قمت بدردشة لطيفة مع ال ChatGPT تشات جي بي تي وسألته عن توقعاته فيما إذا كان يملك كرة الكريستال البلورية ماذا يمكن أن يخبرنا عن توقعاته لعام 2024م؟ فأجاب بأن رياح التغيير ستجلب معها موجات من الابتكارات حيث سيعج عالم التكنولوجيا بالتطورات في مجال الحوسبة الكمومية وستُفتح أمامنا آفاق رحبة من قوة المعالجة للكمبيوترات. ويتوقع التشات جي بي تي أن تصبح الاستدامة ضرورة ملحة بعد أن بدأت كتوجه عالمي وسيشكل الابتكار في التكنولوجيا الخضراء محركاً اقتصادياً مهماً وسترتفع الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، والشركات التي تتخذ خطوات واسعة في مجال الحد من بصمتها الكربونية لن تحظى فقط باستحسان المستهلكين بل ستجني فوائد اقتصادية من تطور اللوائح التنظيمية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. وفي مجال الرعاية الصحية يتوقع قفزات كبيرة إلى الأمام حيث سيكون هناك أملٌ جديدٌ وعلاجات مستهدفة للأمراض المزمنة والمعقدة عن طريق تطور التنميط (التحليل) الجيني. وتوقع التشات جي بي تي تحولات في الساحة السياسية العالمية مع صعود القادة الأصغر سناً إلى المسرح وبدء المواطنين الرقميين (الجيل الرقمي) في تولي أدوار أكثر بروزاً في الحكومات وسيتم استخدام المنصات الرقمية بشكل أكبر لإشراك الناخبين ودعم الشفافية والحوكمة الرقمية والتعاون العالمي وخاصة في الاستجابة لتغير المناخ ويمكن أن يظهر تحالفات خضراء جديدة ليس فقط من أجل العمل البيئي ولكن أيضاً لقيادة النمو الاقتصادي من خلال المبادرات المستدامة والتحول الرقمي لمعظم اقتصاديات العالم ويمكن أن تصبح العملات المشفرة والبلوكشين أكثر اندماجاً في الاقتصاد وقد نبدأ برؤية الأصول الرقمية وظهور العملات الرقمية للبنوك المركزية وتحدي الأنظمة المصرفية التقليدية مما سيؤدي إلى استجابات تنظيمية. وستركز السياسات التجارية على تعزيز الصناعات المحلية وسلاسل التوريد وهو الدرس المستفاد من الاضطرابات التي نجمت عن وباء كوفيد 19 وهذا سيؤدي لصعود النزعة القومية الاقتصادية والتحول إلى قدر أكبر للاعتماد على الذات في حين ستكون هناك شراكات تجارية انتقائية. وعندما ركزت بسؤالي مع التشات جي بي تي على تصوراته لعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية والصين في عام 2024 م كان التخمين والتوقع بأن المنافسة الاستراتيجية ستستمر وخاصة في التنافس على التكنولوجيا والوجود العسكري والنفوذ الجيوسياسي في مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ وإفريقيا وستستمر العلاقات الاقتصادية بحذر أكبر وسيسعى كل من الجانبين إلى حماية صناعاتهما وتغليب المصلحة الوطنية في كل القرارات ويمكن أن تكون التكنولوجيا والأمن السيبراني ساحة معركة كبيرة حيث ستتنافسان على التفوق في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والاتصالات 5G/6G وستزداد الاتهامات المتبادلة بالتجسس وسرقة الملكية الفكرية ويمكن أن يكون هناك أرضية مشتركة للتعاون في مجال البيئة وتغير المناخ والتكنولوجيا الخضراء وقد تشهد الدبلوماسية لحظات من ذوبان الجليد للانخراط في حوارات لإدارة نقاط الخلاف وتجنب الصراعات وإرساء قواعد في مجالات التجارة والفضاء والتكنولوجيا الرقمية. والجميل أن التشات جي بي تي ChatGPT يذكرنا بحكمة، مع أن هذه التنبؤات تبعث على الأمل ولكن المستقبل ليس مكتوباً في النجوم بل يتم صياغته من خلال أفعالنا وقراراتنا الجماعية وأن هذه كلها استقراءات مبنية على وقائع حالية. يقولون «كذب المنجمون ولو صدقوا» ولكن يبدو أن التشات جي تي ومنصات الدردشة يمكنها اليوم أن تساهم بتوقعاتها في صنع القرار المستنير بتقديمها توقعات لسيناريوهات وخيارات مختلفة وتحليلات للبيانات وفرص جديدة ومع تطور الخوارزميات وكفاءة منصات الدردشة مستقبلا ستتحول منصات الدردشة من أداة إلى شريك يتوقع القرار. ** ** - كاتب مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركة :