ياسر رشاد - القاهرة - يحتفل المجلس الأعلى للثقافة، تحت رعاية الأستاذة الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، وبإشراف الدكتور هشام عزمي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عبر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة، ومقررها الدكتور أحمد درويش في أمسية ثقافية، بالذكرى الخمسين لرحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. جاء ذلك مساء الأربعاء الموافق 27 ديسمبر 2023 بالمجلس، فى ندوةأدارها الدكتور شعبان يوسف الناقد والكاتب. وشارك بها طبقًا للترتيب الألفبائي: الدكتور رضا عطية الناقد الأدبي، والدكتور شريف الجيار، أستاذ النقد الأدبي بكلية الألسن جامعة بني سويف، والدكتورة فاطمة الصعيدي، أستاذ اللغويات بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعه حلوان، والدكتور محمود الضبع، أستاذ النقد الأدبي بكلية، الآداب والعلوم الإنسانية جامعة قناة السويس، والدكتور محمود نحلة، أستاذ العلوم اللغوية كلية الآداب جامعة الإسكندرية.وفي بداية اللقاء أشاد الدكتور أحمد درويش بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، صاحب التجربة المشرفة على المستوى الإنساني والمعرفي، منذ تغلب على الصعوبات التي قابلها خلال رحلة حياته منذ أن كان مجرد طفل ضرير.وأكد أن طه حسين نموذج للمعرفة التي تتطور من خلال الآفاق الواسعة التي تفتحها أمام ملايين الدارسين، فهو صاحب العطاءات الكثيرة في العلوم البيئية انطلاقًا من العلوم الأدبية والفكرية والمنهجية، وعلى مستوى اللغات التي ترجم منها وإليها.وقال الدكتور شعبان يوسف إن طه حسين هو مؤسس لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس، حين كان اسمه المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، موضحًا أنه ملأ الدنيا وشغل الناس منذ بزوغ نجمه مع بدايات القرن العشرين، ومؤكدًا أنه كان صاحب توجه فكري طليعي مستنير.ويرى يوسف أن مسيرة طه حسين كانت مسيرة فكرية رغم التنوع الحزبي ذي الصبغة السياسية الذي كان سائدًا في مصر، إلى أن أقيل من عمادة كلية الآداب جامعة القاهرة، ونقل إلى وزارة المعارف وبدأ الوفديون يناصرونه بعد أن كانوا من أكثر معاديه، فغير هو أيضًا توجهه وبدأ يناصر حزب الخليج 365.وقدم الدكتور رضا عطية ورقة بحثية تحت عنوان "طه حسين مشروع سردي ثري"، إذ يرى أن تجربة طه حسين بقدر ما شكلت مشروعًا ثقافيًّا كانت مشروعًا حياتيًّا حقيقيًّا، وبالإضافة إلى الجانب التاريخي فإننا نلحظ تلك القدرة على التحليل النفسي في كتابه "في الشعر الجاهلي".وأكد عطية أن نصوص عميد الأدب العربي مثلت فتحًا إبداعيًّا قديمًا جديدًا في آن، فبقدر ما ينهل من التراث فقد قدم تجربة حداثية مغايرة الأسلوب، وكذلك فقد تنوعت موضوعات طه حسين وشخصياته وأحداثه، وكذلك آلياته السردية، مشيرًا إلى أن "دعاء الكروان" تمثل نقلة نوعية مهمة في مسيرة الرواية العربية الحديثة.وتساءل الدكتور محمود الضبع: ماذا تبقى من طه حسين يستحق الاهتمام؟ وأجاب بأن الراحل ناقش قضايا وإشكاليات تربوية وأدبية، وقد فتح أبوابًا -وطرح عددًا من القضايا، دون أن يطرح لها حلولًا- تجعلنا نتحرى خطاه ونبحث نحن عن الحلول، مذكِّرًا برسالة الدكتوراه التي أعدها ابنه مؤنس طه حسين حول الرومانسية الفرنسية والإسلام، وأفرد جزءًا منه للحكي عن أبيه، ونحن الآن بحاجة إلى إحياء فكرة ترجمة ذلك الجزء التي كانت وزارة الثقافة قد طرحتها في وقت سابق.وتحدث الضبع عن تجربة طه حسين في منهج الشك ودوافعه ونتائجه.وقدمت الدكتورة فاطمة الصعيدي ورقة بعنوان "نقد الإنتاج الأدبي لطه حسين ممثلة بكتاب "فصول في الأدب والنقد" بالتطبيق على نماذج من أربعة فصول من الكتاب، وتحدثت حول أسلوب طه حسين الأدبي الذي كان منمقًا ومليء بالدلالات، فقد استخدم في الفصل الخاص بقوت القلوب الدمرداشية ضمير المتكلم لإبراز رؤيته الخاصة، في حين كان يستخدم نا الفاعلين حين كان يتحدث عن القضايا العامة.وتناول الدكتور محمود نحلة تجربة الدكتور طه حسين، مشيدًا بتميز مسيرته العلمية والفكرية بإسهامه في تيسير الحو العربي على الناشئين، مؤكدًا أن اللغة تُتعلَّم بالمران وكثرة الاستخدام، وليس من خلال القواعد النظرية الجامدة، فما أحوجنا إلى تيسير النحو مثلما نادى الدكتور طه حسين، كي يرغّب الشباب في استخدام اللغة العربية الفصيحة.وأوضح أن الدكتور طه حسين قدم عددًا من الاقتراحات المهمة للحفاظ على اللغة العربية، وعلى رأسها ألا يتعلم الطلاب في المرحلة الأولى من التعليم سوى اللغة الوطنية، ويبدأ تعلمه اللغات الأخرى في المرحلة الثانوية.وقدم الدكتور شريف الجيار ورقة بحثية بعنوان "سلطة الموروث وثقافة المقموع.. دراسة نقدية في دعاء الكروان"مستشهدًا بقول طه حسين: "الجهل حريق لا ينفع معه التقطير". ومشيرًا إلى أن طه حسين طرح قضية أساسية وهي تحرير المرأة من السلطة الذكورية، من خلال تحليل "دعاء الكروان" التي يرى أنها تناقش فكرة الجهل والعلم، مؤكدًا أن الدكتور طه حسين كان يرى أن المرأة هي الأداة الأساسية لنشر العلم والتنوير.ويرى الجيار أن دعاء الكروان كانت الصوت المعبر عن سلطة المجتمع الذكورية، إذ قدم طه حسين فيها ثلاثة أشكال من المرأة، أولاها المرأة التقليدية متمثلة في الأم، والمرأة التي حاولت أن تتحرر ولكن على استحياء فوقعت في فخ الخطيئة (هنادي)، وأما آمنة فهي المرأة التي تمثل صوت شهرزاد في بنية النص عند طه حسين؛ هذه الشهرزاد التي هزمت شهريار وهيمنت عليه بالحكي؛ من خلال الثقافة والمعرفة والتاريخ.
مشاركة :