في ظل الموقف الاقتصادي المتأزم في الكثير من بلدان القارة الأوروبية، وزيادة موجات الهجرة واللاجئين، وجدت أحزاب اليمين المتشدد بيئة خصبة النمو وتقديم أجندة مختلفة عن «اليسار»، محاولة استمالة الناخبين من خلال برامج العيش الكريم وتوفير فرص العمل والشفافية. ويرى رئيس مركز بروكسل للأبحاث رمضان أبو جزر أن هناك أسباباً عدة لتنامي أحزاب اليمين واليمين المتشدد في معظم الدول الأوروبية، يرجع أهمها وبشكل واضح إلى تراجع القدرة الشرائية وتراجع الاقتصادات وزيادة موجات الهجرة واللاجئين والتي تعتبرها هذه الأحزاب السبب الرئيسي في التراجع الاقتصادي. وقال أبو جزر، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن تنامي أحزاب اليمين واضح في هولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا والتي وصلت فيها الزعيمة اليمنية مارين لوبين دورتين متتاليتين لمنافسة الرئيس إيمانويل ماكرون. وأشار إلى أن المنافسة على فرص العمل سبب رئيسي أيضا يشجع الأوروبيين على انتخاب أحزاب اليمين المناهضة للهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى أجندتها الواضحة لمحاربة الإرهاب. وبيّن إن اليمين الأوروبي يحاول تقديم أجندة مختلفة عن اليسار، محاولاً استمالة الناخبين من خلال برامج العيش الكريم وتوفير فرص العمل والشفافية، فيما يحاول انتقاد اليسار الحاكم في البلدان التي لم يصل إليها، إلى جانب محاولة خلخلة الثقة بينها وبين الطبقة العمالية. وفي هذا السياق، قال رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات الاستراتيجية أحمد الياسري في تصريح لـ «الاتحاد»: «إن صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا تسبب في مزيد من الانقسام داخل القارة العجوز حول القضايا الرئيسية والتي لطالما كان اليسار أكثر توازناً في التعاطي معها عالمياً»، متوقعاً حدوث صدامات في الغرب مع الوقت نظراً للاختلاف الشديد في الأيديولوجيا السياسية بين الأطراف المختلفة. من جهته، اعتبر مستشار منظمة الصحافة الدولية بباريس الدكتور خالد سعد زغلول، فوز أحزاب اليمين المتشدد في أوروبا، لا يشكل مفاجأة بعد إفلاس أحزاب اليمين واليسار التقليدية، وفشل جميع الحكومات في احتواء الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها الدول الأوروبية ولم تلب احتياجات شعوبها. وقال زغلول في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه بعد عقود من تجاهلها، حققت هذه الأحزاب انتصارات واسعة وتحولت إلى جزء من العملية السياسية، بل أحد طرفي المعادلة الانتخابية بشكل دائم في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا وهولندا والسويد والنمسا واليونان، مؤكداً أن هذه الأحزاب أصبحت ذات ثقل شعبي وفاعلة سياسياً حتى لو لم تشارك في السلطة إلا أنها تظل مؤثرة على الرأي العام وتقود حركات المعارضة.
مشاركة :