ضمن أجواء تراثية وثقافية أصيلة، يعيد «مهرجان الشيخ زايد 2023» الذي تتواصل فعالياته إلى التاسع من مارس المقبل بمنطقة الوثبة في أبوظبي، إحياء حياة الأولين وما ارتبط بها من صور اجتماعية اتسمت بالترابط والتلاحم، ومن الفعاليات الجاذبة التي تستقطب يومياً الزوار من مختلف الجنسيات، الحرف التراثية الإماراتية الأصيلة، التي تتألق في مختلف ساحات هذا الحدث العالمي، على يد حرفيات يعملن بشغف ضمن ورش حية تفاعلية. عبر الأروقة التي صُممت لتعكس الطابع الإماراتي، وزُينت بأدوات تراثية لتشكل لوحات بصرية تجذب الزوار، تقوم كل حرفية ضمن عرض حي، بتقديم الحرفة التراثية التي تبدع فيها، كما تتيح الفرصة للراغبين في التعلم، للاضطلاع على أسرار مختلف هذه الصناعات اليدوية. عروض حية تعكس المهن في جوهرها صورة اجتماعية عن لُحمة وتماسك المجتمع الإماراتي والتكافل السائد فيه، حيث كان كل من يتقن حرفة معينة يساعد الآخرين على تعلمها وامتهانها، باعتبارها تقدم صورة عن الثقافة والعادات والتقاليد الإماراتية وتشكل مصدر رزق للإنسان الإماراتي، كما تبوح بأسرار وأساليب تلك الحرف وكيف كانت النساء في الماضي بارعات في استخدام العناصر البيئية البسيطة المحيطة بهن، ليصنعن منها وسائل تساعدهن على الحياة سواء داخل البيت أو خارجه. حُلي ذهبية وقالت سامية الجابري، من جناح هيئة الثقافة والسياحة بـ«مهرجان الشيخ زايد»، والتي تعمل على تشكيل أنواع ساحرة من الحُلي الذهبية المستوحاة من التراث الإماراتي الأصيل، إن الذهب يحتل مكانة اجتماعية خاصة، حيث إن شراء الذهب والمصوغات من أساسيات الزواج، قديماً وحديثاً، فقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بصورة المرأة الإماراتية وذوقها، موضحة أن المصوغات الذهبية تمثل أشكالاً تقليدية عديدة، مثل «المرتعشة»، وهي قلادة عريضة تحيط بالرقبة، وتتدلى منها سلاسل ذهبية مكونة من أشكال هندسية متناسقة، و«الحيول» وهو المسمى الإماراتي للأساور، مفردها «حِيِل» أي سوار، إضافة إلى «الكف» وهو تصميم ذهبي جميل يجمع بين الأساور والخواتم والسلاسل، وتُعد «الطاسة» أيضاً من الحلي الجميلة والمتميزة للعروس الإماراتية، وهي عبارة عن غطاء للرأس، إما دائري أو مستطيل، ويغطي فروة الرأس بأكملها، وتتدلى منه سلاسل طويلة ذات نقوش وتصاميم مختلفة، ترتديها العروس ليلة الزفاف، مشيرة إلى أنها تقوم باستعراض أشكال مختلفة من الحلي التي تقوم بتصميمها ضمن ورشة حية أمام الزوار لتعم الفائدة، وتنقل خبرتها للأجيال. أخبار ذات صلة 9209 أطنان إجمالي مساعدات الإمارات للأشقاء الفلسطينيين المتحدث الرسمي في البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة لـ«الاتحاد»: الإمارات لن تتوقف عن دعم جهود وقف إطلاق النار في غزة حرفة «التلي» ميثاء الكتبي، من جناح هيئة الثقافة والسياحة في المهرجان، تعكف على ممارسة حرفة «التلي» التي ورثتها عن جدتها ووالدتها، مشيرة إلى أن هذه الحرفة تُعد إحدى الأشكال التقليدية للتطريز الذي تمارسه المرأة الإماراتية منذ القدم، حيث تستخدم خيوط القطن أو الحرير بشكل متداخل مع خيوط الذهب والفضة لتزيين الياقات والأكمام وأطراف الكندورة والثوب، ببريق التصاميم وألوانها النابضة بالحياة، موضحة أن هذه العملية تتطلب الكثير من الصبر والتركيز، إلى جانب المهارة التي تستدعي التعلم منذ الصغر والعمل بجد واجتهاد، لافتة إلى أنها كانت من الحرف التي كانت تتقنها نساء قليلات، موضحة أن «التلي» كان في البداية يُصنع من خيوط الفضة، أما اليوم فدخلت في تصنيعه خامات أخرى، مشيرة إلى أن الحرف التقليدية كانت تعكس الحب والترابط بين النساء خاصة والمجتمع بشكل عام، حيث كان هناك تعاون وتبادل للمهن على مر الأجيال في الفريج. عطور وبخور أما وداد العامري، التي تواصل عملها في صناعة العطور منذ 10سنوات، فتشارك ضمن سوق «القرية التراثية» في المهرجان بمجموعة من الخلطات المبتكرة، مؤكدة أن صناعة العطور والبخور ثقافة متأصلة في المجتمع منذ القدم، ونشاط زاولته المرأة في بيتها وأتقنته وتوارثته عن الجدات، وهو يعكس شغف الإماراتيين بالعطور العربية الأصيلة التي تتميز برائحتها القوية، مما جعل الكثيرين يبتكرون خلطات خاصة بالبيوت وللاستخدام الشخصي، مشيرة إلى أن مهنة صناعة العطور والبخور حافظ عليها الأجداد ونقلوا شغفها إلى الأجيال، خاصة، وقالت: إن الدخون من أهم المستحضرات التي تقوم بتحضيرها بطريقة آمنة وخالية من المواد الكيميائية، وتحظى بإقبال كبير في المناسبات. دقة وإبداع أشارت وداد العامري إلى أنّ صناعة العطور تحتاج إلى دقة وإبداع وجهد وصبر، موضحة أن المجتمع الإماراتي يعشق التطيب بأجمل العطور، وتمثل مشاركتها في المهرجان إضافة كبيرة بالنسبة لها، لاسيما أنه يستقطب العديد من الزوار الذين يستمتعون بالفعاليات المرافقة وبما يعرضه السوق من منتجات تراثية أصلية، مما يفتح نافذة على التراث الإماراتي الأصيل، تتيح للسائح الاطلاع على جانب من عناصر الحضارة والتراث الإماراتي.