تستعد دانية عقيل نجمة رياضة المحركات لخوض النسخة الثالثة لها من رالي داكار الذي يقام للمرة الخامسة في السعودية بين العلا وينبع من 5 يناير وحتى 19 منه، وفي إطار استعداداتها لسباق "استكشاف الذات" كما تسميه، تسنى لدانية عقيل أن تزور مركز ريد بل لتطوير أداء الرياضيين في النمسا حيث خاضت تجربة فريدة. "العمل الجاد يتغلب على الموهبة، عندما لا تعمل الموهبة بجد"، إنها العبارة التي لفتت موهوبة عالم السباقات السعودية، عندما دخلت مركز تطوير أداء الرياضيين في سالزبورغ، في محطة مهمة لها قبل خوض الرالي المتطلب خلف مقود سيارة جديدة بعد أقل من أسبوعين. وليس مركز ريد بل هذا بالمنشأة الرياضية العادية، إذ يعد أحد أبرز المرافق الرياضية العالمية، وهو يستقبل جميع رياضيي ريد بل ويساعدهم على تحقيق أهدافهم والارتقاء إلى آفاق جديدة في مسيراتهم المهنية. ويتكامل ذلك مع التجربة المرتقبة قريبا للبطلة السعودية، في الرالي الذي تتطلع إليه بنظرة خاصة: "داكار يشكل بالنسبة لي فرصة تتيح للمرء التعرف على ذاته بشكل أفضل، فأنت تكتشف نفسك في الواقع". ومن خلال عبور تسعة آلاف كيلو متر من الأراضي الجديدة، "أنت تتعرف على المكان أو البلد والمناظر الطبيعية، لكن يتاح لك في الوقت عينه أن تتعرف أكثر على سمات شخصيتك". وتوضح دانية عقيل "من خلال التجارب الكثيرة التي تكون عرضة لها على الطرقات الوعرة، ستكتشف ردات فعلك وكيف تتعامل مع فكرة تخطي المعوقات والتحديات التي تواجهك. يتاح لك أن تتعرف على نفسك على قدر ما تتعرف على المسار، وهذا ما يجعل داكار فرصة مذهلة لأي أحد في الحياة". وتشتهر دانية بكونها رياضية سعودية بارزة، وصاحبة إنجازات غير مسبوقة في رياضة المحركات، وهي دائما تعمل على تطوير أدائها وزيادة النجاحات إلى سجلها المميز. ومن خلال المشاركة في الاختبارات المتنوعة التي يقدمها مركز ريد بل، كانت الرياضية المتميزة "متحمسة للتعرف إلى نقاط القوة الجسدية والذهنية ودرجة التركيز لديها"، وهي العناصر "المهمة جدا في عالم الراليات". وقالت متحدثة من المركز المليء بالتجهيزات الحديثة "أسعى إلى تطوير آفاقي وتحقيق إنجازات في المستقبل، من خلال التعليم والتدريب المتوفر هنا". ويعمل في مركز ريد بل للأداء الرياضي فريق بارع اختير أعضاؤه بعناية من المتخصصين في الطب والمدربين. وتجربة دانية في هذا المركز الاستثنائي شكلت من منظورها الخطوة التالية على طريق مواصلة أدائها المتميز وتجاوز أي عقبات قد تواجهها. وترى دانية أن المركز يساعد الرياضيين على "استكشاف المواصفات التي يمكنهم تحسينها وتطويرها كي يجتهدوا وينجحوا في الرياضات المختلفة، وهو يتضمن الأدوات التي يمكن أن تساعدني على تحقيق أهداف جديدة". وتضيف النجمة السعودية التي تؤمن بأهمية التعلم في أي سن واكتساب مزيد من الخبرات والمهارات التي تغني حياة المرء، "بصفتي سائقة سباقات كروس كانتري، لا أتطلع إلى بناء كتلة عضلية تفوق التصور، بل أفكر أكثر في تعزيز القدرة على التحمل، وأن أكون قوية بما يكفي للتحكم بالسيارة وأن أكون مرتاحة في الوقت عينه على امتداد المسافات الطويلة". أما في ما يتعلق بالأداء الذهني، فقد وجدت التدريب في المركز مثيرا للاهتمام "عملنا اليوم على سبيل