في بنجلادش، وضعت مهندسة معمارية تصاميم "منزل صغير" من الخيزران والصفائح المعدنية، لمساعدة السكان على مواجهة مخاطر الفيضانات التي تفاقمت بسبب تغير المناخ في هذا البلد المعرض لارتفاع منسوب المياه. هذا العام، حين فاض نهر براهمابوترا أثناء فترة الأمطار الموسمية، لم يضطر أبوسعيد إلى الفرار للمرة الأولى في حياته. انتظر فقط الى حين انحسار الفيضان من الطابق الأول من منزله. يعيش هذا المزارع البالغ من العمر 40 عاما في "خودي باري"، أو "منزل صغير"، وهو هيكل مبتكر مكون من طابقين يوفر ملجأ في مواجهة المخاطر المناخية التي تهدد بشكل متزايد هذا القسم من جنوب آسيا. وقال "لقد أنقذنا خودي باري"، حيث يعيش مثل ملايين من سكان بنجلادش في السهول الخصبة الشاسعة في البلاد. وأضاف "إن مغادرة المنزل خلال الفيضانات يشكل جزءا من حياتنا. وفي كثير من الأحيان، بعد انحسار الفيضانات، نعود لنرى أن ممتلكاتنا قد سرقت". وقال "آمل في ألا نضطر أبدا إلى مغادرة منازلنا مرة أخرى". تعد بنجلادش بين الدول الأكثر عرضة للخطر في العالم بسبب كوارث الأرصاد الجوية الناجمة عن تغير المناخ وارتفاع منسوب المياه. حذر العلماء من أن اشتداد موسم الأمطار وتسارع ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا، يؤديان إلى خلل في مستويات نهري الغانج وبراهمابوترا، وهما نهران مقدسان يشكلان دلتا مهمة للبلاد. وكانت فيضانات عملاقة في منطقة سيلهيت "شمال شرق" عام 2022 ألحقت أضرارا بسبعة ملايين شخص وأسفرت عن مقتل نحو 100 شخص. لكن عمليات الإغاثة وإعادة الإسكان، على مستوى أحد البلدان الأكثر كثافة سكانيا في العالم، أثبتت أنها معقدة بالنسبة إلى السلطات. في قرية أبوسعيد في شار شيلداها "شمال"، شيد 17 نموذجا من المنازل الصغيرة بفضل مارينا تباسوم المهندسة المعمارية البنجلاديشية. أوضحت هذه الفائزة بجائزة "آغا خان للعمارة" التي تكافئ أعمالا تتكيف مع احتياجات العالم الاسلامي، أنها صممت منزلا "بأدنى تكلفة ممكنة لهؤلاء الذين يحتاجون إليه، مع مواد متوافرة محليا". وتضيف لـ"الفرنسية"، أن "الهيكل الذي يرتكز على أعمدة من الخيزران يمكن تجميعه وتفكيكه بسهولة". تبلغ تكلفة بناء الهيكل نحو 450 دولارا "400 يورو" بما يشمل تكلفة اليد العاملة. وتتابع "إنه نظام معيار متنقل، لذلك يمكن نقله من مكان إلى آخر"، في إشارة إلى مشروع "يحضر لتغير المناخ". استوحت التصميم جزئيا من المنازل الخشبية التقليدية في مونشيجانج "منطقة في وسط بنجلادش" بنيت على ركائز متينة ضد الفيضانات، وتخطط لبناء أكثر من 100 "خودي باري" في مختلف أنحاء البلاد. يقول محمد كالو "35 عاما" المقيم في أحد هذه المنازل "إن المستوى الأول مؤلف من صفائح معدنية يمكن إزالتها للسماح بمرور التيار أثناء الفيضانات". ويضيف "إذا ارتفع الماء إلى مستوى الصدر أو الخد، فلا يزال بإمكان الشخص البقاء في المنزل. يمكنك الصعود إلى الطابق الأول، والطهو مستخدما الغاز أو نار الحطب". ويقول محمد جاشيم الذي يبيع منازل خشبية في مونشيجانج "إن البنجاليين يتجهون بشكل متزايد إلى هذا النوع من النماذج". وأضاف "نحن نبيع هذه المنازل في كل أنحاء البلاد، هي تحترم البيئة، ويمكن نقلها بسهولة، ويمكنها تحمل الفيضانات".
مشاركة :