عام 2021 تقديم مبلغ سنوي قدره 360 مليون دولار. وتنفي الدوحة أن تكون تقدم دعما ماليا لحماس. وأكد مسؤول قطري أن "مساعدة قطر تتم بدون استثناء بالتنسيق مع إسرائيل والحكومة الأميركية والأمم المتحدة" مضيفا أن "البضائع كلها كالمواد الغذائية والأدوية والوقود تمر مباشرة عبر إسرائيل قبل دخولها إلى غزة". وأفاد الدبلوماسي القطري المكلف المفاوضات بشأن الرهائن عبد العزيز الخليفي اليوم الاثنين أن المساعدات ستتواصل، أما بالنسبة إلى المستقبل، فإن كانت واشنطن فرضت في أكتوبر/تشرين الأول عقوبات على عشرة عناصر أساسيين في حماس والغرب يدرس اتخاذ تدابير رادعة في حق الحركة، يبقى أن تجفيف مصادر تمويل حماس سيكون على الأرجح مستحيلا. وقالت جيسيكا ديفيس إن "هدف القضاء الكامل على تمويل حماس على المدى البعيد غير واقعي"، مضيفة "بالإمكان بلبلته، إزالة جهات أساسية فيه وخفض مصادر الأموال، لكن البنية التحتية ستبقى قائمة. وطالما أن المجموعة لديها داعمون، سيبقى بإمكانها التوجه إليهم للمساعدة من جديد". بدوره يربط غال مستقبل تمويل حماس بالتسوية السياسية المستقبلية في القطاع الفقير المحاصر ويقول "حين تتوقف الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها، سيكون السؤال المطروح: هل يعود هذا النظام المالي برمته أو يتغير؟" وأضاف "غزة اليوم مخيم لاجئين كبير. من سيُكلف تقديم الطعام والماء والملاجئ لهؤلاء اللاجئين؟ حماس أم منظمة أخرى أم آلية أخرى؟" وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن معطيات جديدة بشأن حجم الإخفاق الإسرائيلي في احباط هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول حيث أكدت بأن الدولة العبرية تمكنت في 2018 من الكشف عن الآلة المالية للحركة الفلسطينية والتي مولت على الأغلب الهجوم على مستوطنات غلاف غزة وهو ما سيزيد من تعقيد وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتهم بالإهمال والاخفاق في انقاذ أرواح الإسرائيليين. ووفق المعطيات التي نشرتها الصحيفة الأميركية فان جهاز الموساد حصل على وثائق سرية كشفت تفاصيل معقدة بشأن طرق تمويل حركة حماس وهو ما عرف بصندوق أسهم الحركة في الخارج. وكشفت عملية الاستيلاء على حاسوب مسؤول هام في حركة حماس عن طرق التمويل من ذلك أصول تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات. ووفق الوثائق تسيطر حماس على شركات تعدين ومزارع تربية دواجن وشركات بناء الطرق في السودان إضافة لناطحات سحاب في الإمارات العربية ومطور عقاري في الجزائر، وشركة عقارية مدرجة في البورصة في تركيا. ووصفت الصحيفة الكشف عن مصادر تمويل حماس بأنها فرصة حقيقة لخنق حماس ماليا واحباط مخططاتها فيما تشير المعطيات ان المخابرات الإسرائيلية شاركت الجانب الأميركي دراسة المعلومات. ووفق المعطيات لم ينتقد أحد تلك المؤسسات علناً أو يضغط على تركيا، مركز الشبكة المالية، لإغلاقها وهو ما يشير إلى حالة من الإخفاق والحسابات الخاطئة مع فشل الجانبين الأميركي والإسرائيلي من تدفق مئات المليارات لشراء أسلحة وبناء الانفاق. وعن هذا الإخفاق قال أودي ليفي، الرئيس السابق لقسم الحرب الاقتصادية في الموساد للصحيفة "الجميع يتحدث عن فشل الاستخبارات في السابع من أكتوبر/تشرن الأول، لكن لا أحد يتحدث عن الفشل في وقف الأموال.. المال هو الذي سمح بذلك". وتشير معطيات في تل أبيب وواشنطن إلى أن قيمة الدعم الذي تم كشفه يبلغ نصف مليار دولار، فيما أكدت الصحيفة أن العقوبات المالية التي فرصتها واشنطن على الحركة في 2022 لم تمنع تدفق ملايين الدولارا من خلال بيع اسهم لشركات وضعت على القوائم السوداء. ويتوقع ان تسمح التدفقات المالية لحماس بتمويل حربها المستمرة مع إسرائيل وإعادة البناء عندما تنتهي وفق وزارة الخزانة الأميركية. وأكدت مصادر للصحيفة أن من ملامح الفشل هو أن الجانب الأميركي ركز على فرض عقوبات على إيران وترك الباب مفتوحا امام قدرات حماس التمويلية. وشعر بعض العملاء الذين كشفوا خيوط التمويل بالإحباط ما دفعهم هذا التقاعس إلى "تحميل بعض المستندات على فيسبوك، على أمل أن تجدها الشركات والمستثمرون وأن يتوقفوا عن التعامل مع الشركات المرتبطة بحماس"، وفق الصحيفة وستزيد مثل هذه المعلومات من الضغط على حكومة نتنياهو التي تعرضت لانتقادات بعد الكشف عن معلومات بشأن حصول إسرائيل على مخطط تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول قبل سنة تحت عنوان " جدار اريحا" لكن تم تجاهله. كما سيؤكد هذا التسريب الاتهامات الموجهة لنتنياهو بالسماح لجهود دعم حماس ماليا بهدف تعزيز الانقسام الفلسطيني وهو ما ينفيه رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يؤكد بان تل ابيب رفضت انهيار القطاع إنسانيا.

مشاركة :