أعلن اتحاد مصارف الإمارات يوم أمس عن مبادرة تهدف لدعم اقتصاد الدولة من خلال مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة على تجاوز أزمتها والوفاء بالتزاماتها المالية للبنوك، وقال عبدالعزيز الغرير رئيس اتحاد مصارف الإمارات إن الاتحاد تبنى هذه المبادرة مع تنامي التحديات التي تواجه القطاع في الآونة الأخيرة نتيجة تراجع أسعار بعض السلع بحدة ما أثر بصورة لافتة في الشركات العاملة في مجال التجارة وبخاصة تجارة الجملة للسلع الغذائية. وتوافق الاتحاد بإجماع الأعضاء على آلية عمل تهدف إلى مساعدة الشركات المتعثرة التي تنطبق عليها معايير محددة بخصوص أهلية الحصول على الدعم لضمان سير العمل للاتجاه السليم ما يصب في مصلحة جميع الأطراف. وقال خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن المبادرة أمس في دبي إن القروض المتعثرة لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة لن تؤثر على القطاع المصرفي مؤكداً أن انكشاف البنوك على القطاع بصفة عامة متدني ولا يتجاوز نسبة من 3 إلى 5% إلى إجمالي الأصول. وشارك في المؤتمر يوم أمس مهدي كيلاني، رئيس ﻟﺟﻧﺔ تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وعمرو النقلي، رئيس لجنة الأعمال المصرفية التجارية للشركات في اتحاد مصارف الإمارات. وتنطبق المبادرة التي يبدأ تطبيقها من اليوم على شريحتي الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقال الغرير إن الاتحاد سوف يقوم بدور تنسيقي بالنسبة للشركات المتوسطة التي لديها قروض تزيد قيمتها على 50 مليون درهم (وتزيد قيمة مبيعاتها على 100 مليون درهم)، حيث تشمل مهامه تلقي الإخطارات من المصارف التي قدمت قروضاً لعملاء أصحاب الشركات الذين تعثروا من الدفع، أو تلك التي تشعر بالقلق من أن الشركات المقترضة من عدة بنوك تعاني ضغطاً مالياً واضحاً يمكن أن يقود إلى إعادة جدولة ديونها. كما سيكون الاتحاد نقطة اتصال للشركات المقترضة من أجل مساعدتها على إعادة جدولة ديونها عندما يكون المقرض أكثر من مصرف واحد. كما سوف تطبق آلية العمل على الشركات المقترضة التي يقل إجمالي حجم قروضها عن 50 مليون درهم، التي يترتب عليها الاتصال والتفاوض مباشرة مع البنوك المقرضة، هذا وتتضمن المبادرة بعض التوصيات من قبل لجنة الشركات الصغيرة والمتوسطة بخصوص التعاون بين البنوك حول تبادل المعلومات ووضع سقف للإقراض للعميل الواحد، وكذلك عدد وقيمة القروض الممنوحة له. الجدير بالذكر أن الاتحاد بدأ بالفعل تلقي الطلبات من البنوك والمقترضين على مدى الشهرين الماضيين. وضمن دوره، سيقوم الاتحاد بالتعاون مع المصارف المقرضة والعميل للوصول إلى اتفاقية فترة سماح تريح العميل لفترة مؤقتة من الزمن يتم تحديدها بحسب الحالة. وفي هذه المرحلة، والتي سيقودها أكبر المصارف المقرضة، ستقرر كافة المصارف المقرضة مجتمعة الطريقة الأمثل للتعامل مع مديونية العميل المتعثر. وقال الغرير إن فترة السماح التي جرى التوافق عليها هي 3 أشهر كحد أقصى تتفق فيها البنوك المقرضة بشكل طوعي على عدم القيام بأي إجراء قانوني ضد الشركة ما دامت قد استوفت الشروط والمعايير اللازمة وثبتت أهليتها للحصول على الدعم. ارتفاع مستويات التعثر وجاء إطلاق هذه المبادرة نتيجة ارتفاع مستويات التعثر التي سجلتها المصارف المقرضة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات التجارية في دولة الإمارات. ومن المتوقع أن تستغرق الإجراءات التي تتضمنها آلية العمل 15 يوماً كحد أقصى اعتباراً من تاريخ أول اجتماع للمقرضين وصولاً إلى الاتفاق مع المقترض، علماً بأن هذه الاتفاقية تقضي بألا يلجأ أي مصرف لاتخاذ إجراءات قانونية خلال الفترة المذكورة. وقال الغرير إن دراسة كل حالة عادة لا تحتاج إلى أكثر من 15 يوماً إذا رأينا أن الأمور جدية وإن العميل صادق في نواياه، وليس هناك أي نوع من التلاعب. وأضاف إن فترة السماح ربما تمتد من 30 إلى 90 يوماً بحسب وضع كل حالة. وتعد المبادرة بحسب الغرير بادرة التزام أخلاقي من البنوك تجاه قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة التي تمثل جزءاً مهماً من اقتصاد الدولة. واعتبرها بمثابة قانون إعسار مصغر يخدم مصلحة الشركات المتوسطة والصغيرة التي لديها مقومات النمو على المدى الطويل لكنها تواجه مشاكل ربما تكون خارجة عن سيطرتها وراجعة لظروف السوق على المدى القصير. وقال إن من شأن هذه المبادرة أن تقوم بوضع حد لظاهرة هروب أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تواجه مشاكل تجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية في موعد استحقاقها، وقال إن هذه الظاهرة كانت واضحة على مدى السنوات العشر الماضية. وقال إن هروب صاحب الشركة لن يفيد أحداً بل على العكس فتسليم العمل لأي من أقاربه الذي ربما لا يكون لديه أي معرفة بعمل الشركة ربما يؤدي إلى زيادة الأوضاع سوءاً، وعليه فإن المبادرة تصب في مصلحة جميع الأطراف. وحول تقدير حجم القروض المتعثرة على مستوى القطاع قال الغرير إن هناك الكثير من الأرقام المتداولة على هذا المستوى، لكن المبادرة تعد فرصة للتعرف إلى تفاصيل أفضل، وفرصة لتكوين صورة أوضح عن حجم القروض المتعثرة على مستوى قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة. إعادة الاستقرار إلى السوق وتعليقاً على إطلاق المبادرة، قال عبد العزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات: مما لا شك فيه أن إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعد أولوية رئيسة بالنسبة لكافة المصارف العاملة في الدولة، لما يمثله هذا القطاع من أهمية في الاقتصاد الوطني. وقد قادت المخاوف الحالية حول استدامة الإقراض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات التجارية، وتأثيرها في الاقتصاد ككل، الاتحاد إلى لعب دور استباقي فيما يتعلق في تشجيع الحوار بين المصارف والمقترضين للحد من حالات التعثر الكامل. ونحن على قناعة بأن هذه المبادرة التي أطلقناها سوف تساعدعلى إعادة الاستقرار إلى السوق، والحد من خسائر الائتمان والمحافظة على سمعة دولة الإمارات كوجهة جاذبة لمزاولة الأعمال. وحول خفض التسهيلات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة قال الغرير إنه أمر طبيعي مع تراجع أسعار السلع، وقال إنه بقاء التسهيلات على حالها في الوقت الذي تراجعت فيه التكلفة خاصة للشركات التي تعمل في مجال تجارة السلع يمكن أن يؤدي إلى قيام الشركات بتداول مفرط الأمر الذي قد يعرضها للمخاطر، فمن الأفضل أن تتم مراجعة التسهيلات بما يتماشى والاحتياجات الفعلية للشركات. الجدير بالذكر أن 60% من الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة تعمل في قطاع تجارة الجملة على المواد الغذائية أو في تجارة النفط ومشتقاته. وقال إن البنية التحتية للقطاع مع وجود شركة المعلومات الائتمانية موجودة بالفعل لتجاوز المشاكل التي يواجهها. دور استباقي فعال قال عبد العزيز الغرير إن دور اتحاد المصارف على هذا الصعيد مهم إذ يجب أن يكون لديه دور استباقي فعال في مواجهة التحديات اليومية التي يواجهها القطاع المصرفي في الدولة. وأكد أن المبادرة تأتي بمباركة من مصرف الإمارات المركزي وبموافقة جميع الرؤساء التنفيذيين لبنوك الدولة. وقال: لم يتحفظ أي رئيس تنفيذي على المبادرة. واعتبر الغرير المبادرة بمثابة اختبار يحدد قدرة البنوك على إدارة أوضاعها دونما حاجة لتدخل طرف ثالث. وقال إن الفكرة نفسها في حال نجاحها يمكن أن تطرح لكن بصورة مختلفة على نطاق خدمات الأفراد. وسيتم التعامل مع الحالات التي يجري التعامل معها على أساس كل حالة بحالتها ووفقاً لمعطياتها الخاصة وللمردود المالي للشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماته. وتتضمن الآليات المطروحة لعلاج كل حالة إعادة جدولة الدين بما يتوافق ووضع كل شركة، مع إمكانية حسم جزء من الالتزامات المالية على العميل إذا ما استدعى الأمر، وتقديم قروض إضافية إذا ثبتت جدارته وأهليته لمثل هذه الخطوة. وقال الغرير إن الشركات التي واجهت مشاكل مالية وتم اتخاذ خطوات قانونية ضدها يمكنها أيضاً أن تتقدم بطلب، وفي حال ثبتت أهليتها وتوافرت لديها المعايير المطلوبة فمن الممكن ،إن توافقت البنوك المقرضة، أن يتم وقف التقاضي، وسحب القضية المرفوعة ضدها لينطبق عليها نفس بنود المبادرة كغيرها من الشركات المتوسطة والصغيرة المتعثرة التي يثبت قدرتها على مواصلة النمو لتسدد التزاماتها المالية في نهاية المطاف. 6.2 مليون حداً أقصى للقروض غير المضمونة أعلن اتحاد مصارف الإمارات، يوم أمس، عن ضوابط جديدة لإقراض القطاع، حيث اعتمد حداً أقصى للقروض غير المضمونة للشركات الصغيرة عند مليون وربع مليون درهم، من كل بنك، ولعدد لا يزيد على 5 بنوك لكل شركة، 6.25 مليون درهم. وقال الغرير إن نسبة الإقراض لكل عميل من هذه الفئة يجب ألّا تزيد على 25% من إجمالي مبيعات العميل. وينطبق هذا على القروض غير المضمونة للشركات الصغيرة التي تصل مبيعاتها إلى 100 مليون درهم.
مشاركة :