المثال على تعزيز أوقات ردود الفعل، إذ توجد مجموعات من الأضواء التي تقيس مدى سرعتك في الضغط على الصحيحة منها، ومن خلال أي يد. ولديهم في المركز ألعابا ذهنية تتطلب منك رمي كرة في الهواء، على أن تلتقط في الوقت عينه الكرة الثانية التي ترمى نحوك." وتوضح: "يهدف ذلك إلى تعزيز قدرتك على التمتع بأكثر من مهارة، ومحاولة توسيع إدراكك، وتوعيتك بمحيطك المكاني، وتحفيز عقلك للتفاعل مع محيطك والقيام بأمور عدة في الوقت عينه". ويحفل السجل الرياضي لعقيل بإنجازات جعلت منها قوة لا يستهان بها في عالم السباقات. ففي 2019، أصبحت أول امرأة سعودية تحصل على رخصة منافسة وطنية لسباق الدراجات النارية صادرة عن الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية. وشاركت في أول موسم لها في عالم سباقات الدراجات النارية في كأس دوكاتي ضمن بطولة الإمارات للدراجات النارية لموسم 2020، لتحرز حينها جائزة العام لأفضل رياضي صاعد. ومع انتقالها إلى عالم الراليات، أصبحت عقيل أول امرأة سعودية تشارك في بطولة دولية على هذا الصعيد. وقد خاضت في 2021 جولتين من كأس العالم لراليات باها الصحراوية، لتصبح أول امرأة تفوز بلقب كأس العالم، ضمن فئة "تي3". وفي 2022، أصبحت أول امرأة سعودية تخوض غمار رالي داكار، وأول امرأة عربية في التاريخ تحقق أحد المراكز العشرة الأولى. وينصب تركيزها اليوم على تحقيق إنجاز جديد في النسخة المقبلة من رالي داكار مطلع العام، تقول: "لدي أهداف أسعى لتحقيقها، ويمكن أن أستغل الفرص الموجودة الآن في المركز التدريبي كي أحقق مركزا ممتازا في رالي داكار 2024". وتتابع عقيل شارحة: "في مركز تطوير أداء الرياضيين، عليك أن تقوم بأمور مختلفة عن تلك التي نقوم بها في حياتنا اليومية، وسترى آثار ذلك في السباق، وهو ما يشكل حافزا لمواصلة تطوير الذات وتحسين الأداء، وهذه من الأمور التي أقدرها حقا في العمل مع ريد بل". ومن خلال مرفقين رئيسين في سالزبورغ ولوس أنجلوس، وشبكة تمتد على نطاق عالمي، يقدم المركز فرصة للتدريب وتطوير الأداء لمجموعة واسعة من الرياضيين أينما كانوا في العالم، وفي أفضل الظروف. وهذا ما تؤكده عقيل بدورها "أحببت الجو في المركز وعزم الأشخاص العاملين فيه على مساعدة الرياضيين على التحسن وتطوير أنفسهم، وهذا أمر مهم جدا بالنسبة لي"، وتضيف "من الرائع كذلك الحديث مع رياضيين من مختلف الخلفيات والرياضات، وهذا ما يعطيك منظورا جديدا للرياضة التي تخوض غمارها". وينصب تركيز عقيل الآن على إطلاق العنان لسيارتها الجديدة على "المسار الجميل لرالي داكار 2024 انطلاقا من العلا، الموقع الأخاذ في السعودية، بمناظره الجميلة وطبيعة أراضيه المتنوعة". أما استراتيجيتها فواضحة وبسيطة "الحفاظ على وتيرة ثابتة وأن أكون سريعة بأكبر قدر ممكن إنما أيضا حذرة قدر الإمكان.. أن أقود بسلاسة. هذه قاعدة أتبعها في كل يوم من السباق، إذ لا أغير أسلوبي في القيادة من يوم إلى آخر." وأبعد من التجربة والأداء الرياضيين، حيث ترى في هذا الرالي تجربة حياتية تختبرها عندما تنهي مساره الشاق الطويل "أشعر أنني إنسانة أخرى، أعرف مزيدا عن نفسي وعن نظرتي إلى المستقبل وأهدافي وتطلعاتي، داكار سباق قوي ومصدر إلهام بالنسبة لي".
مشاركة :