تنتظر شركة أبل مواجهات قانونية خلال العام 2024، في ظل سلسلة من القرارات التنظيمية التي ينتظر إقرارها من جانب السلطات في كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، خلال الأشهر المقبلة، والتي ستحدد مستقبل أعمال الخدمات التي تقدمها الشركة، تقدر قيمتها بنحو 85 مليار دولار سنوياً. وقد تأتي أكبر ضربة لمصنعة «آيفون» من قضية مكافحة للاحتكار في الولايات المتحدة ضد «غوغل»، تكشف فيها أن عملاقة التكنولوجيا دفعت أكثر من 26 مليار دولار في 2021 لكي يكون محركها للبحث هو الإعداد الافتراضي على أجهزة «أبل» وهواتف ذكية ومتصفحات أخرى. وإذا خسرت «غوغل» القضية، فستكون مضطرة للتوقف عن سدادها المدفوعات المنتظمة إلى «أبل»، التي تشير تقديرات إريك سيوفرت، شركة التحليل المستقلة، إلى أنها تساوي ربع الإيرادات السنوية التي تربحها ذراع الخدمات لدى «أبل». وفي الوقت ذاته، تواجه «أبل»، وشركات عملاقة أخرى في قطاع التكنولوجيا، تمحيصاً متزايداً من جانب إدارة الرئيس جو بايدن، في ظل مخاوف من هيمنة متجرها للتطبيقات، الذي اضطرت بالفعل إلى تعديله في الاتحاد الأوروبي، بسبب تشريع مصمم لكبح قوة شركات التكنولوجيا الكبرى. ومعاً، تشكل التحركات القانونية والتشريعية، المتعلقة باثنين من أكبر أسواق «أبل»، أكبر تهديد يواجه أعمال الشركة منذ سنوات. فقد ازدادت بإطراد حصة ذراع الخدمات من إجمالي إيرادات الشركة، وهي تضم الدخل من متجر التطبيقات والبث المباشر للفيديو و«أبل ميوزيك»، وإن كانت مبيعات الأجهزة، مثل «آيفون»، تبقى مهيمنة على الإيرادات. وبالنسبة لقضية «غوغل»، التي تعتبر أكبر قضية لمكافحة الاحتكار منذ أكثر من 25 عاماً في واشنطن، فستشهد المرافعات الختامية فيها خلال شهر مايو المقبل. وإذا ما خسرت «غوغل»، فمن المؤكد تقريباً أنها ستتقدم باستئناف، لكن مثل هذا القرار سيثير تساؤلات حول كيفية عمل عملاقي التكنولوجيا مع بعضهما في المستقبل. وقال بيل كوفاسيتش، الرئيس الأسبق للجنة التجارة الفيدرالية وأستاذ قانون المنافسة والسياسات لدى كلية القانون بجامعة جورج واشنطن: «أعتقد أن القاضي استثارته المسألة أثناء المحاكمة»، وتابع: «لكن السؤال في الخلفية كان: إذا كانت أبل ستقيم مزاداً على هذا الوضع المتميز، فما كان حري بغوغل فعله؟». وفي الوقت ذاته، يكثف البيت الأبيض من جهوده الرامية إلى معالجة ما يعتبره قوة مفرطة للشركات. ولم يخف جوناثان كانتر، رئيس وحدة مكافحة الاحتكار لدى وزارة العدل منذ نوفمبر 2021، طموحه برفع دعاوى ضد أكبر الشركات الأمريكية. وقد أجرت وحدته تحقيقات حول سياسات متجر تطبيقات «أبل» طيلة أعوام، وهي حالياً «تعمل بكامل طاقتها»، بحسب كانتر. لكن تتضاءل الفرص أمامه لرفع دعوى قضائية، بما أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتغير المحتمل للإدارة يلوحان في الأفق. ولم تستجب وزارة العدل لطلب التعليق على التحقيقات الجارية بخصوص «أبل». وسعى مشرعون وشركات ومؤسسات لتنفيذ القانون، لأعوام، إلى تفكيك النظام البيئي لـ «آي أو إس» الخاص