لا يزال العندليب عبد الحليم حافظ أمير القلوب يعيش بيننا على الرغم من رحيله منذ 46 عاماً، «سيدتي» زارت منزل العندليب في 7 شارع حسن صبري، برج زهراء الجزيرة، القاطن في منطقة الزمالك، حيث استقبلنا المخرج محمد الشناوي ابن الفنان كمال الشناوي وزوج السيدة زينب الشناوي ابنة الحاجة علية شقيقة العندليب، التي رحلت منذ عام عن دنيانا، والذي عاش في منزل العندليب منذ زواجه من السيدة زينب الشناوي ابنة عمه عبد القادر الشناوي وحتى الآن. يعيش المخرج محمد الشناوي هو وابناه نور وعبد الحليم في منزل العندليب، يحتفظون بكل مقتنياته في منزله كما هي. تجولت «سيدتي» في كل ركن في المنزل، الذي شعرنا فيه بروح العندليب عبد الحليم حافظ. بدأت رحلتنا من غرفته، فهي كما هي، كما تركها العندليب. كانت الحاجة علية شقيقة العندليب حريصة بعد رحيله على أن يظل البيت كما هو، وأن يظل كل ركن منه كما تركه العندليب بالشكل والترتيب نفسه الذي كان عليه في حياته. وبعد رحيل الحاجة علية، أكملت زينب زوجتي، ابنتها، المشوار بالاهتمام نفسه الذي كانت تقوم به الحاجة علية، وعندما تأثرت دهانات المنزل وتغيرت بفعل الزمن، قررت زوجتي أن تجدد المنزل بألوان الجدران والديكورات ذاتها، فكان من حسن حظنا أن أولاد العمال الذين نفذوا ودهنوا المنزل في الستينيات أكملوا مشوار آبائهم، وقاموا بتجديد المنزل بالشكل المطلوب. فقد كانت حياة الحاجة علية كلها هي عبد الحليم حافظ؛ إذ كانت بمنزلة الأم له بعد رحيل والدتهما أثناء ولادته، على الرغم من أن الفارق العمري بينهما أربع سنوات. كل ذلك جعلها حريصة أن يظل منزله كما هو بكل مقتنياته وديكوراته نفسها، ولم يكن بالنسبة إليها أخاً فقط، بل وابناً أيضاً. لم تتقاض الحاجة علية أي مقابل مادي من أي أحد كان يزور ويصوّر منزل حليم كما يفعل البعض، ونحن جميعاً نسير على هذا النهج الذي كانت عليه الحاجة علية. أكثر مكان كان محبباً لعبد الحليم في غرفته، الكرسي المجاور لجهاز الأسطوانات التي كان يحب سماعها، فقد كان يحب سماع فيروز ووديع الصافي، وأسطوانات عالمية، وكان يحب أن يسمع ويطّلع على كل جديد. كان سرير عبد الحليم شاهداً على لحظاته المؤلمة في أوقات مرضه، وعندما كان يفاجئه النزيف بسبب مرض البلهارسيا في الكبد، الذي ظل يعاني منه طوال حياته ورحل بسببه. فقد كان عبد الحليم ينام صباحاً عندما يستيقظ كل أفراد الأسرة حتى يقوموا بإنقاذه إذا داهمه النزيف، وكان يسهر طوال الليل حتى لا ينام فيداهمه النزيف، ولا يجد أحداً ينقذه لأن كل أفراد الأسرة نائمون. كان عبد الحليم يقوم بعمل الحناء لشعره، وكان في أوقات كثيرة يسند رأسه على ظهر السرير فيتلوّن بلون الحناء الموجودة في شعره. فتركنا هذا اللون كذكرى من عبد الحليم. كان حريصاً على مشاهدة مباريات كرة القدم، فقد كان يشجع النادي الأهلي، ويحرص على مشاهدة مبارياته، وكان يشاهد أيضاً أفلامه ويستمتع بها كثيراً، وكذلك حفلاته الخاصة في يوم الربيع بعد تسجيلها. هل تريدين مشاهدة فيديو.. لبلبة تكشف خلال لقاء تلفزيوني تفاصيل تقديمها للعندليب الأسمر في حفلاته كان يهتم بالاتصال بالصحافيين، ثم يتحدث مع الشعراء الذين يؤلفون له الأغاني، ويتحدث مع بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي. الحاجة فردوس ابنة خاله زوجة شحاتة ابن خالته. وكانت تقيم هي وزوجها وابنتهما أماني والحاجة علية وابنتها زينب، في الجناح الخاص بهم في شقة عبد الحليم. كان يأتي له محمود لبيب كوافيره الخاص، والماكيير