السبت, 06 يناير, 2024 - 07:19 مساءً يرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن الموقعة الرئيسة في الحرب الإسرائيلية على غزة تدور في وسط القطاع، وقال إن هذه المعارك هي الحاسمة والرئيسة، مؤكدا أن معارك الجنوب -خاصة في خان يونس- لا تقل أهمية. وقال إن المقاربة الإسرائيلية الجديدة مزجت بين عقائد قتالية عدة: عقيدة الضاحية؛ أي التدمير الممنهج وطبّقتها على غزة بالكامل، والعقيدة الأميركية في الموصل العراقية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، حيث طوّقت القوات الأميركية الموصل من 4 جهات. وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما أخفق في الهجوم على مخيم البريج وسط قطاع غزة وفي أكثر من منطقة، دفع بقوات إضافية ودخل من المسافات البينية حتى يقطع أوصال التواصل ما بين المخيمات وسط غزة، ولكن حتى اللحظة لا تزال إدارة المعركة الدفاعية ناجعة من المقاومة الفلسطينية. أما المناطق الشرقية من مدينة غزة؛ مثل: حي التفاح والدرج وأطراف من الشجاعية، فلا تزال فيها قوات إسرائيلية ويدور فيها قتال ضارٍ، وتستخدم فيه المقاومة الفلسطينية الكمائن والعبوات والأسلحة القصيرة، فتخرج من الأنفاق وتضرب العمق. ويعتقد الدويري -في تحليله اليومي على قناة الجزيرة- أن إدارة الإسرائيليين للمعركة في الشمال تبدو مرتبكة من وجهة نظر عسكرية، مشيرا إلى أن الانشقاقات والخلافات ما بين القيادتين العسكرية والسياسية ألقت بظلالها على القادة العسكريين. وتعليقا على ما أورد مراسل قناة الجزيرة في رام الله وليد، من أن الجيش الإسرائيلي -وتحديدا في الشمال- قلّل من استخدام الجنود بشكل مباشر، وبات يستخدم "الروبوتات"، أوضح الخبير العسكري أن استخدام الروبوت "جاغوار" (Jaguar) يغني عن وجود الجندي في منطقة الشمال، وقال إن "جاغوار" هو عبارة عن روبوت مقاتل يحمل رشاش ولديه نظام استشعار متكامل، ويتغلب على الحواجز، ويعيد توجيه ذاته بناء على معطيات يُغذّى بها قبل أن يتحرك. أما في المنطقة الجنوبية فيستخدم الإسرائيليون الروبوت الذي يصدر أصواتا مشابهة لأصوات الدبابات وإطلاق النار، من أجل أن يخرج مقاتلو المقاومة من الأنفاق. وفي قراءته لمسار المعارك في المنطقة الجنوبية -خاصة خان يونس- أكد الدويري أن 8 ألوية إسرائيلية توجد هناك، وهناك ازدحام في القوات، وفي المقابل هناك شبكة أنفاق يبدو أن درجة كثافتها تفوق كثافة شبكة الأنفاق في مدينة غزة. وأضاف أن طبيعة المنطقة في خان يونس تسمح بإنشاء شبكة أنفاق متعددة الفتحات، ومن ثم يصبح خروج المقاتلين سهلا. استغلال ارتباك جيش الاحتلال من جانب آخر قال الدويري، إن كتائب المقاومة الفلسطينية أحسنت استغلال ارتباك قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي نتيجة الخلافات داخل مجلس الحرب، والتي زادت حدتها خلال الأيام الأخيرة. وأوضح أن آثار هذا الخلاف ظهرت بشكل جلي في المنطقة الشمالية في قطاع غزة، حيث شهدت ارتباكا واضحا في إدارة المعركة من قبل الجيش، في ظل عدم وضوح الرؤية السياسية والحديث عن التحول للمرحلة الثالثة قبل التراجع عنها مرة أخرى. ولفت إلى أن ذلك جعل قادة الجيش على مستوى هيئة الأركان العليا والقادة الميدانيين في حالة ارتباك، لتصدر أوامر بالانسحاب، تلتها أوامر بالعودة مرة أخرى، وهذا الأمر استغلته كتائب المقاومة وأوقعت في قوات جيش الاحتلال خسائر كبيرة خلال الأيام الثلاثة الماضية. وفي هذا السياق، أشار الدويري إلى أن المقاومة اعتمدت مقاربات تكتيكية جديدة على مستوى التنسيق والعمل المشترك، حيث أظهرت مقاطع الفيديو الجديدة ذلك من خلال أنواع الكمائن وطرق الاستدراج وغيرها من التكتيكات. وفي سياق حديثه عن الوضع في الجنوب، أشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال دفع بلواء ثامن مما جعل قوام القوات يقارب 3 فرق، وهذا يعني كثافة في عدد الآليات والجنود، ورغم ذلك لم يحقق إنجازات تتوافق مع هذه القوة والعدد، وفارق القدرات الواضح بين الطرفين. وتابع أن ما ساعد المقاومة على الاستمرار في القتال أمام هذه الكثافة هي طريقة إدارة المعركة الدفاعية، والقدرة على استغلال الإمكانات المتاحة، والخروج للعدو في الوقت المحدد والمناسب، بصورة تحقق مفاجآت متكررة لقوات الاحتلال. ولفت إلى أن النقطة الفارقة خلال الـ24 ساعة الماضية في مشهد محاولة جيش الاحتلال الإسرائيلي تطوير عملياته العسكرية، ظهرت من خلال اعتماده مقاربة أميركية كانت معتمدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في كل من العراق وسوريا من حيث تجزئة المجزأ. وفي هذا السياق، أوضح أن العمليات تقوم على تطويق بلدات صغيرة وتنفيذ هجمات مركزة من كافة الجهات أملا في تحقيق نجاحات ولو تدريجية، وهو بذلك يتبنى قاعدة ما يطلق عليه القضم المتدرج، بحصار المنطقة من 4 جهات ومحاولة الوصول إلى موضع قدم والتدرج بعدها في توسعة المكاسب. وحول أثر استهداف قادة حماس والتمكن من اغتيال عدد منهم، في إشارة إلى اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعدد من قيادات الحركة، قال الدويري إن ذلك لم يؤثر على عمليات المقاومة كما هو ظاهر من التطورات الميدانية. وأوضح أن ذلك طبيعي ومتوقع، لأن من تم اغتيالهم ليسوا قادة عسكريين في ميدان المعركة بغزة، لافتا إلى أن الإدارة العسكرية للمعارك في الميدان بغزة في يد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وهي منفصلة عن القيادة السياسية التي تنسق معها في الإطار العام وإدارة المشهد الكلي. المصدر : الجزيرة
مشاركة :