في إطار الجهود الوطنية التي تستهدف تعزيز مشاركة منشآت القطاع الخاص في تنفيذ السياسات العامة للتوطين، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين بدء تنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص بتوسيع نطاق الشركات المشمولة بمستهدفات التوطين. ويتعلق القرار بتوظيف العمالة المحلية في الشركات التي يتراوح عدد عمالها بين 20 و49 عاملاً، ويبلغ عددها أكثر من 12 ألف شركة خاصة، تعمل في 14 قطاعاً اقتصادياً رئيسياً مختلفاً، وذلك من خلال تعيين مواطن واحد على الأقل في 2024، ومواطن ثانٍ خلال العام 2025. وغَني عن البيان أنه خلال السنوات الماضية، أوجدت دولة الإمارات منظومة متكاملة للتوطين، وذلك في ضوء تعديل بعض التشريعات، وتوفير دعم مالي حكومي، وإقرار حزمة امتيازات لتشجيع المؤسسات على استقطاب المواطنين. وهو ما أدى إلى نتائج ملموسة في هذا الملف الحيوي، إذ أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، بنهاية مستهدفات التوطين للعام 2023، وصلت إلى قرابة 92 ألفاً، في قفزة تقارب 157% مقارنةً بأعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص في سبتمبر 2021 عندما تم إطلاق مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس». وفي الواقع، فإن المبادرات الوطنية الهادفة إلى رفع نِسب التوطين لا تتناقض مع جهود استقطاب المواهب والكفاءات العالمية الوافدة، بل إن تكامل المسارين أسهم في ترسيخ مكانة الدولة في المؤشرات العالمية للتنافسية، وهو ما يعكس رؤية دولة الإمارات بأن الموارد البشرية هي المحرك الأساسي لبناء اقتصاد صلب ومستدام. وتماشياً مع رؤية دولة الإمارات، أظهرت الإحصاءات أن نحو 82 بالمئة من إجمالي المواطنين العاملين في القطاع الخاص يعملون في قطاعات اقتصادية حيوية تشمل: الأنشطة المالية، والخدمات الإدارية، وخدمات الدعم، وتجارة الجملة والتجزئة، والتشييد، والصناعات التحويلية، والتعدين والمحاجر، والتعليم، والصحة. ووفقاً لهذه الرؤية الاستراتيجية، يقوم مجلس تنافسية الكوادر البشرية الإماراتية «نافس» بتنفيذ المبادرات الوطنية الهادفة إلى دعم المواطنين في القطاع الخاص ورفع تنافسيتهم عالمياً، وإمداد هذا القطاع بالكفاءات الإماراتية، من خلال تبنِّى نهجٍ علميٍّ يرتكز على تآزر جهود الجهات المعنية كافة، بما في ذلك القطاع الحكومي والخاص، بما يُلبي توقعات الأجندة الوطنية بشأن رفع نِسب التوطين، بالنظر إلى حقيقة أن تنمية مهارات الكوادر المواطنة وصقل مهاراتها، وخاصة من جيل الشباب من الخريجين الجدد، هي ضرورة اقتصادية واجتماعية وأمنية. وفيما يعكس فاعلية آلية تحقيق مستهدفات التوطين، أظهرت بيانات وزارة الموارد البشرية والتوطين، التزام أكثر من 94.9% من الشركات بقرارات التوطين وسياساته. وتعكس هذه النتائج الإيجابية، التي تحققت في زمن قياسي، التزام المؤسسات المالية المرخصة بمسؤولياتها في ملف التوطين، كما تجسد تعاونها واستجابتها الكبيرة في تحقيق المستهدفات المطلوبة للتوطين. واستكمالاً لجهود دولة الإمارات في تشجيع المنافسة الإيجابية بين منشآت القطاع الخاص في تمكين الشباب الإماراتي، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين مَنح 3 امتيازات تم توفيرها للشركات الخاصة الملتزمة بتحقيق مستهدفات التوطين بنسبة نمو 2 بالمئة سنوياً في الوظائف المهارية. وبالتوازي مع ذلك، أكدت الوزارة مواصلة عَقد ورش التدريب لتوعية أصحاب الشركات المشمولة بالقرار بآليات تحقيق المستهدفات المطلوبة منها وكيفية الاستفادة من الدعم الذي يوفره «نافس»، والإجراءات التي ستُتَّخذ بحق الشركات غير الملتزمة بتحقيق المستهدفات المطلوبة أو التي تلجأ إلى «التوطين الصوري». إن دولة الإمارات تنظر باعتزاز إلى الإنجازات التي حققتها خلال السنوات السابقة في ملف التوطين، وتمضي بخطى واثقة خلال العام 2024 نحو تعزيز مسار تمكين رأس المال البشري، وهو ما يتطلب مواصلة إيجاد الحلول المتكاملة التي تستجيب لاحتياجات وتطلعات المجتمع والأفراد، وتدعم الكوادر الإماراتية، بما يضمن مرونة الاقتصاد، وترسيخ موقع الدولة بوصفها نقطة الجذب العالمية الأولى للمواهب والشركات والاستثمارات. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :