تترقّب المعارضة السورية ما سيُعلن رسميًا حول نتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى روسيا في ضوء المعلومات التي أشارت إلى اتفاق روسي – أميركي لإرجاء البحث بمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، في وقت نفى كبير المفاوضين في «الهيئة العليا للمفاوضات» محمد علوش التوقيعَ على وثيقة مبادئ النقاط المشتركة بين الأطراف المشارِكة في نهاية جولة جنيف التي أعلن عنها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا. هذا الموقف عبّر عنه أيضًا عضو «الهيئة العليا التفاوضية» فؤاد عليكو، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» موضحًا: «أرسل دي ميستورا لنا الوثيقة التي أعّدها، ونحن بدورنا وضعنا ملاحظاتنا عليها، لكننا لم نوقع أو نبدِ موافقتنا عليها، لا سيما فيما يتعلّق بهيئة الحكم الانتقالي التي وجدنا ضبابية حولها، مما يعكس تهربًا من الحديث بشكل مباشر وواضح عن هذا الموضوع. ولقد شدّدنا على تمسكنا بأن تكون هذه الهيئة كاملة الصلاحيات التنفيذية، بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي رحيل الأسد عن السلطة». وفي حين لفت عليكو إلى أن «الهيئة العليا للمفاوضات» ستجتمع بعد نحو عشرة أيام لاتخاذ القرار النهائي حول الوثيقة وتجري تقويمًا شاملاً لكل ما حصل في الفترة الأخيرة، بما في ذلك الجولة الأخيرة لمفاوضات جنيف، قال: «أما فيما يتعلّق بما قيل عن توافق روسي - أميركي حول إرجاء البحث بمصير الأسد، فسننتظر إلى حين توضيح الصورة الكاملة أو الحصول على معلومات رسمية في هذا الإطار من الجانب الأميركي الذي سبق أن أكد لنا وأعلن مرات عدّة أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا». وأردف عليكو: «وبالتالي، إذا تأكد هذا الأمر، فذلك يعني تراجعًا في الموقف الأميركي، في حين أن الموقف الروسي الذي يعتبر أنّ الأسد جزء من الحل وليس المشكلة ليس بالأمر الجديد»، معتبرًا أن الحراك الحاصل اليوم قد يشير إلى رغبة دولية في حل الأزمة السورية لكنه يعبر في الوقت عينه عن عدم تفاؤله بالنتائج. من جانب آخر، رأى عليكو أن القرار بشأن المشاركة بالجولة المقبلة من المفاوضات أو عدمها، سابق لأوانه، وشدد في الوقت عينه على أن «الهيئة العليا للمفاوضات» الممثلة لكل أفرقاء المعارضة، السياسية والعسكرية «ستّتخذ القرار المناسب في هذا الشأن لإعلانه قبل الموعد المحدد في 9 أبريل (نيسان) المقبل»، وأضاف: «مع تأكيدنا أنه لا يمكن القبول ببقاء الأسد بأي شكل من الأشكال وحتى في المرحلة الانتقالية، لم يعد لدى الشعب السوري قدرة على القول أو تقبل فكرة أن الأسد سيبقى رئيسا لهم». أما فيما يخص محمد علوش، فإنه قال في تسجيل صوتي له بُثّ على مواقع التواصل الاجتماعي إن كلمة الفصل في المبادرة التي طُرحت في جنيف هي لقادة الفصائل والثوار والشعب السوري لأنهم أصحاب القرار. وأكد أنه لم يتم الموافقة أو التوقيع على هذه الوثيقة، مشيرًا إلى أن هذه الوثيقة هي خاصة بالمبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا، وهو من أخرجها ولم تكن بموافقة الطرفين. وكان رئيس وفد النظام بشار الجعفري، قال إن وثيقة من الأمم المتحدة ستراجع في دمشق قبل الجولة المقبلة من المحادثات. وفي هذه الأثناء، أكد أسامة تلجو، عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» جو أن الشعب السوري «يريد حلاً دائمًا في سوريا ولن يرضى بحلول مؤقتة أو جزئية»، مشددًا على أن «مصير الأسد بات محتومًا بالرحيل، وسيعرف ذلك مع بدء الجولة المقبلة من المفاوضات». واعتبر تلجو أن «النظام لا يزال يراوغ لكسب المزيد من الوقت والمماطلة، لكنه لن ينجح في ذلك»، مضيفًا: «هو يتهرب من المفاوضات المباشرة، ووفده يتهرب من مناقشة أي انتقال سياسي في سوريا بسبب تمسكه ببشار الأسد على حساب أرواح السوريين الذين عانوا طويلاً من الإرهاب». للتذكير، كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أعلن من موسكو أول من أمس، في ختام اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنهما اتفقا على «وجوب الضغط على كل من نظام الأسد والمعارضة من أجل حصول انتقال سياسي في سوريا». وفي حين لم يوضح الوزير الأميركي ما إذا كان تطرّق في مباحثاته مع بوتين التي استمرت أكثر من أربع ساعات إلى مصير الأسد، الذي يشكل نقطة خلاف بين موسكو وواشنطن، أكد أن واشنطن وموسكو اتفقتا على أنه يتعين على الأسد أن «يفعل ما يلزم»، وأن ينخرط في عملية السلام. لكن، وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله يوم الجمعة إن «واشنطن تفهّمت موقف موسكو بأنه ينبغي عدم مناقشة مستقبل الأسد في الوقت الراهن». وكان المبعوث الدولي دي ميستورا قد قدم في 24 مارس (آذار) وثيقة مبادئ مشتركة بين نظام الأسد والمعارضة السورية تضم 12 مادة. وتحتوي الوثيقة التي قال المبعوث الدولي إنها لم تلقَ رفضًا من أي طرف، على بنود تشمل إصلاح مؤسسات الدولة وفقًا للمعايير الدولية ورفض الإرهاب بشكل قاطع، وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يضمن انتقالاً سياسيًا. وتنادي الوثيقة أيضًا بعدم التسامح مع أي أفعال انتقامية من أي طرف، وإعادة بناء الجيش السوري على أساس وطني، وضمان قيام دولة ديمقراطية غير طائفية، والحفاظ على حقوق المرأة في التمثيل العادل.
مشاركة :