دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد قضاء عدة أيام مع مجموعة من النساء في جزيرة جيجو بكوريا الجنوبية، المشهورة بصيد المأكولات البحرية في قاع المحيط من دون الاستعانة بمعدات الغوص، قال المصور بيتر آش لي إن محادثة مع إحدى أصغر ممارسات الغوص الحر على الجزيرة برزت بين المجموعة، التي تُعرف باسم "Haenyeo". وقال لي لـCNN عن كو ريو جين، وهي من الجيل الثالث من مجموعة الـ"Haenyeo" إن "قلقها الأكبر هو حقيقة أن هذا التقليد على وشك الاندثار". وكانت هذه الجملة بالتحديد هي التي ألهمت كتاب لي الجديد للصور الفوتوغرافية، والذي لا يسلط الضوء فحسب على أسلوب الحياة الفريد لمجموعة الـ"Haenyeo"، التي اعترفت بها اليونسكو كجزء من التراث الثقافي لكوريا الجنوبية في عام 2016، بل يؤكد أيضًا على مدى تعرض تقاليدهن القديمة للخطر بشكل متزايد بسبب أزمة المناخ وعوامل الزمن. استمرت تقاليد مجموعة Haenyeo الرائعة عبر الأجيال، وتحديدًا مهارتهن في الغوص بدون معدات مثل خزانات الأكسجين. Credit: Peter Ash Lee ومع نص تمهيدي من كو، التي ظل لي على تواصل معها منذ زيارته الجزيرة في عام 2018، تعرض سلسلة الصور التي تحمل عنوان "The Last Mermaid" (حورية البحر الأخيرة) صورًا لمجموعة متعددة الأجيال من النساء خلال استعدادهن للغوص بمعداتهن القوية التي تم إصلاحها يدويًا أو خلال خروجهن من البحر مع ما قمن باصطياده في شباكهن، التي تُسحب إلى السطح باستخدام الشباك والعوامات بدلاً من المعدات الميكانيكية الحديثة. وتُظهر الصور المقرّبة المعدات الضرورية البسيطة للتقليد، مثل أوزان الرصاص المستديرة التي تستخدمها مجموعة "Haenyeo" للنزول سريعًا إلى قاع البحر، بالإضافة إلى لقطات تفصيلية للحياة البحرية، مثل صفوف المجسات على أرجل الأخطبوط. وعاش لي في كوريا الجنوبية حتى بلغ السابعة من عمره، وعندها انتقلت عائلته إلى مدينة تورونتو في كندا. وقال لـCNN إنه كان دائماً على علم بمجموعة الـ"Haenyeo"، بعد أن زار جزيرة جيجو عندما كان طفلاً. غواصة من مجموعة Haenyeo تستعرض أخطبوطًا صغيرًا، وهو جزء من صيدها. Credit: Peter Ash Lee وأضاف لي: "أعتقد أن الناس ينظرون إليهن كعاملات تقريباً"، موضحاً كيف أن أسلوب حياة الـ"Haenyeo" الفريد يُعتبر أمراً مفروغا منه إلى حد ما محلياً. وجاءت رغبته في معرفة المزيد عن هذا المجتمع في وقت لاحق من حياته. وأوضح المصور المقيم الآن في مدينة نيويورك الأمريكية، والذي نُشرت أعماله في مجلات عالمية مثل "فوغ": "كنت أفكر كثيرًا في التنوع، والتمثيل، واستكشاف هويتي الشخصية. وباعتباري أمريكيًا كوريًا قضى غالبية حياته في الولايات المتحدة وكندا، كانت تجربة رائعة أن أعود وأعيد التواصل مع ثقافتي وتراثي، وأحاول مشاركة ذلك مع العالم". وتواصل لي مع مجتمع الغواصات أثناء تناول وجبات الفطور من المخبز الكوري الشهير "Paris Baguette"، وقضى أيامًا طويلة مع الـ"Haenyeo" رغم أنه لم يقم بالغوص