أبلغت والدة شاب مواطن برأس الخيمة عن ابنها المدمن للعقاقير المخدرة، وإدمانه أنواعاً مختلفة منها، بغية تحويله إلى مراكز العلاج من الإدمان، بعدما فشلت في محاولاتها حيث إنها لم تترك أسلوبا للمناصحة إلا واستخدمته مع ابنها، ولم تدع شخصاً تظن أنه يؤثر عليه إلا وطلبت مساعدته، ولكن في نهاية المطاف لم تجد حلاً سوى الإبلاغ عنه، والآن يقبع خلف القضبان في قضية متداولة أمام المحكمة على خلفية تعاطيه مؤثرات عقلية . وعزا مختصون اجتماعيون وأسريون عدم الإبلاغ عن ادمان الابناء إلى 4 أسباب رئيسية تأتي في مقدمتها العاطفة الأبوية، وطبيعة المجتمع الإماراتي المحافظ، والنظرة المستقبلية في الإصلاح، والخوف من إفشاء الأسرار والفضيحة. ثمن السكوت وفي ضوء ذلك، أوضحت أم سعيد أنها كانت سبباً في انحراف ابنها، فقد كانت تلاحظ تغير سلوكياته باقتنائه لأجهزة ثمينة، مع مبررات هزيلة جداً لا ترقى للمصداقية، مبينة أنها كانت ترفض الإفصاح حتى لوالده خشية معاقبته، حتى تم القبض عليه في قضية سرقة لامتلاك أشياء كانت توفرها له بالأصل، مناشدة كل أم ألا تأخذها العاطفة حين تلحظ انحراف ابنها، بل يجب أن تتبع كل الإجراءات اللازمة لتحيده عن الطريق المنحرف، وإن لم يجدِ ذلك نفعا فعليها المسارعة والاتصال بالجهات المختصة، فهي الأقدر على مهمة إعادته إلى الطريق السليم بعد تعدد محاولات إنقاذه في وحل الانحراف. غض الطرف في ظل التحديات الكثيرة التي يشهدها العالم أجمع وليس الإمارات فقط، يتطلب الأمر التوعية المجتمعية من خلال مبادرة الأسرة وكل فرد من أفراد المجتمع للتبليغ عن الحالات التي تحتاج إلى معالجة وتأهيل، على أن ندرك جميعاً أنّ هذه المبادرات وهذا التعاون مع الجهات المعنية يندرج ضمن مسؤولية المواطن كونه رجل الأمن الأول، إلى جانب كونه معنيا بحماية أسرته ومجتمعه ووطنه. الطرق السليمة ففي البداية، عدد مدير إدارة الخدمات المجتمعية بدائرة المحاكم برأس الخيمة والمستشار الأسري جاسم محمد المكي: عدداً من الأسباب الاجتماعية والتربوية التي لها الدور الأبرز في عدم تنامي ثقافة الإبلاغ الأسري بداية قبل استفحالها، مبينا أن من أبرزها طبيعة المجتمع الإماراتي المحافظ، التعويل على الأمل في الإصلاح، الخوف من إفشاء الأسرار والفضيحة مشيرا إلى اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتعامل مع الحالات الخطيرة إذا ما ثبت ذلك لجهات الاختصاص، مشيرا إلى أهمية توفير الطرق السليمة في المعالجة بالاستعانة بالأقارب أو أصحاب الخبرة في الاستشارة والنصح داعيًا الآباء والمؤسسات التربوية والاجتماعية إلى القيام بدورهم التربوي التوعوي تجاه أمنهم وحياتهم الأسرية. مشيداً باستهداف دائرة المحاكم لحث جميع منسوبيها من قضاة وموظفين وغيرهم على المساندة في الأمن الأسري لكون أعمالهم تمسّ هذا النوع من القضايا. وقائي وعلاجي وفي سياق ذلك، أكد الرائد محمد سعيد إمباسي بمركز الدعم الاجتماعي في شرطة رأس الخيمة: دور مركز الدعم الاجتماعي الذي يتمحور في جانبين رئيسين يتمثلان في جانبه الوقائي والجانب الآخر علاجي مشيرا إلى بلاغات قليلة جدا تصل من الأسر حول جنوح الأبناء ولم تصل إلى حد الظاهرة؛ كون هذه الثقافة ما زالت غائبة، إضافة إلى تستر بعض الآباء والأمهات على أبنائهم رغم خطورة بعض الحالات، وأكد تفهم مشاعرهم وعاطفتهم وحرصهم على عدم كشف أبنائهم إلا أن كثيراً من السلوكيات والانحرافات يمكن علاجها مبكراً، ومع مرور الوقت قد تستفحل ويصعب علاجها. الأمن الأسري بدوره، قال خلف سالم بن عنبر مدير عام جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية برأس الخيمة: إن أمن الأسرة يرتبط بأمن الوطن، حيث تشهد الدولة عموما والأسرة بوجه خاص تحديات مختلفة ما يتطلب تكامل الأمن الأسري، ما يمكننا من حماية الوطن والحفاظ على أمنه وممتلكاته داعيا إلى ضرورة تكامل وتعاون مختلف المؤسسات المجتمعية لتبني مفهوم الأمن الأسري ودوره الفاعل في إعداد جيل واعٍ قادر على التصدي للتيارات الدخيلة التي تؤثر سلباً في أفكار الشباب ومعتقداتهم، ورفع وعي الوالدين وأولياء الأمور بعوامل الخطورة الفردية، والأسرية المرتبطة بالبيئة المحلية وكذلك المتصلة بالمتغيرات الخارجية، وهذا ما تقوم به الجمعية ضمن حزمة أنشطتها وبرامجها التي تهم المجتمع والأسرة بصفة خاصة، حيث إنه تم مؤخرا طرح دبلوم الإرشاد الأسري بهدف التعامل مع كافة الظواهر الاجتماعية المختلفة والمستجدة منها بشكل خاص. دعوة دعا محمد سعيد امباسي الآباء والأمهات إلى اللين في التعامل والنصح والإرشاد والاستشارة ومعرفة رغبات الأبناء والانفتاح على متطلباتهم، والاستماع الجيد لهم، ومشاركتهم همومهم، وبناء الثقة التي لا تقتصر على مجرد العاطفة، بل تمتد لخلق أجواء من الحوار الهادف البناء الذي يشمل كل تفاصيل حياتهم بما فيهم الأصدقاء، ونوعية الأفكار، والشخصيات المؤثرة فيهم، والمواقع الإلكترونية التي يتصفحونها.
مشاركة :