«اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ»

  • 12/27/2023
  • 22:35
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

علَّمنا البعضُ من الفقهاءِ في كُتبهم، ثمَّ أورثوها كتبنَا ومدارسنَا ومنابرنَا وأجهزةَ إعلامِنَا إمَّا جهلًا منهم، أو ضمن فقهِ التَّرهيب التي أُلِّف فيها الكثيرُ من الكُتب حين قالوا: إنَّ الصِّراطَ المُستقِيمَ هو جسرٌ على جهنَّم، أحدُّ من السَّيف، وأدقُّ من الشَّعرةِ، وحوله كلاليبُ يمرُّ عليها كلُّ البشرِ يومَ القيامةِ، فمنهم مَن يمرُّ كالبرقِ، ومنهم مَن يمرُّ أقلُّ فأقلُّ على قدرِ أعمالِهم، ومنهم مَن يسقط في جهنَّم، وتتخطَّفُه الكلاليبُ -سيناريو مُرعب-.ويقينِي أنَّ مثلَ هذه النَّماذج من التَّرهيب كُثر، لكنَّ العودة إلى كتاب الله تعالى، الذي لا يَأتِيه البَّاطلُ مِن بِينِ يديِهِ وَلَا مِن خَلْفِهِ ينكرُ كلَّ ذلكَ تمامًا، وكلُّ الكُتب السَّماويَّة التي أُرسل بها الرُّسل -وهُم القدوةُ لأممِهِم في التمثُّل بها- تقولُ غيرَ ذلك، فجميعُ الرُّسل -عليهم السلام- كانوا يحثُّونَ على العملِ الصَّالح، والقيم الفاضلة، والسلوكات القويمة في معاملاتهم مع أممهم، ونبيُّنَا محمدٌ -عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأزكَى التَّسليمِ- كان كذلك في تعامله وسلوكه، فهو الذي قال اللهُ تعالى عنهُ (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وقال هو عن نفسه (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ)، فالعملُ الصَّالح، والقيمُ الفاضلة والسلوكات القويمة هي الصِّراطُ المُستقِيمُ الحقيقيُّ التي ندعو اللهَ تعالى في كلِّ صلاةٍ من صلواتنا بأنْ يَهْدِينَا إليه؛ لذا يستوجبُ علينا جميعًا أنْ نأتمرَ بما أمرَ اللهُ به، وننتهي عمَّا نهانا اللهُ عنه؛ لأنَّ في ذلك تعزيزًا لتلك الأعمال والقيم والسلوكات، وأنْ نقتدي بكلِّ الأنبياء والرُّسل -عليهم السلام- الذين يُعدُّونَ القدوةَ لنا في سلوكهم ومعاملاتهم.وحتى نقتلع ما علق بعقولنا من تراث مكذوب، لابد وأنْ نطلب الله تعالى دوماً أنْ يهدينا الصراط المستقيم قولاً وعملاً، وسوف استشهد على ذلك بما قاله الله تعالى في كتابه عن الصراط المستقيم، وستجدون أنَّه غير ذلك الجسر، بل هو العمل الصالح، والقيم الفاضلة والسلوكات القويمة:- «قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ» - «قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»- «وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»- «إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»- «وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم»- «مَن يَشَأ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» فهل بعد تلك الآيات الكريمة، التي قالها ربنا -سبحانه وتعالى- مَن يتجاهل ذلك، ويقول ما قاله البعضُ من الفقهاءُ؟.. والله من وراء القصد.

مشاركة :