بنفسه. لوحة جدارية تصور ممارسات الغوص بمجموعة Haenyeo وهن عائدات إلى الشاطئ بشباكهن المملوءة. Credit: Peter Ash Lee وعادةً ما تصل النساء، وغالبيتهن تتراوح أعمارهن بين الستينيات والثمانينات، في الصباح الباكر استعدادًا للقيام بعملهن، بما في ذلك استخدام جهاز ضغط الدم والتأكد من أن الجميع في حالة جيدة للغوص، قبل قضاء يومهن بالكامل داخل المياه. ورحبت مجموعة النساء بالمصور في صفوفهن بطريقة ذكّرته بعلاقته الوثيقة مع جدته الراحلة. وقال لي: "تاريخياً، كان المجتمع في جزيرة جيجو مجتمعاً أمومياً، وكانت النساء هن من يغصن ويوفرن الطعام لأسرهن، وكن بمثابة المعيلات"، مضيفًا: "كان هناك هذا الارتباط الخاص... تُعد الأسرة بمثابة جزء كبير من الثقافة". وأشار لي إلى أن مجموعة الـ"Haenyeo" تصر على الحفاظ على تقاليدها حية باستخدام معدات بسيطة، مثل بدلات الغوص المصنوعة من النيوبرين التي يتم إصلاحها باستمرار. وأوضح: "لقد كان الأمر أشبه بتوثيق التاريخ. فهن لم يغيرن أسلوب حياتهن على مدى الستين عاما الماضية أو نحو ذلك". الرابط المثير للاهتمام بين مجموعة "Haenyo" والبنية العائلية التي تٌشبه النظام الأمومي في جزيرة جيجو يعد جوهر هذه القصة، حسبما كتبه لي عن كتابه في نص تمهيدي. Credit: Peter Ash Lee ومع ذلك، لاحظ لي أيضًا التحديات التي تظهر بين الجيلين القديم والجديد، حيث أجبرت أزمة المناخ مجموعة الـ"Haenyeo" على تكييف أساليب الصيد الخاصة بها. وأدى تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة المياه حول جزيرة جيجو بحوالي درجتين مئويتين خلال الـ 36 عامًا الماضية، وفقًا لدراسة أجريت في عام 2023 بمجلة الاستدامة. قد يهمك أيضاً تحبس الأنفاس..صور مؤرقة لأشخاص تحت الماء تجسّد عواقب تغير المناخ وقالت كو للمصور إنه لم يعد من الممكن الآن بالنسبة للمجموعة اتباع ممارسات الصيد المستدامة التي قمنا باتباعها على مدى عقود بسبب التغيرات في النظم البيئية البحرية. "على مر الأجيال، كانت هذه الجزيرة معقلًا لقوة المرأة ومرونتها، وتجسد مجموعة Haenyo هذا التراث القوي." Credit: Peter Ash Lee وعلى سبيل المثال، أدى الاكتظاظ السكاني لقنافذ البحر إلى تعطيل أنماط الحصاد المنتظمة للغواصين، في حين جذبت المياه الدافئة الكائنات البحرية السامة والمفترسة مثل الثعابين وكائنات الأخطبوط إلى المنطقة. وخلال السنوات الماضية، كان بإمكان الغواصات العثور بسهولة على صيدهن الأساسي - وهو نوع من الرخويات البحرية يُسمى محارة العمامة - التي غالبًا ما يتم تصديرها إلى اليابان، حيث تُعتبر طعامًا شهيرا هناك، حسبما ذكرته كو. أما الآن، فتقول إن الأمر يتطلب من نساء الـ"Haenyeo" الغوص لمدة ساعة كاملة قبل أن يبدأن في العثور على أي منها. وأضاف لي: "لم يصبح عملهن أكثر خطورة فحسب، بل أصبح من الصعب العثور على حياة بحرية للصيد. لقد تم كسر ممارسات الاستدامة الخاصة بهن. عليهن العمل بجهد أكبر لكسب لقمة العيش".
مشاركة :