الخاص به، وعم عبده اللبيس الذي يحضر له بدله ليختار منها عبد الحليم البدلة التي سيحيي بها حفلته، ثم يرتدي البدلة ويذهب إلى الحفل. الحاجة علية، وشحاتة ابن خالته ومدير أعماله، وكان في أوقات أخرى يسمح لأبناء وبنات إخوته أن يجلسوا معه على سريره يداعبهم ويضحك معهم. وكان حريصاً على أن يفتح معهم حقائب سفره المليئة بالهدايا والملابس لهم. أما من الموسيقيين، فكان يدخل غرفته الموسيقار محمد عبد الوهاب، والموسيقار بليغ حمدي، والموسيقار محمد الموجي، ومجدي الحسيني، وعمر خورشيد وغيرهم. وزاره فريد الأطرش أيام مرضه. كان يعدهم إخوته وأصدقاءه المقربين، وكان يفرح بنجاحهم جداً، وحكى لي هاني مهنا مرة أنه عزف على الأورج صولو على المسرح. وصفق له الجمهور في إحدى حفلات عبد الحليم. فحيا الجمهور على استحياء. وفي الاستراحة بين الوصلتين سأل حليم هاني مهنا لماذا قمت بتحية الجمهور على استحياء؟ فقال له هاني مهنا لأنني أقف بجانبك، فقال له حليم: "هل تعتقد أنني سأتضايق عندما يحييك الجمهور تحية كبيرة؟ أريد أن أقول لك يا هاني معلومة، نجاح أي موسيقي معي في الفرقة هو نجاح لي وكل ما تعلى أنا بعلى؛ لأن هذا دليل أنني أختار أفضل العازفين". أما عمر خورشيد فقد كان يعمل في لوبيتيشا، وهي فرقة كانت تعزف وتغني أغاني فرنسية. وكان يعمل مجدي الحسيني في فرقة، واستعان بهما عبد الحليم ليدخل على الآلات الشرقية آلات غربية، وكان مؤمناً جداً بإبداع عمر خورشيد ومجدي الحسيني وهاني مهنا. عبد الحليم كان يقرأ القرآن في أي وقت، وكان يداوم على قراءته في غرفته، ففي إحدى المرات قالت له الحاجة علية:"إن هناك شائعات تقول إنك يا عبد الحليم تحارب الأصوات الجديدة التي تظهر». فرد عليها عبد الحليم قائلاً: «لن أستطيع أن أنام على سريري لو ظلمت أي إنسان، لكنني في الوقت نفسه سأنافس، وهذا حقي الشرعي عندما أجد أن أحد المطربين قدم أغنية حلوة سأجتهد وأغني الأحلى. كيف أحارب وأنا لا أملك الإذاعة ولا التلفزيون ولا الدولة؟ أنا لا أستطيع أن أؤثر في أحد ليقول هذا يغني، وهذا لا يغني. أنا أهتم بعملي وأبذل فيه مجهوداً كبيراً، وأركز مع نفسي ولا أنظر إلى أحد". يأتي عدد كبير من معجبيه من أنحاء العالم يزورون منزله، ويكتبون رسائل في حب حليم على الحائط خارج الشقة منذ رحيله وحتى الآن. ونندهش أنا والأسرة حين نجد فتيات وشباباً في سن المراهقة يحرصون على زيارة المنزل، ومشاهدة مقتنيات عبد الحليم، ومعرفة كل شيء عن هذه المقتنيات، وهذا يدل على أن حليم ما زال يتربع على عرش الأغنية وما زالت له معجبات ومعجبون من جميع الأعمار والفئات. يمكنك الاطلاع على فيديو.. أحمد زكي يتحدث عن تفاصيل تفكيره في تجسيد شخصية عبد الحليم حافظ هذه الغرفة ملحقة بغرفة نوم عبد الحليم، يقول محمد الشناوي عنها: "كان يجلس فيها الموسيقيون والملحنون، وكل ملحن كان يعمل بروڤات لحنه، ويضيف جملة لحنية جديدة، ويجتمع فيها جميع الموسيقيين، فلحن أي أغنية لعبد الحليم كان ينفذ بشكله النهائي في هذه الغرفة. وفي هذه الغرفة أيضاً جاءنا الرئيس الأسبق حسني مبارك لتقديم واجب العزاء في رحيل عبد الحليم. وكان في ذلك الوقت نائب رئيس الجمهورية، وتم الاتفاق مع الأمن أن يجلس حسني مبارك في هذه الغرفة أثناء تقديمه واجب العزاء، وقد استقبله شقيق عبد الحليم الأكبر إسماعيل شبانة ومجدي العمروسي ومحمد شبانة، وكنت حاضراً في هذه الجلسة". يتذكر محمد الشناوي حب عبد الحليم لشرفته قائلاً: "كان يحب أن يتناول إفطاره