واشنطن – كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة قررت تخفيف القيود على بعض مبيعات الأسلحة للسعودية، بعد انخراطها في محادثات السلام مع الحوثيين في اليمن، إذ كانت العملية العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران السبب الرئيسي في فرض هذه القيود، لكن يبدو أن هذا القرار مرتبط أيضا بالهجمات الحوثية الأخيرة على السفن في البحر الأحمر والحاجة إلى تعاون السعودية في ردعها. وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية "تعمل في الوقت الراهن مع الحوثيين على ترسيخ اتفاق سلام، من شأنه إضفاء طابع رسمي على الهدنة الحالية في اليمن". كما أن مسؤولين سعوديين ضغطوا خلال الأسابيع الأخيرة، على مشرعين أميركيين ومعاونين للرئيس الأميركي جو بايدن من أجل تخفيف القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة الهجومية للمملكة، بحسب مسؤولين أميركيين وسعوديين تحدثوا للصحيفة وفضلوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب سرية المحادثات. وتقول الرياض أن الحصول على الأسلحة مهم لتأمين حدودها الجنوبية في حال اندلاع قتال في المستقبل، بجانب ضمان قدرة المملكة على التعامل مع أي توترات متصاعدة في المنطقة في ظل احتدام الحرب في غزة. وتأتي هذه التطورات في ظل هجمات الحوثيين ضد سفن في البحر الأحمر، بينما أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهجمات الحوثية على السفن، ومن بين تلك الدول، المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا واليونان، لكن السعودية قالت أنها لن تشارك في هذا التحالف، غير أن وزارة الدفاع الأميركية “بنتاغون” أشارت إلى أن 8 دول على الأقل من الدول التي قررت الانضمام لتلك الجهود ترفض الكشف عن مشاركتها علنا، ما يشير إلى احتمال أن تكون السعودية من بينها. وحذر الحوثيون بعد الإعلان عن هذا التحالف، من أن "أي دولة" ستتحرك ضدهم، سيتم استهداف سفنها في البحر الأحمر. وهذا التحول في سياسة بايدن، من المرجح أن يواجه معارضة من بعض المشرعين في الكونغرس بحسب نيويورك تايمز، حيث كانت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، قد فرضت حظرا من جانبها على مبيعات الأسلحة للسعودية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بعدما قررت المملكة بالتعاون مع روسيا ودول أخرى منتجة للنفط خفض إنتاجهم. وأثارت تلك الخطوة السعودية قلق الولايات المتحدة، بشأن علاقة الرياض وموسكو في ظل غزو أوكرانيا وسبق ذلك محاولات من أعضاء اللجنة فرض قيود على مبيعات الأسلحة للسعودية بسبب الضحايا المدنيين في حرب اليمن. وقال السيناتور الديمقراطي وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ ريتشارد بلومنتال، الخميس "سأعارض مبيعات أي أسلحة متقدمة في إطار صفقة واحدة منفصلة. أدرك التحديات التي نشأت عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن أعتقد أنه من الضروري وجود سياق وإطار أوسع". وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن بعض المشرعين الآخرين أعربوا عن تحفظاتهم بشكل مستمر حول الخطوة ومن بينهم السيناتور راند بول وهو معارض قوي للحرب في اليمن، وطالما عارض بيع تقنيات استخباراتية وأخرى مرتبطة بالاتصالات إلى السعودية. وفي فبراير/شباط 2021، شدد الرئيس الأميركي على أن الحرب في اليمن "يجب أن تنتهي"، وأضاف "تأكيدا على تصميمنا، فإننا ننهي كل الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن بما في ذلك مبيعات الأسلحة". وأكد بايدن حينها أيضا أن السعودية حليف للولايات المتحدة. وقال في خطابه "السعودية تواجه تهديدات وسنواصل دعمها لحماية أراضيها من هجمات مجموعات تدعمها إيران". ويملك بايدن التراجع عن هذا القرار في حال اعتبر أنه "ليس من مصلحة أميركا" الموافقة على تدفق الأسلحة إلى السعودية، وهي المشتري الأول وبفارق كبير عن أية دولة أخرى للأسلحة الأميركية، وفق الصحيفة. لكن الرياض نجحت خلال السنوات الأخيرة في تجاوز قرارات حظر توريد وبيع الأسلحة لها من قبل الولايات المتحدة ودول غربية، من خلال اعتمادها على مصادر أخرى في توفير ما تحتاج إليه في القطاع العسكري. وخلال السنوات الماضية عملت السعودية على تنويع شراكتها في شراء وتوطين صناعة الأسلحة، مثل روسيا والصين وتركيا وفرنسا، من خلال عقد شراكات استراتيجية في تصنيع الطائرات المقاتلة والمسيرة والمروحية والدبابات. وفي عام 2018، أوقفت كل من الدنمارك والنرويج وألمانيا وهولندا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، تجديد تراخيص صادرات الأسلحة إلى السعودية، على خلفية قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي والوضع في اليمن. لكن في وقت لاحق تراجعت العديد من الدول الغربية عن قرار الحظر، كان آخرها هولندا في يوليو/تموز الماضي، وقبلها إيطاليا في مايو/أيار الماضي. كما استأنفت بريطانيا في يوليو/تموز 2020، مبيعات الأسلحة للسعودية والتي تشمل مقاتلات "تايفون" و"تورنادو" وقنابل موجهة بدقة. وخلال الفترة الماضية ذهبت السعودية لعقد شراكات جديدة لتطوير الأسلحة، خاصة مع تركيا وفرنسا وروسيا والصين. وكانت آخر الجهود السعودية لتنويع مصادر تسليحها ما كشفه موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي عن أن رغبة المملكة في الحصول على 200 مقاتلة فرنسية تعكس عدم رضاها عما تتلقاه من الأسلحة الأميركية. وسبق التوجه السعودي لفرنسا سعي من المملكة للانضمام إلى تحالف دولي لصناعة طائرات الجيل السادس "تيمبيست". ويعمل البرنامج على صناعة طائرة مقاتلة متطورة للغاية، وإتاحتها للتصدير في السوق العالمية بحلول عام 2035.
مشاركة :