تشتهر «جدة» بتراثها العريق وتنوع ثقافتها، التي تعكس جوهر الهوية وروح المجتمع، ومواكبة لهذه القيم ينطلق «بلد الفن» بنسخته الأولى ببرنامج مستدام، مركزه الإبداع، يأتي مبادرةً من برنامج جدة التاريخية من خلال سلسلة من الفنون المتعددة لفنانين إقليميين وعالميين، وتزهو سماء جدة التاريخية هذه الأيام ببرامج استثنائية ساحرة، تجمع بين الضوء والصوت، والموسيقى وسحر الألوان بتناغم أسطوري. ومن أبرز البرامج «معرض سندباد»، الذي افتتح الأربعاء الماضي، في نسخته الثالثة، تحت شعار «إني أرى اليابسة»، ويستمر المعرض حتى التاسع من مارس المقبل، مستلهماً من الرحلات والسفر تاريخاً وإرثاً ثقافيّاً ذا خصوصية بيئية وجغرافية، ومشتركاً مع الثقافة الإنسانية، أو متشابهاً في بعض الجوانب التاريخية، إذ أسهمت تلك الرحلات في تعريف مفهوم الوطن، والتكيف مع الأماكن والمساحات المشتركة، متجاوزاً الحدود الجغرافية، ومغذياً التقدير العميق للأرض في وعينا الفردي والجماعي. كما سيطلق العنان للخيال من خلال معرض «شيء ما سيكون»، الذي يدشنه «بلد الفن» في الرابع من يناير المقبل؛ للوقوف على فكرة أن الأشياء مستقلة، ويتعمق المعرض في المجهول، ليتأمل فكرة أن الأشياء سواء كانت طبيعية أو صناعية أو مجردة، تتفاعل مع بعضها بعضاً بشكل مستقل عن الإدراك البشري؛ ما يجعلنا نحلّق ونغوص في أعماق رحلة إعمار المنطقة العريقة بجدة التاريخية، والمعروفة أيضاً باسم «البلد»، من خلال عرض سلسلة من المجسمات الفنية، وتقديم عروض يومية تستمر حتى التاسع من مارس لبعض الفنون المميزة لفنانين إقليميين وعالميين، وذلك في بيت الشربتلي، الخنجي الصغير وفي بيت أرامكو، وتحديداً في السابع من يناير المقبل، وسيلقي معرض «المدن الحارة»، نظرة على عواصم العالم العربي؛ للتعرف على كيفية تكيف سكانها مع المناخ القاسي في المنطقة، وإن كانت حلول التصميم المعماري الموجودة تساعد في التأقلم مع المناخ. وسيظهر المعرض كيف دمج المعماريون بين لغة الماضي والتقنيات الحديثة للاستجابة لتحديات المستقبل، ويجيب عن العديد من الأسئلة التي يثيرها تغير المناخ. ومن بين البرامج الذكية الواعدة أيضاً، برنامج «سماع» الذي يولي اهتماماً خاصاً بالأشكال الصوتية، التي يتم صنعها من خلال الصوت والموسيقى فترسخ في الذاكرة، من خلال ممارسة الاستماع العميق. ويؤكد البرنامج مبادئ التعلم المبكر الذي يركز على التكرار والمشاركة، وسرد القصص المشابهة لمنهجية التعلم التي كان يتبعها أسلافنا. وعلى الرغم من تمحور البرنامج على ماضي ثقافتنا، إلا أنه يدعو إلى الحاضر والمستقبل من خلال الأصوات المتنوعة، التي تسمح للثقافة بالتطور في استجابة متناغمة للعولمة. وسيقدم الفنانون المدعوون لهذا البرنامج قيمة تعليمية وترفيهية من سباق برامجهم الصوتية الخاصة؛ لتشكل ذكرى سماعية يستمتع بها الأجيال. يشار إلى أن برنامج «سماع» افتتح فعالياته باستضافة الوايلي وحسن حجيري الأسبوع الماضي، وسينضم شارع المعلقات في الأول من الشهر القادم احتفالاً بعام الشعر العربي، إضافة إلى تجربة أصوات البلد في الـ12 من يناير المقبل، وسيستضيف «بلد الفن» برنامج جدة الدولي للجاز في الـ25 من يناير المقبل، وكذلك تجربة سوق المواهب في الأول من فبراير المقبل، وتجربة «زقاق النجوم» في الثاني من الشهر نفسه. ومع هذه البرامج الثرية والجديدة، تحولت الساحات القديمة في «جدة التاريخية» إلى مسارح زاهية لأبرز العروض الموسيقية الواعدة.
مشاركة :