في شرفة منزله المطلة على حديقة الأسماك ويستنشق الأكسجين في الصباح. وكان المعجبون يتسلقون الأشجار لكي يشاهدوه في شرفته ويلقوا عليه التحية، وكان يرد لهم التحية مبتسماً". أقيم حفل زواجنا في منزل عبد الحليم بعد رحيله بناءً على رغبة الحاجة علية، فقالت لنا: "أريد أن أحتفل بزواجكما في منزل أخي عبد الحليم حتى أشعر بأنه موجود بيننا ويبارك هذا الزواج". يفجر محمد الشناوي مفاجأة: "ديكور شقة عبد الحليم حافظ صممه فؤاد سراج الدين باشا، وهو الذي صمم كل بانوهات المنزل في الوقت الذي كان يعمل في مهنة الديكور بعدما أغلق حزب الوفد في الستينيات. وكانت الحاجة فردوس تجلس معه وتتابع معه تنفيذ الديكورات، وكان يحب العندليب كثيراً ويقدره ويحترمه. أما ألوان الشقة فهي ذوق عبد الحليم؛ لأنه كان يحب هذه الدرجة من اللون الأخضر". ما رأيك بالاطلاع على محمد شبانه يكشف لـ"سيدتي" تفاصيل متحف ومسرحية عبدالحليم حافظ كانت تُجرى بروفات أغاني عبد الحليم في الجزء من الريسبشن الذي يبدأ من النوافذ الزجاجية وحتى الصالون، حيث كان يمتلئ بكراسي الموسيقيين، الذين يبلغ عدهم نحو 50 عازفاً، إضافة إلى الكورال أيضاً. وفي البروفات كان يهتم بأن تكون أصوات الكورال متفقة مع بعضها البعض، أصوات السيدات كأنها صوت واحد وأصوات الرجال أيضاً كأنها صوت واحد. وكان يحضر الملحنون وأعضاء الفرقة الماسية، ورئيسها أحمد فؤاد حسن، وكذلك عمر خورشيد، ومجدي الحسيني. أتذكر أن أغنية «قارئة الفنجان» أكثر الأغاني التي أخذت عدد بروڤات وصل إلى نحو 50 بروڤة، وكانت البروڤة تستغرق خمس ساعات يومياً. بحضور الأستاذ محمد الموجي حيث يناقشه عبد الحليم في اللحن، وأحياناً تضاف إلى اللحن أشياء جديدة بالاتفاق مع الموجي. كان يترك بنات إخوته أماني ابنة شحاتة وزينب وابتسام ابنتيْ شقيقه الأكبر إسماعيل شبانة يحضرن، وفي إحدى المرات غنين مع الكورال فضحك حليم، وقال: «أنا سامع صوت غريب نشاز»، فقلن له «احنا يا عمو». فقال لهن وهو يضحك «اطلعوا بره». كان يدعو أصدقاءه من الموسيقيين والشعراء والفنانين، وكان يجلس مع أسرته في وقت الغداء، لكنه كان لا يشاركهم في تناول الطعام نظراً إلى مرضه، وكان بمجرد أن يراهم يأكلون من بعض الأكلات الممنوع منها يشعر وكأنه قد أكلها. وفي إحدى المرات حكى لي الموسيقار مجدي الحسيني أنه كان يجلس على سفرة عبد الحليم وعزم عليه حليم بأن يتناول الملوخية. فقال له مجدي الحسيني: "حليم أريدك أن تأكل معي." فقال له العندليب: "ليتني أستطيع، يكفيني أن أراك تأكل وكأني أكلت". قابلت عبد الحليم حافظ وأنا طفل أبلغ من العمر خمس سنوات، كانت الحاجة علية قد قرأت فاتحتها على عمي عبد القادر الشناوي، وكنت أنا وأبي وجدي موجودين في العجوزة في شقة عبد الحليم الأولى، وذهبنا جميعاً لشراء «الشبكة». فركبت في سيارة عبد الحليم حافظ، وجلست في المقعد الخلفي. فجاء عبد الحليم وركب بجوار السائق ففوجئ بي، وقال لي «من أنت»؟ قلت له «محمد». قال لي: «محمد مين». قلت له محمد كمال. فرد قائلاً: «ابن كمال الشناوي»، شعرت بأنه إنسان حنون مثل الأب والأخ، ولم أكن أعرف أنه عبد الحليم ولا أعرف مدى قيمته بوصفه فناناً ومطرباً، وكنت أتمنى أن أظل معه في السيارة طوال الوقت. لم تكن صداقة، ولكن كانت هناك علاقة حب واحترام وتقدير. عبد الحليم كان صديقاً لعمر الشريف وأحمد رمزي. أتمنى أن ينتج عمل بقدر قيمة ومكانة عبد الحليم حافظ، لكن يحتاج إلى إعداد ودراسة وسيناريو قوي، وأن يختار بعناية من يؤدي