بـ «أبل»، وهي خطوة دائماً ما أصرت عملاقة التكنولوجيا أنها ستقوض أمان نظام تشغيل الهواتف المحمولة. ومع ذلك، أقرت «أبل» أخيراً، في ملف رفعته إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، بوجوب إجرائها تغييرات بمتجرها للتطبيقات في الاتحاد الأوروبي، بسبب قانون الأسواق الرقمية الجديد الذي تبنته الكتلة، والذي يحدد مارس المقبل، موعداً نهائياً، للامتثال القانوني من جانب شركات التكنولوجيا. وفي الاتحاد الأوروبي، تستعد «أبل» إلى السماح بـ «التحميل المتوازي»، الذي سيتيح لمستخدمي «آيفون» تخطي متجر تطبيقاته وتنزيل التطبيقات من متاجر أخرى. وسيكون هذا اختراقاً، للمرة الأولى، للنظام البيئي المسور الذي عملت الشركة على حمايته منذ أن كشف ستيف جوبز عن هاتف «آيفون» في 2007. وماطلت الشركة في هذه المسألة، مع تأكيدها أن هذه الممارسة ستسفر عن مخاطر أمنية على نظامها. ومن شأن «التحميل المتوازي»، التأثير سلباً على متجر «أبل»، إذ تفرض الشركة رسوماً على المطورين تصل إلى 30 % على المشتريات الرقمية، وتشكل الألعاب أكثر من نصف هذه الإيرادات. أما متجر «غوغل بلاي»، الذي يفرض رسوماً مشابهة، فقد سلطت عليه الأضواء، بعد خسارته محاكمة بارزة ضد «إيبك غيمز» في كاليفورنيا خلال الشهر الماضي. وتشير تقديرات «سنسور تاور» إلى جني «أبل» رسوم عمولة تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار من متجر التطبيقات على مستوى العالم ربعياً. ويحاول منافسون كسب قدر من هذه الحصة، فيطلقون متاجر تطبيقات وطرق دفع منافسة على أجهزة «أبل». ومن جهتها، تنخرط «مايكروسوفت» في مفاوضات مع شركائها، بشأن إطلاق متجرها للتطبيقات على الهاتف. وترغب «إيبك غيمز»، المطورة للعبة «فورتنايت» وغريمة «أبل» منذ وقت طويل، إتاحة تطبيقها على الأجهزة التي تعمل بواسطة نظام «آي أو إس»، وتشير إلى رسوم أقل بنسبة 12%، معتبرة إياها حافزاً للمستهلكين للتحول إلى منصتها. وفي حين خسرت «إيبك غيمز» حكماً على نطاق واسع بمحكمة أقل درجة، في ادعائها ضد «أبل» في 2021، لكن قاضياً في كاليفورنيا أصدر أمراً يجبر «أبل» على وضع حد لقواعد متجر التطبيقات التي تحول دون توجيه المطورين، المستهلكين، خارج المتجر لإجراء مشتريات. وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم في وقت مبكر من العام الماضي، لكن المحكمة العليا في الولايات المتحدة ستراجع القضية هذا العام. ومن الصعب، بالنسبة للمستثمرين، قياس المخاطرة النهائية من مجموعة الإجراءات التنظيمية والقانونية حول العالم. وفي هذا السياق، قال جين مونستر، الشريك الإداري لدى «ديبواتر أسيت مانجمنت»: «أعتقد أن هناك إيماناً بوجود جلبة كبيرة في الخلفية، لكن لا تقلقوا بشأنها». وأردف إن المستثمرين «أخلدوا إلى النوم» بالانتصارات الأولية التي حققتها «أبل» ضد «إيبك غيمز» على وجه الخصوص، «لكنني أعتقد بوجوب أخذ المستثمرين الأمر على محمل الجد». ومن جهتها، رفضت «أبل» التعليق على الأمر. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :