تتهم دول غربية تتقدمها الولايات المتحدة، إيران، بالوقوف خلف هجمات تطول مصالحها في الشرق الأوسط، لكن الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في جنوب الجمهورية الإسلامية وتبناه تنظيم «داعش»، أعاد التذكير بمواجهة داخلية لم تُطوَ صفحتها بعد. على مدى أعوام، أسّست طهران «محور المقاومة» الذي يجمع تحت قيادتها، مجموعة من الأطراف الإقليمية المناهضة لإسرائيل، مثل «حزب الله» وحركة «حماس» وفصائل عراقية والحوثيين في اليمن. ومنذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية و«حماس» في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، نشطت هذه المجموعات على جبهات عدة: فـ «حزب الله» يتبادل القصف يومياً مع إسرائيل عبر الحدود، والحوثيون ينفذون هجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، والفصائل العراقية تستهدف قواعد تؤوي عسكريين أميركيين. أثارت هذه العمليات مخاوف من اتساع الحرب في غزة الى مواجهة إقليمية واسعة، ودفعت الولايات المتحدة الى تحذير إيران مراراً من مغبة التصعيد، رغم أن الأخيرة أكدت من جهتها أن لا علاقة مباشرة لها بهذه الهجمات. ورغم ذلك، يبقى النفوذ الاقليمي المتزايد للجمهورية الإسلامية على مدى الأعوام الماضية، أمرا واقعاً. ويوضح الباحث حسني عبيدي، من مركز الدراسات والبحث في شأن العالم العربي والمتوسط (CERAM) في جنيف «لا تحتاج إيران الى نشر جندي إيراني واحد. الوكلاء يقومون بالعمل نيابة عنها». ويلفت الى أنه على رغم تحوّل إيران الى «قوة إقليمية مهمة ذات قدرة إزعاج هائلة، تبقى هشّة داخلياً». وأدى التفجيران الانتحاريان اللذان وقعا الأربعاء في مدينة كرمان، الى مقتل 91 شخصاً على الأقل. ووقع التفجيران على مقربة من مرقد اللواء قاسم سليماني، القيادي السابق في الحرس الثوري، خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية الرابعة لمقتله بضربة جوية أميركية في العراق. وكان سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس، أحد مهندسي الاستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، وصلة الوصل الأساسية مع كل أطراف «محور المقاومة» الذي أدى الدور الرئيسي في تشكيله. - «فشل» وينسب الى سليماني دور كبير في مواجهة «داعش» بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسورية خلال العقد المنصرم. ولم يكن هذا التفجير الأول من نوعه داخل إيران، اذ شهدت مراراً هجمات أوقعت ضحايا اتهمت السلطات مجموعات انفصالية أو مصنّفة «إرهابية» بالوقوف خلفها، مثل «داعش» أو مجموعات جهادية، وتنظيمات للبلوش في محافظة سيستان-بلوشستان (جنوب شرق)، أو جماعات عربية في خوزستان (حنوب غرب)، أو فصائل كردية معارضة. كذلك، اتهمت الجمهورية الإسلامية، إسرائيل خلال الأعوام الماضية، بتنفيذ سلسلة من العمليات التي استهدفت خبراء ومراكز حساسة في المجالين النووي والعسكري. وغالباً ما تعلن إيران توقيف أشخاص بشبهة التعامل مع استخبارات غربية أبرزها «الموساد» الإسرائيلي. ويرى مسؤول برنامج إيران في «مجموعة الأزمات الدولية» علي واعظ أن «أجهزة الأمن الإيرانية فشلت في دورها الأساسي بتوفير الأمن» مع «فشلها في حماية المسؤولين والمنشآت النووية والعسكرية بمواجهة العمليات السرية مروراً بعدم قدرتها على تأمين التجمعات المنظّمة من الدولة والمواقع الدينية ضد الهجمات الإرهابية». وكان «داعش» تبنى في 2017 اعتداءه الأول في إيران، وذلك في هجوم مزدوج على مبنى مجلس الشورى (البرلمان) وضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني في طهران، أودى بحياة 17 شخصاً