الرباط - بدأت القاعات السينمائية المغربية في عرض الفيلم الكوميدي الجديد "أنا ماشي أنا"، للمخرج هشام الجباري، وتدور أحداثه حول شخصية تدعى "فريد"، الذي يستمتع بشهر العسل رفقة زوجته الجديدة في أحد الفنادق الفخمة في مراكش، ليُفاجأ بوصول زوجاته السابقات، الشيء الذي سيهدد كل خططه للهروب منهن بالفشل. وفيما يلي نص الحوار الذي اجراه موقع ميدل ايست اونلاين مع المخرج هشام جباري حول كواليس تصوير " أنا ماشي أنا". ما هي الفكرة الرئيسية والرسالة التي ترغب في نقلها من خلال فيلمك السينمائي؟ في اللحظات الساحرة قبيل بداية شهر العسل، كان يوم زفاف رجل شاب متلهف لقضاء أوقات هنيئة مع زوجته التي يعشقها، وكانت الفرحة تتسلل إلى قلبه مع كل لحظة، لكن للأسف لم يكن يعلم أن ثلاثة نساء عشيقات من ماضيه المظلم كانت تنتظره لتعكر صفو حياته، حيث اقتحمت ثلاث نساء حياته بلا موعد، كل واحدة منهن كانت تحمل ذكريات مؤلمة معه، إذ تبين أنه كان ينصب عليهن في الماضي. بدأت هذه النساء بممارسة انتقامهن على نحو شنيع، حيث قلبوا حياته إلى جحيم، وتسابقت الأحداث المروعة والمفاجآت المدمرة عندما انكشفت الخيانات والأكاذيب التي كان يحيكها لهن وسرعان ما تحولت الفرحة إلى كوميديا ساخرة. كيف قمت بتحديد الظواهر الاجتماعية التي ستكون محور الحبكة؟ يعد النصب والاحتيال ظاهرة خبيثة تتسم بالخيانة والتلاعب، وفي سياق هذه الظاهرة نجد رجلاً يتلاعب بمشاعر النساء تحت غطاء الزواج، لكنه في الحقيقة يستغل هذا الوضع للنصب والاستيلاء على ممتلكاتهن، حيث تعيش النساء تحت سحر كلماته الجذابة ووعوده الزائفة، لكنها في النهاية تجد نفسها ضحية للخداع والخيانة، إذ يقوم هذا الرجل بتكوين علاقات مزيفة، يستغل فيها الثقة التي يكنها النساء له، ويبني صورة زائفة عن حياته ونواياه فتنكشف الحقيقة عندما تبدأ النساء في فهم أنهن ليستن الزوجات الوحيدات التي تعرضت لهذا النصب. هل استلهمت القصص الإنسانية المعروضة في الفيلم من تجارب حقيقية داخل المجتمع المغربي؟ تتجلى في هذه القصة رحلة الكثير من النساء اللاتي تعرضن للنصب والاحتيال تحت ستار الحب والزواج، ويأتي السيناريو بمعالجة درامية عصرية تعكس تحولات المجتمع مع التركيز على المتعة والضحك كمكون أساسي في الفيلم. ورغم طابع الأحداث الكوميدي إلا أن قوة الفكرة تتجلى في إبراز الشخصية القوية للمرأة المغربية وقدرتها على التصدي للتحديات، إذ يتم تقديمها بطريقة تحاكي التطورات الاجتماعية والثقافية الحديثة. كيف استخدمت العنصر الدرامي لتسليط الضوء على هذه القضايا الاجتماعية؟ رغم أن العمل يتميز بالكوميديا والمغامرة المشوّقة، يظهر أيضا العنصر الدرامي بقوة، خاصة عندما يدرك الزوج أن المرأة التي ضحت من أجله هي الحب الحقيقي الذي يجب ألا يتجاهله، ويعكس هذا الجانب الدرامي تفاصيل معقدة في العلاقات الإنسانية ويضيف للقصة عمقاً إضافياً. ما هو التوازن الذي حاولت تحقيقه بين الكوميديا والدراما في القالب السينمائي؟ دائما أشتغل على تحقيق توازن بين الكوميديا و الدراما، ولا سيما في الأعمال التلفزيونية مثل "سلمات أبو البنات" الذي شهد توازن ملحوظ بين العناصر الكوميدية والدرامية، وهو ما يظهر على نحو لافت في فيلمي الاخير هذا "أنا ماشي أنا"، فالكوميديا غالبًا ما تكون هي العنصر البارز، إلا أن هناك جانبًا دراميًا قويًا سيظهر في النصف الثاني من العمل. ورغم وجود شدة درامية قوية بين الشخصيات في الجزء الثاني من الفيلم، توازن الحبكة بين الفكاهة والجوانب الإنسانية فيه، فالجمهور تقبل الدراما الموجودة بصدر رحب، ولكن يبقى الهدف هو تقديم مغامرة كوميدية تلهم المشاهدين وتشد انتباههم. هل واجهت تحديات خاصة أثناء تصوير المشاهد الخارجية؟ نواجهنا دائما تحديات كبيرة خلال عملية التصوير وخاصة في فصل الصيف، حيث بلغت درجات الحرارة ذروتها ووصلت إلى 49 درجة مئوية وهذا تحديًا فريدًا، وخاصةً مع تأثير الحرارة الشديدة على مكياج الممثلين وأدائهم، وتجاوز هذا العقب يتطلب التخطيط الجيد وضمان راحة وأداء فعّال لفريق العمل. ورغم هذه التحديات كان العمل يشكل مغامرة مثيرة، فالفيلم الذي إستمر في القاعة لمدة ساعتين وتفاعل معه الجمهور على نحو إيجابي يعكس نجاحًا واضحًا. كيف وضفت التنوع الثقافي والاجتماعي في المجتمع المغربي في مختلف المشاهد؟ تجسدت خلال التصوير جوانب متنوعة من الثقافة المغربية، بدء من الطابع الأمازيغي إلى الجوانب الصحراوية والتأثير الإفريقي، كما تمثل الفضاءات السياحية المتنوعة، سواء الطبيعية أو الثقافية جزءًا أساسيًا من الصور الرائعة، وهذا يعزز جاذبية المغرب للزوار. وأيضا التنوع في الملابس والديكورات كعناصر إضافية تبرز الثراء الثقافي للبلاد، مما يخلق جوًا جميلاً ومتنوعًا يلفت انتباه الجمهور. هل يوجد رسالة خاصة تتعلق بالتطورات الاجتماعية التي تشهدها الأسر المغربية؟ استعملنا أحدث الوسائل التقنية في التصوير، مع فريق عمل قوي التزم بتقديم تجربة بصرية متميزة، كما أن تحقيق مشاهد خارجية متنوعة وممتعة كان يشكل تحديًا كبيرًا، ولكن بالنظر إلى جودة الإنجاز، تجاوز الفريق هذه التحديات ببراعة. وتدل هذه العناصر الإبداعية والتقنية على أن االسينما المغربية قوية تجاريًا وتناسب جميع شرائح الجمهور، ويظهر هذا التناغم الجاد والاحترافي أنه يمكن تحقيق منافسة قوية في هذا المجال، مما يسهم في رفع مستوى الصناعة السينمائية المغربية على الساحة الدولية. هل المغزى من الفيلم هو أن يثير النقاش حول هذه القضايا؟ المغزى من الفيلم هو تحقيق متعة للمشاهد، فالأعمال السينمائية يمكن أن تكون وسيلة فعّالة لإشباع حاجات التسلية والاستمتاع للمشاهدين. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يثير العمل نقاشات اجتماعية عند النظر إلى مواضيعه الرئيسة مثل الحب، والوفاء، ومؤسسة الزواج، واختيار شريك الحياة، إذ يمكن لهذه القضايا أن تلقي الضوء على جوانب مختلفة من حياتنا، وتحفز النقاش حول القيم والتحولات الاجتماعية، ويعتبر ذلك تمديدًا للتأثير الإيجابي للفن في تسليط الضوء على مواضيع ذات أهمية تعزز التواصل والفهم بين الناس. هل هناك أفلام أو مخرجين سينمائيين أثروا في أسلوبك ورؤيتك؟ تأثرت بمجموعة واسعة من المخرجين المغاربة والعرب والأجانب، ابتداءً من البدايات مع هيتشكوك وصولاً إلى كريستوف نولان، وكذلك السينما الآسيوية والمصرية، ومع ذلك يظل كل عمل يحتاج إلى جوانبه الخاصة. وفي عملي "أنا ماشي أنا"، تأثرت على وجه الخصوص بسينما الثمانينيات وأفلام المطاردات في الصحراء والمناطق الجنوبية، فكان لهذه الأفلام جميعها تأثيرها عليّ، ولكن ذلك كان ضمن حدود معقولة فجميع العناصر السينمائية تظهر في أعمالي ولكن بأسلوب مغربي أصيل.
مشاركة :