يشكل الذكاء الاصطناعي قوة تحولية كبيرة يمكن أن تشكل النسيج الأساسي لقوة العمل في السعودية تماشيا مع الطموحات الكبيرة التي يمر بها اقتصاد السعودية ما يتطلب تمكين الشباب من التكيف والابتكار وإن كان الذكاء الاصطناعي يخفض من إجمالي الأجور لكنه يفتح فرص عمل جديدة تماشيا مع التطورات التقنية السريعة خصوصا وأن الاقتصاد الرقمي يمثل مسارا واضحا لفرص العمل ومنها أيضا الاقتصاد الأخضر الذي سيولد وظائف جديدة. ووفق تقرير صادر حديثا عن المنتدى الاقتصادي العالمي عن مستقبل الوظائف سيولد 69 مليون وظيفة خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ولابد أن يتجه سوق العمل نحو الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات العاملين من أجل إيجاد حلول ابتكارية لأن الذكاء الاصطناعي ستكون له الأولوية في شغل الوظائف المتاحة. هناك متغيرات ديناميكية في سوق العمل تقود إلى تحديات استراتيجية تكمن في نقص الموظفين الذين يمتلكون مهارات جديدة في الذكاء الاصطناعي وتتنافس جهات العمل على عدد محدود ووفق الإحصاءات العالمية فإن 77 في المائة من الشركات حول العالم تواجه صعوبة في العثور على المواهب التي تحتاجها في 2023 وهي مضاعفة عن عام 2015 الذي سجل 38 في المائة مما يؤدي إلى وجود فجوة كبيرة بين الباحثين عن وظائف في سوق العمل. اتجهت السعودية إلى معالجة هذه الفجوة في سوق العمل على تشكيل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) عام 2019 لتعزيز بناء القدرات المتخصصة وفي نفس الوقت إيجاد حلول للبطالة في سوق العمل بسبب أن أغلبهم لا يمتلكون مثل هذه القدرات خصوصا وأن السعودية أغلب مشاريعها من المشاريع العملاقة والتي تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، بل حاولت سدايا تحويل الأزمات إلى فرص وتحويل ثورة الذكاء الاصطناعي من مهدد إلى داعم لسوق العمل وتهدف لرفع الوعي لدى 40 في المائة من القوى العاملة في السوق في القطاعين العام والخاص بحلول 2030، واطلقت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختين عام 2020 و2022 وشارك في النسخة الأخيرة أكثر من 200 خبير من 100 دولة و20 ألف مهتم بالذكاء الاصطناعي وكان أحد أهم محاورها دور الذكاء الاصطناعي في سوق العمل. هناك عدد من الطلاب والطالبات حققوا مراكز متقدمة على دول متقدمة وفاز 18 مشروعا منها 11 بميداليات ذهبية وفضية وبرونزية و 7 مشاريع بمراكز متقدمة من بين 6039 مشروعا قدمه طلاب وطالبات 40 دولة في العالم في المسابقة العالمية للذكاء الاصطناعي للشباب ( Waicy) والفوز بالمركز الأول بعدد الميداليات والمراكز المتقدمة وهذه المسابقة نظمت من قبل سدايا وكاوست وهي إحدى مبادرات سدايا في برنامج بناء القدرات البشرية التي تولي أهمية كبيرة لتحقيق مستهدفاتها الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي والتي ترمي إلى بناء جيل من الخبراء والمختصين والعلماء في الذكاء الاصطناعي. كذلك أطلقت شركة أرامكو العملاقة منصة الممر العالمي للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة بيوند ليمتس وجامعة كالتيك بهدف ربط الرياض بمدينة كاليفورنيا من أجل بناء مركز يركز على الطاقة ومكافحة تغير المناخ ودعم التحول الرقمي والابتكار مدة المشروع 5 سنوات يهدف لدعم جيل جديد من الشركات الناشئة السعودية في هذا المجال الذي يولد وظائف جديدة. تعتبر نيوم أكبر مشروع بنى تحتية خضراء في العالم، ومختبرا حيا لمستقبل التطور المدني، ومسرعا للتقدم البشري، أما مشروع ذا لاين التي انطلقت عجلة العمل فيه عام 2021 فتظهر خرائطه أنه سيمتد على مساحة 170 كلم وبعرض 200 متر فقط، فالسعودية تسير باتجاه أكثر تقدمية خصوصا في مجال البيئة، فهي بحاجة إلى قدرات في الذكاء الاصطناعي لقيادة هذه المشاريع، فهو مشروع يستقبل الراغبين في الالتحاق بمنافسات التحدي لدعم المبتكرين ورواد الأعمال وبناء القدرات المحلية والدولية في الشركات الصغيرة والمتوسطة من جميع أنحاء العالم ودفعها إلى آفاق جديدة في عالم الابتكار، ويأتي هذا التحدي ضمن إطار الجهود التي تبذلها سدايا لإطلاق القيمة الكامنة للبيانات كونها ثروة وطنية تسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 والوصول إلى الريادة العالمية في مجالي البيانات والذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار المتواصل في مجال الذكاء الاصطناعي. كما كشف تقرير لماكينزي من المتوقع أن تصل قيمة المشاريع الكبرى المخط لها في السعودية إلى 1.3 تريليون دولار، بما في ذلك قائمة المشاريع الحكومية الضخمة، والمشاريع الصناعية مع ذروة الإنفاق السنوي تتجاوز 175 مليار دولار بين عامي 2025 و 2028 وهي ثلاثة أضعاف قيمة العقود المتوقعة حيث ترتفع من 50 مليار دولار إلى 150 مليار دولار، ومن المقرر أن تتضاعف القوى العاملة عن مستويات 2021 وستزداد ثلاثة أمثال في مجال البناء.
مشاركة :