على الأقل. - لا رغبة بنزاع واسع وفي أغسطس، تبنى التنظيم هجوماً على مرقد أحمد بن موسى الكاظم في مدينة شيراز (جنوب) أدى الى مقتل 13 شخصاً على الأقل، وكان الثاني من نوعه يستهدف المكان نفسه خلال عام. واعتباراً من سبتمبر 2022، شهدت إيران سلسلة من التحركات الاحتجاجية بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من قِبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس. ويرى واعظ أنه من «خلال جعل مضايقة النساء اللواتي لا يضعن الحجاب أو قمع المجتمع المدني محوراً لعملها، يتضح أن القوات الأمنية الإيرانية لم تنجح في تحديد أولوياتها». وتحذّر الباحثة في «تشاتام هاوس» صنم وكيل من أن السلطات الإيرانية قد تجد نفسها مجدداً «في مرمى الانتقادات الداخلية في شأن الأولوية المعقودة للنزاعات الإقليمية مع إسرائيل عوضاً عن القضايا الداخلية». ويعاني اقتصاد الجمهورية الإسلامية من العقوبات التي عاودت الولايات المتحدة فرضها على طهران بعد الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق النووي عام 2018. وسبق لبعض الأصوات داخل إيران أن انتقدت الكلفة التي تتكّبدها طهران لدعم فصائل «محور المقاومة»، خصوصاً وأن الخطوات التي يقوم بها أطرافه تهدد بردّ إسرائيلي أو أميركي مباشر بحال اتساع نطاق النزاع في المنطقة. وحذّرت طهران مراراً منذ اندلاع الحرب في غزة من «خروج الوضع عن السيطرة»، داعية الى وقف الحرب، ومحذّرة في الوقت عينه من أنه «من الطبيعي ألا تسكت» المجموعات الحليفة لها في الإقليم، عما يجري في القطاع. ويوضح واعظ أنه «إدراكاً منها لنقاط ضعفها، لا ترغب إيران بأن ترى الحرب في غزة تتسع لنزاع إقليمي لن تقدر خلاله على حماية (نفسها) بفاعلية». تتهم دول غربية تتقدمها الولايات المتحدة، إيران، بالوقوف خلف هجمات تطول مصالحها في الشرق الأوسط، لكن الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في جنوب الجمهورية الإسلامية وتبناه تنظيم «داعش»، أعاد التذكير بمواجهة داخلية لم تُطوَ صفحتها بعد.على مدى أعوام، أسّست طهران «محور المقاومة» الذي يجمع تحت قيادتها، مجموعة من الأطراف الإقليمية المناهضة لإسرائيل، مثل «حزب الله» وحركة «حماس» وفصائل عراقية والحوثيين في اليمن. سِباقٌ محموم بين «ربْط حوارٍ» مع «اليوم التالي» و«شرّ مستطيرٍ» على جبهة جنوب لبنان منذ ساعة قطاع غزة... «مكانٌ للموت غير صالح للسكن» منذ ساعة ومنذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية و«حماس» في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، نشطت هذه المجموعات على جبهات عدة: فـ «حزب الله» يتبادل القصف يومياً مع إسرائيل عبر الحدود، والحوثيون ينفذون هجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، والفصائل العراقية تستهدف قواعد تؤوي عسكريين أميركيين.أثارت هذه العمليات مخاوف من اتساع الحرب في غزة الى مواجهة إقليمية واسعة، ودفعت الولايات المتحدة الى تحذير إيران مراراً من مغبة التصعيد، رغم أن الأخيرة أكدت من جهتها أن لا علاقة مباشرة لها بهذه الهجمات.ورغم ذلك، يبقى النفوذ الاقليمي المتزايد للجمهورية الإسلامية على مدى الأعوام الماضية، أمرا واقعاً.ويوضح الباحث حسني عبيدي، من مركز الدراسات والبحث في شأن العالم العربي والمتوسط (CERAM) في جنيف «لا تحتاج إيران الى نشر جندي إيراني واحد. الوكلاء يقومون بالعمل نيابة عنها».ويلفت الى أنه على رغم تحوّل إيران الى «قوة إقليمية مهمة ذات قدرة إزعاج هائلة، تبقى هشّة داخلياً».وأدى التفجيران الانتحاريان اللذان وقعا الأربعاء في مدينة كرمان، الى مقتل 91 شخصاً على الأقل.