البساطة والتلقائية وصفة حسن بديدة في ادواره ذات الأبعاد النفسية

  • 1/3/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - في عالم الفن الذي يتنوع، ويتدفق بأصوات ووجوه متعددة، يبرز الممثل الاستثنائي حسن بديدة كنجم يلمع في سماء السينما المغربية، وُلد في بالدار البيضاء، وكأنه قصة فنية بدأت في أزقة مراكش الجميلة حيث نشأ، وعاش مرحلة طفولته. كانت بدايات حسن في عالم الفن تأتي على خشبة دار الشباب، حيث كان يقدم أعمالاً مسرحية ملهمة مع جمعية الوعي للثقافة والفن، وفي هذه المرحلة اكتسب حسن أساسيات العمل المسرحي، فتحت له هذه الخبرات أبواب الشهرة والاعتراف في عيون الجمهور المغربي. لمع نجمه على وجه خاص بعد أدائه اللافت في فيلم "هم الكلاب" للمخرج هشام العسري، وكذلك في مسلسل "ساعة في الجحيم" إلى جانب ياسين فنان، واستمر تألقه وتأثيره الفني في أعمال مثل "كنزة فالدوار" وفيلم "السلعة" ومسلسل "مول لمليح". يشبه حسن بديدة في تقنياته التمثيلية النقاد الكبار للمسرحية القدير الراحل محمد الحبشي، حيث يُعتبر رائدًا في فن التعبير بحركات الجسم، تقاسيم الوجه، الصمت الفعّال، والتأثير العميق للكلمة. وفي آخر تحفة سينمائية له، "واحة المياه المتجمدة 2023" للمخرج رؤوف الصباحي، يستمر حسن بديدة في تحدي حدود التمثيل، ويغوص بعمق في أدواره، مؤكدًا على تأثيره المتجدد وإرثه الفني الذي سيبقى حيًا في قلوب عشاق الفن السابع.  وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته ميدل ايست انلاين مع الفنان حسن بديدة. كيف بدأت مسيرتك الفنية بين المسرح والسينما؟ اعتقد أنها تشبه إلى حد بعيد كل البدايات الأخرى للفنانين، تبقى الموهبة التي نشعرها، ونحن أطفال هي الدافع الأساسي والمهم لركوب المغامرة، الرحلة طبعا تفتضي من صاحبها التزود بكل ما يلزم من معارف ومدارك حول الفن عموما والتمثيل على نحو خاص، إذن الرحلة بدأت من الأنشطة بدار الشباب ثم الانخراط في جمعيات ذات الاهتمام بالمسرح لأجد نفسي في النهاية محترفا للتمثيل بعد مسار فني دام لأزيد من أربعة عقود. وما الذي جذبك إلى فنون التعبير بحركات الجسم وتقاسيم الوجه؟ المسرح هو شكل تعبيري بالدرجة الأولى شأنه في ذاك شأن باقي الأصناف الإبداعية الأخرى كالموسيقى والتشكيل والنحت والرقص والشعر اختياري للمسرح كممثل في البداية جعلني اشتغل على مؤهلاتي في التشخيص فكما هو معلوم الممثل آلة ولاعب بنفس الآلة كما تقول القاعدة، من هنا ركزت على تطوير حركاتي الجسمانية من خلال تداريب مكثفة من مختلف المناهج الأكاديمية، وعلى رأسها منهج رائد المسرح العالمي ستانسلافسكي كأحد العباقرة الذين اشتغلوا على إعداد الممثل من، خلال الجهازين الداخلي والخارجي، واقصد هنا الجهاز الفيزيولوجي والسيكولوجي للممثل. كيف تستعد لأداء الأدوار التي تتطلب التركيز على لغة الجسد وتعبيرات الوجه؟ طبعا في مرحلة الاشتغال الأولى على الأدوار التي تناط بي أحاول التعرف إلى الشخصية من كل جوانبها وتفاصيلها، ثم بعد ذلك ادخل في مرحلة التركيز باعتباره إحدى الدعامات الأساسية لسبر أغوار الشخصية وتقديمها بنفس إبداعي اقرب إلى الحقيقة، وهنا يمكن القول أن التركيز يبقى حجر الزاوية بالنسبة إلى الممثل، وفي حالة ما إذا كان تركيزك ضعيفا سيكون أداؤك ضعيفا. ما هي التحديات التي تواجهك عند تقديم أدوار درامية تعتمد إلى حد بعيد على التعبير البدني؟ الأدوار ذات البعد البدني أو ما يمكن أن نسميه بالأدوار الحركية كأفلام الاكشن مثلا هي أدوار يؤديها ممثلون مختصون أو من ذوي البنيات الجسمانية القوية، شخصيا لم يسبق لي أن أديت دورا حركيا يعتمد على التعبير البدني المبالغ فيه أجد ضالتي في الأدوار المركبة التي تقتضي إدراكا عميقا للشخصية وأبعادها النفسية. هل تعتبر أن لديك أسلوبًا مميزًا في التعبير بحركات الجسم وتقاسيم الوجه؟ سؤالكم هذا ربما ستكون إجابته لدى جمهور النقاد وعموم المهتمين بالدراما، مهمتي أن أؤدي دوري وفق تصور إخراجي تمليه أحداث سيناريو طبع لدي أسلوبي الخاص في لكن لن أجزم أبدا إن كنت مميزا أم لست كذلك. وكيف وضعت هذا الأسلوب على خريطة التمثيل المغربي؟ لكل ممثل عبر العالم أسلوبه الخاص في الأداء، وهذا ما يجعلنا نشعر بلذة الاختلاف بين هذا، وذاك، طبعا أسلوبي الذي يعتمد البساطة والتلقائية في الأداء هو ما جعل عدد من المخرجين المغاربة والأجانب يختارونني لأداء بعض الأدوار الشيء الذي بسط لي الطريق لتطوير هذا الأسلوب وتقربيه من الجمهور في قالب يعتمد الحب بالدرجة الأولى، لن تفلح أبداً في شيء لا تحبه، وأنا أحب مهنتي، وأحب أسلوبي فيها هذا ربما أسهم في وضع بصمتي الخاصة والمتواضعة إلى جانب عمالقة التشخيص في بلادنا. هل تفضل الأدوار الدرامية أم الكوميدية؟ ولماذا؟ طبعا الدراما هي الكوميديا والتراجيديا على حد سواء، لكن يبقى بينهما فارق كبير، الملهاة ليست هي المأساة لكل من هادين القطبين شروط وقواعد خاصة، قد يكون هنا ممثل تفوق فيهما معا، وقد لا يحالف الحظ ممثلاً آخر، أنا أجد ضالتي في الأدوار ذات البعد النفسي أكثر بمعنى تلك الأدوار المركبة كما قلت لك سلفا، لكن يمكن أن أؤدي دورا كوميديا كتب بحرفية عالية تعتمد كوميديا الموقف كأرقى أنواع الضحك ما دون ذلك لا تستهويني الأشكال الأخرى من قبيل كوميديا الألفاظ أو كوميديا التعابير الجسمانية الفارغة من أي محتوى إبداعي أو فني. هل تعتبر أن التعبير بحركات الجسم يسهم في تأثير الأداء الفني؟ وكيف يمكن لهذا الجانب أن يعزز. تفاعل الجمهور مع الشخصيات التي تجسدها؟ الأداء الفني أو التشخيص هو مزيج من الحركات الجسمانية والتعابير النفسية كالأحاسيس والمشاعر لهذا يبقى الممثل القادر على تطويع مؤهلاته الجسمانية والنفسية لخدمة الشخصية التي يؤديها أكيد أن هذا سيكون له وقع خاص على نفسية المتلقي مما سيتولد عنه نوع من التفاعل الذي ينشده المبدع. هل لديك تأثيرات أو مصادر إلهام خاصة في مجال التعبير البدني؟ المصدر الأول والأخير في اعتقادي هو الواقع هو المجتمع المحيط بك وما يزخر به من صور وشخوص ومواقف. كيف تتعامل مع التحديات التي قد تطرأ خلال تصوير المشاهد التي تتطلب تفاعلاً قوياً بين الشخصيات دون الحاجة إلى الكلام؟ أعود لأحدثك هنا عن أسلوبي في الأداء، اعشق كثيرا الأدوار التي تقتصر على الأداء بالملامح وتعابير الوجه بدل الكلام الكثير، الحوار يبقى من اعقد مكونات السيناريو وتوظيفه يستدعي الإلمام بالشخصية وتركيبتها الاجتماعية والنفسية لهذا أجد أن أي كلام لا يخدم الحبكة الدرامية أراه في اعتقادي كلاما مجانيا قد أعوضه بتقنيات أخرى في الأداء، الصمت أيضا لغة. هل لديك تجارب مميزة أو لحظات تعتبرها تحديًا إضافيًا في مسيرتك الفنية؟ طبعا مساري كله محطات مهمة وأساسية في تكويني، كل التجارب التي عشتها كانت بالنسبة لي تحدي وما زلت أجد في الاشتغال على الفن نوعا من التحدي يشبه إلى حد بعيد تحدي البدايات. كيف ترى مستقبل فنون التعبير بحركات الجسم وتقاسيم الوجه في السينما المغربية؟ هل تتوقع تطورًا أو تغييرات في هذا الجانب؟ مستقبل السينما المغربية واعد جدا، هناك شباب صاعد مؤهل أكاديميا يدرك جيدا أبجديات التشخيص والتمثيل أكيد أن هناك أجيال أخرى تنتظر فرصتها، وهذا سيسهم حتما في تطوير الصناعة السينمائية ببلادنا.

مشاركة :