تكدست عشرات جثث القتلى في ساحة مستشفى الأقصى الوحيد في وسط قطاع غزة صباح اليوم (الاثنين) بعد ليلة من القصف الإسرائيلي المكثف على مخيمين للاجئين. وتوافد مئات الفلسطينيين إلى ساحة الاستقبال والطوارئ بالمستشفى في محاولة للتعرف على هويات القتلى وسط أجواء من الحزن الشديد. ووصف سكان في مخيم المغازي الليلة الماضية بالجحيم بفعل تنفيذ طائرات حربية إسرائيلية غارات مكثفة على مناطق متفرقة في المخيم لساعات متواصلة. ويعد مخيم المغازي من أصغر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، سواء من حيث الحجم أم من حيث عدد السكان، إذ يتسم بضيق أزقته وارتفاع كثافته السكانية، بحيث يقطنه نحو 27 ألف شخص في مساحة لا تزيد عن 0.6 كيلو متر مربع. وأعلن الناطق باسم مستشفى الأقصى خليل الدقران لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن مقتل 95 شخصا على الأقل في القصف الإسرائيلي على مخيمي المغازي والبريج للاجئين في وسط قطاع غزة على مدار ساعات الليلة الماضية. وذكر الدقران أن القتلى غالبيتهم جرى انتشالهم أشلاء متقطعة والعدد الأكبر منهم لأطفال ونساء جراء استهداف المنازل المأهولة فوق رؤوس قاطنيها. وأوضح أن العشرات من المصابين وضعوا على الأرض وفي الممرات والخيم داخل مستشفى الأقصى بفعل التدفق الكبير لأعدادهم. وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن عددا كبيرا من الضحايا ما يزالون تحت أنقاض المنازل المدمرة ويتعذر انتشالهم بسبب عدم توفر الآليات اللازمة. من جهته، صرح المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة بأن الجيش الإسرائيلي قصف الطرق الرئيسة بين مخيمات مناطق وسط القطاع لتعيق وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى أماكن الاستهداف المختلفة. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الطائرات الحربية الإسرائيلية نفذت أكثر من 50 غارة متتالية بينها مجموعة من الأحزمة النارية العنيفة بين مخيمات النصيرات والبريج والمغازي على مدار ساعات الليلة الماضية. فيما اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بارتكاب "مجزرة مروعة" في مخيم المغازي في "جريمة حرب جديدة امتدادا لحرب الإبادة التي يرتكبها ضد الأطفال والمدنيين"، على حد قولها. واعتبرت الحركة في بيان تلقت ((شينخوا)) نسخة منه أن "القصف الإسرائيلي ضد الآمنين محاولة لترميم صورة الجيش الإسرائيلي المهزوم والمدعوم من إدارة (الرئيس الأمريكي جو بايدن) شريكه الأول في إجرامه وعدوانه"، على حد تعبيرها. وكان الجيش الإسرائيلي أصدر قبل أيام أوامر إخلاء لسكان حوالي 15 بالمائة (حوالي 9 كيلو مترات مربعة) من محافظة وسط قطاع غزة. وتم تحديد المنطقة في خريطة إلكترونية منشورة على وسائل التواصل الإجتماعي. وقبل بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت هذه المنطقة موطنًا لحوالي 90 ألف شخص، وتضم المنطقة أيضًا ستة مراكز إيواء تؤوي نحو 61 ألف نازح، غالبيتهم العظمى نزحوا سابقًا من الشمال. وتشمل المناطق المتضررة مخيمي البريج والنصيرات للاجئين وشمال النصيرات (الزهراء والمغراقة)، وتدعو التعليمات المصاحبة للخريطة السكان إلى الانتقال فورًا إلى الملاجئ في دير البلح، وهي مكتظة بالفعل وتستضيف مئات الآلاف من النازحين. وفي أعقاب الأوامر المتعددة التي أصدرتها القوات الإسرائيلية للفلسطينيين بالإخلاء، يتواجد الآن العديد من النازحين في جنوب غزة. ويقع أكبر موقعين في محافظة رفح، حيث انتقل الآلاف إلى أماكن أخرى وأقاموا فيها هياكل وخيام مؤقتة. وما يزال عشرات الآلاف من النازحين، الذين وصلوا إلى رفح منذ بداية شهر ديسمبر الجاري، يواجهون ظروفاً مكتظة للغاية داخل الملاجئ وخارجها. وتنتظر حشود كبيرة لساعات حول مراكز توزيع المساعدات، في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والمأوى والصحة والحماية بحسب مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا). وحذر أوتشا أنه بدون وجود مراحيض كافية، ينتشر التغوط في الهواء الطلق، مما يزيد المخاوف من انتشار الأمراض، خاصة أثناء هطول الأمطار والفيضانات المرتبطة بها. وتقدر الأمم المتحدة أن 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85 % من السكان، هم نازحون داخليا، بما في ذلك الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات. ويؤدي نقص الغذاء، ولوازم البقاء الأساسية وسوء النظافة، إلى تفاقم الظروف المعيشية السيئة بالفعل، وزيادة مشاكل الحماية والصحة العقلية، وزيادة انتشار الأمراض. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة (حماس) في قطاع غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت مقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني ودمارا هائلا في المباني والبنية التحتية. وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.
مشاركة :