ووقع التفجيران على مقربة من مرقد اللواء قاسم سليماني، القيادي السابق في الحرس الثوري، خلال مراسم إحياء الذكرى السنوية الرابعة لمقتله بضربة جوية أميركية في العراق.وكان سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس، أحد مهندسي الاستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، وصلة الوصل الأساسية مع كل أطراف «محور المقاومة» الذي أدى الدور الرئيسي في تشكيله.- «فشل»وينسب الى سليماني دور كبير في مواجهة «داعش» بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسورية خلال العقد المنصرم.ولم يكن هذا التفجير الأول من نوعه داخل إيران، اذ شهدت مراراً هجمات أوقعت ضحايا اتهمت السلطات مجموعات انفصالية أو مصنّفة «إرهابية» بالوقوف خلفها، مثل «داعش» أو مجموعات جهادية، وتنظيمات للبلوش في محافظة سيستان-بلوشستان (جنوب شرق)، أو جماعات عربية في خوزستان (حنوب غرب)، أو فصائل كردية معارضة.كذلك، اتهمت الجمهورية الإسلامية، إسرائيل خلال الأعوام الماضية، بتنفيذ سلسلة من العمليات التي استهدفت خبراء ومراكز حساسة في المجالين النووي والعسكري.وغالباً ما تعلن إيران توقيف أشخاص بشبهة التعامل مع استخبارات غربية أبرزها «الموساد» الإسرائيلي.ويرى مسؤول برنامج إيران في «مجموعة الأزمات الدولية» علي واعظ أن «أجهزة الأمن الإيرانية فشلت في دورها الأساسي بتوفير الأمن» مع «فشلها في حماية المسؤولين والمنشآت النووية والعسكرية بمواجهة العمليات السرية مروراً بعدم قدرتها على تأمين التجمعات المنظّمة من الدولة والمواقع الدينية ضد الهجمات الإرهابية».وكان «داعش» تبنى في 2017 اعتداءه الأول في إيران، وذلك في هجوم مزدوج على مبنى مجلس الشورى (البرلمان) وضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني في طهران، أودى بحياة 17 شخصاً على الأقل.- لا رغبة بنزاع واسعوفي أغسطس، تبنى التنظيم هجوماً على مرقد أحمد بن موسى الكاظم في مدينة شيراز (جنوب) أدى الى مقتل 13 شخصاً على الأقل، وكان الثاني من نوعه يستهدف المكان نفسه خلال عام.واعتباراً من سبتمبر 2022، شهدت إيران سلسلة من التحركات الاحتجاجية بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من قِبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.ويرى واعظ أنه من «خلال جعل مضايقة النساء اللواتي لا يضعن الحجاب أو قمع المجتمع المدني محوراً لعملها، يتضح أن القوات الأمنية الإيرانية لم تنجح في تحديد أولوياتها».وتحذّر الباحثة في «تشاتام هاوس» صنم وكيل من أن السلطات الإيرانية قد تجد نفسها مجدداً «في مرمى الانتقادات الداخلية في شأن الأولوية المعقودة للنزاعات الإقليمية مع إسرائيل عوضاً عن القضايا الداخلية».ويعاني اقتصاد الجمهورية الإسلامية من العقوبات التي عاودت الولايات المتحدة فرضها على طهران بعد الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق النووي عام 2018.وسبق لبعض الأصوات داخل إيران أن انتقدت الكلفة التي تتكّبدها طهران لدعم فصائل «محور المقاومة»، خصوصاً وأن الخطوات التي يقوم بها أطرافه تهدد بردّ إسرائيلي أو أميركي مباشر بحال اتساع نطاق النزاع في المنطقة.وحذّرت طهران مراراً منذ اندلاع الحرب في غزة من «خروج الوضع عن السيطرة»، داعية الى وقف الحرب، ومحذّرة في الوقت عينه من أنه «من الطبيعي ألا تسكت» المجموعات الحليفة لها في الإقليم، عما يجري في القطاع.ويوضح واعظ أنه «إدراكاً منها لنقاط ضعفها، لا ترغب إيران بأن ترى الحرب في غزة تتسع لنزاع إقليمي لن تقدر خلاله على حماية (نفسها) بفاعلية».
مشاركة :