دور عبد الحليم، وأن يكون لديه كاريزما عالية، ويتدرب تدريباً كبيراً على أداء الشخصية، وتكون روحه قريبة منه وليس الشكل فقط. وقد قدمت مسرحية عن عبد الحليم منذ فترة قصيرة في السعودية حضرها ابناي نور وعبد الحليم نالت إعجابهما، ونجح الشاب الذي قام بأداء شخصية عبد الحليم. لكني للأسف لم أرها. وهذه الآراء بناء على ما نقله لي ابنيَّ بعد مشاهدة المسرحية. شاركنا الحوار نور محمد الشناوي حفيد الفنان كمال الشناوي وحفيد الحاجة علية شقيقة عبد الحليم. نور مطرب وملحن، وهو الابن الأصغر للمخرج محمد الشناوي، نور درس الموسيقى منذ الصغر وتخرج في المعهد العالي للموسيقى العربية. أكثر مكان أحب أن أدندن فيه أو أغني أو ألحن أغنية من أغنياتي غرفة عبد الحليم حافظ؛ لأنني أشعر بأن روحه موجودة في كل مكان فيها. فأنا أراه وكأنه نائم على سريره، أو يتحدث في هاتفه، أو يرتدي ملابسه يفكر في فنه. الغرفة تعطيني الإيحاء الفني، وأنا أعمل ألحاني، أو أقوم بعمل بروڤات أغنية لي استعداداً لحفلة من حفلاتي. أحب غرفة عبد الحليم، ففيها طاقة إيجابية تساعدني على النجاح في عملي مطرباً وملحناً. عندما أشاهد بدل عبد الحليم الموجودة في خزانة غرفته، أشعر بأنني أقف أمامه يشجعني ويستمع لأغنياتي. فقد حكت لي أمي السيدة زينب الشناوي أن خالها الفنان عبد الحليم حافظ كان مرحاً وكريماً ويحب عمله ويتقنه ولا يتهاون فيه، عبد الحليم كان شخصية استثنائية. أحتفظ بآلاتي الموسيقية الخاصة بي العود والبيانو في غرفة عبد الحليم. طلب الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يدخل غرفة عبد الحليم بعد رحيله، وطلب ألّا يدخل عليه أحد، وظل محمد عبد الوهاب في غرفة عبد الحليم نصف ساعة يقرأ القرآن بصوت مسموع، ويتحدث مع عبد الحليم وكأنه أمامه. يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط «سيدتي» في منزل عبد الحليم حافظ لا يزال العندليب عبد الحليم حافظ أمير القلوب يعيش بيننا على الرغم من رحيله منذ 46 عاماً، «سيدتي» زارت منزل العندليب في 7 شارع حسن صبري، برج زهراء الجزيرة، القاطن في منطقة الزمالك، حيث استقبلنا المخرج محمد الشناوي ابن الفنان كمال الشناوي وزوج السيدة زينب الشناوي ابنة الحاجة علية شقيقة العندليب، التي رحلت منذ عام عن دنيانا، والذي عاش في منزل العندليب منذ زواجه من السيدة زينب الشناوي ابنة عمه عبد القادر الشناوي وحتى الآن. يعيش المخرج محمد الشناوي هو وابناه نور وعبد الحليم في منزل العندليب، يحتفظون بكل مقتنياته في منزله كما هي. تنسيق وحوار | هبة خورشيد Heba Khorshid تصوير | حامد كامل Hamed Kamel تجولت «سيدتي» في كل ركن في المنزل، الذي شعرنا فيه بروح العندليب عبد الحليم حافظ. بدأت رحلتنا من غرفته، فهي كما هي، كما تركها العندليب. سألنا المخرج محمد الشناوي: محمد الشناوي رحل عبد الحليم منذ 46 عاماً، وما زالت غرفته بالشكل والديكور نفسه كما تركها العندليب. كيف تحافظون عليها حتى الآن؟ كانت الحاجة علية شقيقة العندليب حريصة بعد رحيله على أن يظل البيت كما هو، وأن يظل كل ركن منه كما تركه العندليب بالشكل والترتيب نفسه الذي كان عليه في حياته. وبعد رحيل الحاجة علية، أكملت زينب زوجتي، ابنتها، المشوار بالاهتمام نفسه الذي كانت تقوم به الحاجة علية، وعندما تأثرت دهانات المنزل وتغيرت بفعل الزمن، قررت زوجتي أن تجدد المنزل بألوان الجدران والديكورات ذاتها، فكان من حسن حظنا أن أولاد العمال الذين نفذوا ودهنوا المنزل في الستينيات أكملوا مشوار آبائهم، وقاموا بتجديد المنزل بالشكل المطلوب. فقد كانت حياة الحاجة علية كلها هي عبد الحليم حافظ؛ إذ كانت بمنزلة الأم له بعد رحيل والدتهما أثناء ولادته، على الرغم من أن الفارق العمري بينهما أربع سنوات. كل ذلك جعلها حريصة أن يظل منزله كما هو بكل مقتنياته وديكوراته نفسها، ولم يكن بالنسبة إليها أخاً فقط، بل وابناً أيضاً. لم تتقاض الحاجة علية أي مقابل مادي من أي أحد كان يزور ويصوّر منزل حليم كما يفعل البعض، ونحن جميعاً نسير على هذا النهج الذي كانت عليه الحاجة علية. ما أكثر مكان كان محبباً لعبد الحليم في غرفته؟ أكثر مكان كان محبباً لعبد الحليم في غرفته، الكرسي المجاور لجهاز الأسطوانات التي كان يحب سماعها، فقد كان يحب سماع فيروز ووديع الصافي، وأسطوانات عالمية، وكان يحب أن يسمع ويطّلع على كل جديد. سرير عبد الحليم كان شاهداً على لحظات مؤلمة. سرير العندليب كان سرير عبد الحليم شاهداً على لحظاته المؤلمة في أوقات مرضه، وعندما كان يفاجئه النزيف بسبب مرض البلهارسيا في الكبد، الذي ظل يعاني منه طوال حياته ورحل بسببه. فقد كان عبد الحليم ينام صباحاً عندما يستيقظ كل أفراد الأسرة حتى يقوموا بإنقاذه إذا داهمه النزيف، وكان يسهر طوال الليل حتى لا ينام فيداهمه النزيف، ولا يجد أحداً ينقذه لأن كل أفراد الأسرة نائمون. سر اللون البني على ظهر السرير ما سر اللون البني الموجود على ظهر سرير عبد الحليم حافظ؟ كان عبد الحليم يقوم بعمل الحناء لشعره، وكان في أوقات كثيرة يسند رأسه على ظهر السرير فيتلوّن بلون الحناء الموجودة في شعره. فتركنا هذا اللون كذكرى من عبد الحليم. ماذا كان يشاهد عبد الحليم في التلفزيون؟ كان حريصاً على مشاهدة مباريات كرة القدم، فقد كان يشجع النادي الأهلي، ويحرص على مشاهدة مبارياته، وكان يشاهد أيضاً أفلامه ويستمتع بها كثيراً، وكذلك حفلاته الخاصة في يوم الربيع بعد تسجيلها. هل تريدين مشاهدة فيديو.. لبلبة تكشف خلال لقاء تلفزيوني تفاصيل تقديمها للعندليب الأسمر في حفلاته "كرست الحاجة علية حياتها كلها لعبد الحليم حافظ؛ إذ كانت بمنزلة الأم له بعد رحيل والدتهما أثناء ولادته" اتصالات الصباح هاتف العندليب عبد الحليم حافظ بعد استيقاظ عبد الحليم من نومه متأخراً، مع من كان يتصل به في بداية يومه؟ كان يهتم بالاتصال بالصحافيين، ثم يتحدث مع الشعراء الذين يؤلفون له الأغاني، ويتحدث مع بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي. من كان يرتّب خزانته؟ الحاجة فردوس ابنة خاله زوجة شحاتة ابن خالته. وكانت تقيم هي وزوجها وابنتهما أماني والحاجة علية وابنتها زينب، في الجناح الخاص بهم في شقة عبد الحليم. ما هي طقوسه قبل حفلات؟ كان يأتي له محمود لبيب كوافيره الخاص، والماكيير الخاص به، وعم عبده اللبيس الذي يحضر له بدله ليختار منها عبد الحليم البدلة التي سيحيي بها حفلته، ثم يرتدي البدلة ويذهب إلى الحفل. لمن كان يسمح بدخوله إلى غرفته؟ الحاجة علية، وشحاتة ابن خالته ومدير أعماله، وكان في أوقات أخرى يسمح لأبناء وبنات إخوته أن يجلسوا معه على سريره يداعبهم ويضحك معهم. وكان حريصاً على أن يفتح معهم حقائب سفره المليئة بالهدايا والملابس لهم. أما من الموسيقيين، فكان يدخل غرفته الموسيقار محمد عبد الوهاب، والموسيقار بليغ حمدي، والموسيقار محمد الموجي، ومجدي الحسيني، وعمر خورشيد وغيرهم. وزاره فريد الأطرش أيام مرضه. إخوة وأصدقاء مصحف العندليب عبد الحليم حافظ كيف كانت علاقته بعمر خورشيد ومجدي الحسيني وهانيمهنا؟ كان يعدهم إخوته وأصدقاءه المقربين، وكان يفرح بنجاحهم جداً، وحكى لي هاني مهنا مرة أنه عزف على الأورج صولو على المسرح. وصفق له الجمهور في إحدى حفلات عبد الحليم. فحيا الجمهور على استحياء. وفي الاستراحة بين الوصلتين سأل حليم هاني مهنا لماذا قمت بتحية الجمهور على استحياء؟ فقال له هاني مهنا لأنني أقف بجانبك، فقال له حليم: "هل تعتقد أنني سأتضايق عندما يحييك الجمهور تحية كبيرة؟ أريد أن أقول لك يا هاني معلومة، نجاح أي موسيقي معي في الفرقة هو نجاح لي وكل ما تعلى أنا بعلى؛ لأن هذا دليل أنني أختار أفضل العازفين". أما عمر خورشيد فقد كان يعمل في لوبيتيشا، وهي فرقة كانت تعزف وتغني أغاني فرنسية. وكان يعمل مجدي الحسيني في فرقة، واستعان بهما عبد الحليم ليدخل على الآلات الشرقية آلات غربية، وكان مؤمناً جداً بإبداع عمر خورشيد ومجدي الحسيني وهاني مهنا. متى كان يقرأ عبد الحليم القرآن؟ عبد الحليم كان يقرأ القرآن في أي وقت، وكان يداوم على قراءته في غرفته، ففي إحدى المرات قالت له الحاجة علية:"إن هناك شائعات تقول إنك يا عبد الحليم تحارب الأصوات الجديدة التي تظهر». فرد عليها عبد الحليم قائلاً: «لن أستطيع أن أنام على سريري لو ظلمت أي إنسان، لكنني في الوقت نفسه سأنافس، وهذا حقي الشرعي عندما أجد أن أحد المطربين قدم أغنية حلوة سأجتهد وأغني الأحلى. كيف أحارب وأنا لا أملك الإذاعة ولا التلفزيون ولا الدولة؟ أنا لا أستطيع أن أؤثر في أحد ليقول هذا يغني، وهذا لا يغني. أنا أهتم بعملي وأبذل فيه مجهوداً كبيراً، وأركز مع نفسي ولا أنظر إلى أحد". "طلب محمد عبد الوهاب أن يدخل غرفة عبد الحليم بعد رحيله، وظل يقرأ القرآن بصوت مسموع، ويتحدث مع عبد الحليم وكأنه أمامه" معجبون من أنحاء العالم المرآة التي كان يقف عبد الحليم أمامها يصفف شعره في غرفته ويضع عليها صوره وصور آيات قرآنية وتكريمات خاصة به وزجاجات عطر حزنت أسرة حليم على رحيل معجبة تونسية كانت تحرص على زيارة منزل العندليب في ذكراه منذ أن رحل وحتى وقت قريب قبل رحيلها. ماذا يحدث يوم الذكرى في منزل العندليب؟ يأتي عدد كبير من معجبيه من أنحاء العالم يزورون منزله، ويكتبون رسائل في حب حليم على الحائط خارج الشقة منذ رحيله وحتى الآن. ونندهش أنا والأسرة حين نجد فتيات وشباباً في سن المراهقة يحرصون على زيارة المنزل، ومشاهدة مقتنيات عبد الحليم، ومعرفة كل شيء عن هذه المقتنيات، وهذا يدل على أن حليم ما زال يتربع على عرش الأغنية وما زالت له معجبات ومعجبون من جميع الأعمار والفئات. يمكنك الاطلاع على فيديو.. أحمد زكي يتحدث عن تفاصيل تفكيره في تجسيد شخصية عبد الحليم حافظ غرفة الاستماع وبروفات الملحنين الغرفة الملحقة بغرفة نوم عبد الحليم حيث كان يجلس فيها الملحنون والموسيقيون لعمل بروفات لألحان أغاني عبد الحليم حتى تخرج الأغنية في شكلها النهائي، أيضاً تم استقبال الرئيس الأسبق حسني مبارك فيها عندما قدم واجب العزاء في عبد الحليم وكان حينها نائب رئيس الجمهورية هذه الغرفة ملحقة بغرفة نوم عبد الحليم، يقول محمد الشناوي عنها: "كان يجلس فيها الموسيقيون والملحنون، وكل ملحن كان يعمل بروڤات لحنه، ويضيف جملة لحنية جديدة، ويجتمع فيها جميع الموسيقيين، فلحن أي أغنية لعبد الحليم كان ينفذ بشكله النهائي في هذه الغرفة. وفي هذه الغرفة أيضاً جاءنا الرئيس الأسبق حسني مبارك لتقديم واجب العزاء في رحيل عبد الحليم. وكان في ذلك الوقت نائب رئيس