الإبداع الفني للغة العربية في العمارة والديكور

  • 12/28/2023
  • 18:52
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

  د. لينا الموسوي احتفل العالم الأسبوع الماضي باليوم العالمي للغة العربية، وهي لغة التواصل والتخاطب بين الناس في الدول العربية، وواحدة من أكثر اللغات تأثيرًا في الفنون والأدب، فهي لغة الفنون والعمارة والموسيقى، لغة الإبداع التي وظَفها الكتاب والفنانون والمهندسون المعماريون للتعبير عمّا في دواخلهم بتشكيلها، وذلك بما تحمله الحروف من قوة روحانية كونية محفوظة من الرحمن، وقوة فنية تشكيلية مخطوطة. وتحظى اللغة العربية بأهمية كبيرة عند العرب والمسلمين؛ فهي لغة القرآن، ومع انتشار الإسلام وحضاراته انتشرت وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب والفن والعمارة في أراضي حكم المسلمين؛ حيث يعد التكلم بها عاملًا مؤثرًا على العقل والخلق والروح والدين للأسرار الكونية التي منح الله تعالى حروفها. وتمتاز اللغة العربية بقدرتها على التكيف والإبداع في مختلف المجالات والعلوم؛ سواء كانت في معانيها التي تتميز بالفصاحة والترادف أو ترددات الأصوات؛ فظهرت على شكل مؤلفات فقهية ودواوين شعرية ومقالات، أو جمال حروفها وانسيابية تشكيل خطوطها التي شكّلت هيئة مخطوطات وجداريات فنية ومعمارية مبدعة لتظل خالدة في مختلف المجتمعات الإسلامية والعالمية. وكتابة الحروف العربية من أكثر الفنون جمالًا وإبهارًا من حيث الشكل والمرونة في التشكيل؛ حيث يستطيع الفنان أن يستخرج قطعًا فنية إبداعية من حرف أو كلمات؛ لتكون تُحفًا تشكيلة، إما عن طريق اللوحات الفنية أو الحِرَف بأنواعها، إضافة إلى القماش والمجوهرات. كما نجد أنه تم توظيف الحروف والخط العربي في نقشه على الجدران في الأبنية المدنية والدينية لجمال هذه المخطوطات وزينتها التكوينية. ولا تزال اللغة العربية لغة العلم والثقافة ووسيلة التواصل في العصر الحديث؛ حيث تم تطوير الحروف والخط العربي ونقلها من مرحلة النقوش والزخارف الجدارية إلى ظهورها كجزء أساسي في تصميم مواد كتل الأبنية المعمارية لتصبح مُشكَّلةً على هيئة شبابيك زجاجية أو خرسانات أو غيرها من مواد الأبنية المُستخدمة؛ فنجدها مرئية في "متحف المستقبل" للمرحومة المعمارية زهاء حديد في دبي؛ حيث أبدعت في تشكيل الحروف العربية من الخارج لتظهر على شكل بناية مخطوطة، ومن الداخل، فتكون جزءًا لا يتجزأ عن التصميم الداخلي؛ كأنها تنطق لتقول أنا اللغة العربية القيِّمة في الشكل والمضمون. وهناك أمثلة أخرى لاستخدام الحروف العربية في مركز البحث العلمي في قطر، ومعرض الكتاب في الشارقة، وغيرها من الأبنية الحديثة المعاصرة. وفي هذ العجالة، أحببتُ أن أتكلم قليلا كمهندسة معمارية وكاتبة عاشقة للغتنا العربية مُغتربة في إحدى الدول الغربية، أؤكد على أهمية اللغة العربية وتعليمها وتداولها داخل مجتمعنا الأسري ومع أبناءنا مهما كانت صعبة النطق أو المعنى؛ حيث التعلم في الصغر كالنقش في الحجر، وإذا اعتاد الأطفال على تداول اللغة العربية وحروفها- وإن كانت عامية- يَسهُل عليهم نُطقها نُطقًا صحيحًا، وهذه رسالة أُقدمها من القلب إلى كل أم تتكلم اللغة العربية.. أن تُعلِّم أولادها لغتهم الأم التي هي لغة القرآن والانتماء، وهي الأساس والهوية التي سوف يستند عليها الأبناء في ظل كل تطورات العالم. لتكن أساليب تعلُّم الحروف العربية مُبسّطة عن طريق رسم الحروف وتشكيلها الفني لتتعود عليها عين القارئ، أو عن طريق الكلام الجميل واللفظ البسيط الصحيح؛ فتتعود عليها الأذن، أو عن طريق زاوية ديكور مخطوطة بآيات قرآنية أو أبيات شعرية عريقة. أما عنِّي كمهندسة معمارية عاشقة لحروف لغتنا العربية؛ فقد استطعتُ استخدام الحروف العربية في تصاميم معاصرة لأبنية عامة كالمساجد والمكاتب والحدائق إضافة إلى الديكورات الداخلية؛ حيث عكفتُ على توظيف الحروف الجميلة في تصميم الأثاث والستائر وغيرها من أكسسوارات الديكور واللوحات الفنية. أتمنى الخلود للُغتنا العربية.

مشاركة :