الجمهورية، وتم الاتفاق مع الأمن أن يجلس حسني مبارك في هذه الغرفة أثناء تقديمه واجب العزاء، وقد استقبله شقيق عبد الحليم الأكبر إسماعيل شبانة ومجدي العمروسي ومحمد شبانة، وكنت حاضراً في هذه الجلسة". الشرفة المطلة على حديقة الأسماك يتذكر محمد الشناوي حب عبد الحليم لشرفته قائلاً: "كان يحب أن يتناول إفطاره في شرفة منزله المطلة على حديقة الأسماك ويستنشق الأكسجين في الصباح. وكان المعجبون يتسلقون الأشجار لكي يشاهدوه في شرفته ويلقوا عليه التحية، وكان يرد لهم التحية مبتسماً". حفل زفاف في منزل العندليب التلفزيون في منزل عبد الحليم حافظ أقيم حفل زفافك على السيدة زينب الشناوي في منزل عبد الحليم بعد رحيله. أقيم حفل زواجنا في منزل عبد الحليم بعد رحيله بناءً على رغبة الحاجة علية، فقالت لنا: "أريد أن أحتفل بزواجكما في منزل أخي عبد الحليم حتى أشعر بأنه موجود بيننا ويبارك هذا الزواج". من صمم ديكور منزل عبد الحليم؟ يفجر محمد الشناوي مفاجأة: "ديكور شقة عبد الحليم حافظ صممه فؤاد سراج الدين باشا، وهو الذي صمم كل بانوهات المنزل في الوقت الذي كان يعمل في مهنة الديكور بعدما أغلق حزب الوفد في الستينيات. وكانت الحاجة فردوس تجلس معه وتتابع معه تنفيذ الديكورات، وكان يحب العندليب كثيراً ويقدره ويحترمه. أما ألوان الشقة فهي ذوق عبد الحليم؛ لأنه كان يحب هذه الدرجة من اللون الأخضر". ما رأيك بالاطلاع على محمد شبانه يكشف لـ"سيدتي" تفاصيل متحف ومسرحية عبدالحليم حافظ "أغنية «قارئة الفنجان» أكثر الأغاني التي أخذت عدد بروڤات وصلت إلى نحو 50 بروڤة" سفرة عبد الحليم جزء من غرفة الاستقبال حيث كان تجري فيه بروفات أغاني حفلات عبد الحليم التي كانت تقام في يوم الربيع كيف كانت تُجرى بروڤات أغاني عبد الحليم في منزله؟ كانت تُجرى بروفات أغاني عبد الحليم في الجزء من الريسبشن الذي يبدأ من النوافذ الزجاجية وحتى الصالون، حيث كان يمتلئ بكراسي الموسيقيين، الذين يبلغ عدهم نحو 50 عازفاً، إضافة إلى الكورال أيضاً. وفي البروفات كان يهتم بأن تكون أصوات الكورال متفقة مع بعضها البعض، أصوات السيدات كأنها صوت واحد وأصوات الرجال أيضاً كأنها صوت واحد. وكان يحضر الملحنون وأعضاء الفرقة الماسية، ورئيسها أحمد فؤاد حسن، وكذلك عمر خورشيد، ومجدي الحسيني. أتذكر أن أغنية «قارئة الفنجان» أكثر الأغاني التي أخذت عدد بروڤات وصل إلى نحو 50 بروڤة، وكانت البروڤة تستغرق خمس ساعات يومياً. بحضور الأستاذ محمد الموجي حيث يناقشه عبد الحليم في اللحن، وأحياناً تضاف إلى اللحن أشياء جديدة بالاتفاق مع الموجي. من كان يسمح له حليم بأن يحضر بروفات أغانيه من أسرته؟ كان يترك بنات إخوته أماني ابنة شحاتة وزينب وابتسام ابنتيْ شقيقه الأكبر إسماعيل شبانة يحضرن، وفي إحدى المرات غنين مع الكورال فضحك حليم، وقال: «أنا سامع صوت غريب نشاز»، فقلن له «احنا يا عمو». فقال لهن وهو يضحك «اطلعوا بره». من كان يدعوهم على سفرته؟ كان يدعو أصدقاءه من الموسيقيين والشعراء والفنانين، وكان يجلس مع أسرته في وقت الغداء، لكنه كان لا يشاركهم في تناول الطعام نظراً إلى مرضه، وكان بمجرد أن يراهم يأكلون من بعض الأكلات الممنوع منها يشعر وكأنه قد أكلها. وفي إحدى المرات حكى لي الموسيقار مجدي الحسيني أنه كان يجلس على سفرة عبد الحليم وعزم عليه حليم بأن يتناول الملوخية. فقال له مجدي الحسيني: "حليم أريدك أن تأكل معي." فقال له العندليب: "ليتني أستطيع، يكفيني أن أراك تأكل وكأني أكلت". ركبت سيارة عبد الحليم لوحة رسمها الفنان جمال كامل في منزل عبد الحليم استغرقت 6 أشهر بسبب مرض عبد الحليم ومؤخراً طلبها متحف اللوڤر في فرنسا من أهل عبد الحليم وقريباً ستعرض في المتحف ما ذكرياتك مع العندليب؟ قابلت عبد الحليم حافظ وأنا طفل أبلغ من العمر خمس سنوات، كانت الحاجة علية قد قرأت فاتحتها على عمي عبد القادر الشناوي، وكنت أنا وأبي وجدي موجودين في العجوزة في شقة عبد الحليم الأولى، وذهبنا جميعاً لشراء «الشبكة». فركبت في سيارة عبد الحليم حافظ، وجلست في المقعد الخلفي. فجاء عبد الحليم وركب بجوار السائق ففوجئ بي، وقال لي «من أنت»؟ قلت له «محمد». قال لي: «محمد مين». قلت له محمد كمال. فرد قائلاً: «ابن كمال الشناوي»، شعرت بأنه إنسان حنون مثل الأب والأخ، ولم أكن أعرف أنه عبد الحليم ولا أعرف مدى قيمته بوصفه فناناً ومطرباً، وكنت أتمنى أن أظل معه في السيارة طوال الوقت. هل كانت هناك صداقة تجمع بين عبد الحليم حافظ ووالدك الفنان كمال الشناوي؟ لم تكن صداقة، ولكن كانت هناك علاقة حب واحترام وتقدير. عبد الحليم كان صديقاً لعمر الشريف وأحمد رمزي. هل هناك عمل درامي سيقدم عن حياة العندليب بقدر قيمته ومكانته؟ أتمنى أن ينتج عمل بقدر قيمة ومكانة عبد الحليم حافظ، لكن يحتاج إلى إعداد ودراسة وسيناريو قوي، وأن يختار بعناية من يؤدي دور عبد الحليم، وأن يكون لديه كاريزما عالية، ويتدرب تدريباً كبيراً على أداء الشخصية، وتكون روحه قريبة منه وليس الشكل فقط. وقد قدمت مسرحية عن عبد الحليم منذ فترة قصيرة في السعودية حضرها ابناي نور وعبد الحليم نالت إعجابهما، ونجح الشاب الذي قام بأداء شخصية عبد الحليم. لكني للأسف لم أرها. وهذه الآراء بناء على ما نقله لي ابنيَّ بعد مشاهدة المسرحية. حوار مع نور نور الشناوي شاركنا الحوار نور محمد الشناوي حفيد الفنان كمال الشناوي وحفيد الحاجة علية شقيقة عبد الحليم. نور مطرب وملحن، وهو الابن الأصغر للمخرج محمد الشناوي، نور درس الموسيقى منذ الصغر وتخرج في المعهد العالي للموسيقى العربية. سألناه: ما أكثر مكان محبب إليك في شقة عبد الحليم تحب أن تغني فيه أو تلحن أغانيك؟ أكثر مكان أحب أن أدندن فيه أو أغني أو ألحن أغنية من أغنياتي غرفة عبد الحليم حافظ؛ لأنني أشعر بأن روحه موجودة في كل مكان فيها. فأنا أراه وكأنه نائم على سريره، أو يتحدث في هاتفه، أو يرتدي ملابسه يفكر في فنه. الغرفة تعطيني الإيحاء الفني، وأنا أعمل ألحاني، أو أقوم بعمل بروڤات أغنية لي استعداداً لحفلة من حفلاتي. أحب غرفة عبد الحليم، ففيها طاقة إيجابية تساعدني على النجاح في عملي مطرباً وملحناً. عندما أشاهد بدل عبد الحليم الموجودة في خزانة غرفته، أشعر بأنني أقف أمامه يشجعني ويستمع لأغنياتي. فقد حكت لي أمي السيدة زينب الشناوي أن خالها الفنان عبد الحليم حافظ كان مرحاً وكريماً ويحب عمله ويتقنه ولا يتهاون فيه، عبد الحليم كان شخصية استثنائية. أحتفظ بآلاتي الموسيقية الخاصة بي العود والبيانو في غرفة عبد الحليم. عدت مرة أخرى إلى المخرج محمد الشناوي، وقلت له: من دخل غرفة عبد الحليم بعد وفاته؟ طلب الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يدخل غرفة عبد الحليم بعد رحيله، وطلب ألّا يدخل عليه أحد، وظل محمد عبد الوهاب في غرفة عبد الحليم نصف ساعة يقرأ القرآن بصوت مسموع، ويتحدث مع عبد الحليم وكأنه أمامه. يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط «سيدتي» في منزل عبد الحليم حافظ
مشاركة :