عمان، الأردن (CNN)— تقترب "الملهاة" التي لحقت بمئات المغتصبات إثر وقف ملاحقة مغتصبيهم لاستفادتهم من أحكام المادة 308 من قانون العقوبات الأردني في البلاد، من اسدال الستار عليها، بعد أن قررت الحكومة الأردنية إلغاء وقف ملاحقة المغتصب الذي يعفيه القانون من الملاحقة القانونية في حال الزواج من الضحية. وفرق التعديل التشريعي بحسب مصدر حكومي رفيع كشف لموقع CNN بالعربية الثلاثاء، بين المواقعة بالرضا حيث أبقى على إعفاء الجاني من الملاحقة بعد التثبت من شرط الرضا، فيما ألغى "كليا" وقف ملاحقة الجاني في جريمة الاغتصاب ولو طلب الزواج من الضحية. وقال المصدر الحكومي للموقع، إن التعديل سيكون مفاجئا للشارع الاردني، وجاء استنادا لدراسة معمقة لنتائج تطبيق البند قياسا على حصيلة الأرقام والحالات التي تسجل لدى الجهات المختصة في جرائم الاغتصاب، ووقف المآسي التي تلحق بالضحايا من الفتيات بسبب وقف ملاحقة الجاني. وبين المصدر أن التعديلات التي أجرتها الحكومة على قانون العقوبات، ستعرض على مجلس الوزراء يوم الأحد المقبل لإقرارها، واصفا التعديل بالإنجاز الكبير، وهو التعديل المحصور بجريمة الاغتصاب فقط، دون حالات المواقعة بالرضا. وتنص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني على أن إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب واحدة من سبعة جرائم أولها الاغتصاب لا يقل عن خمس سنوات، وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه. ولا يجوز استعمال الاسباب المخففة في جرائم الاعتداء على العرض إذا كان المجني عليه لم يكمل الثامنة عشرة عند وقوع الجريمة ذكرا أو أنثى وكان الجاني قد أكمل الثامنة عشرة. وجاء تعديل المادة 308 إثر مطالبات حقوقية اتخذت منحى تصاعديا العام الماضي، وتقديم مذكرات احتجاج من نحو 92 منظمة مجتمع مدني ومؤسسة، شكلت ما عرف بالتحالف المدني الأردني، بالتزامن مع حملة مكثفة أطلقتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني استندت إلى دراسة ممثلة كشفت عن تأييد 70 في المائة من الأردنيين لإلغاء المادة 308 كليا. وتطالب بعض المنظمات القانونية بإلغاء وقف ملاحقة المغتصب في جريمة الاغتصاب بالحد الأدنى، فيما تتمسك منظمات أخرى بإلغاء المادة كليا، ومن المتوقع أن تواصل بعض المنظمات الحقوقية احتجاجها على هذا التعديل على أهميته. وقال المدير التنفيذي لتضامن منير دعيبس في لقاء مع CNN بالعربية، إن المادة 308 هي انتهاك صارخ لحقوق الانسان، وأن تأخر صناع القرار في إجراء تعديلات عليها تعود إلى الترويج لرفض المجتمع الأردني لتعديلها. وبين دعيبس أن الدراسة التي أجرتها الجمعية، استهدفت في 2014 نحو 70 من القضاة الشرعيين وقضاة محاكم الجنايات ونشطاء حقوق الانسان إلى جانب عينة ممثلة و12 ضحية مغتصبة روت شهاداتهن. وقال دعيبس، إن الجمعية قدمت ورقة موقف لإلغاء المادة وعرض مقترحات لتعديل تشريعات أخرى، من شأنها معالجة الآثار المترتبة على الالغاء، في مقدمتها تعديل قانون الأحوال الشخصية الأردني، الذي لا يسمح بإثبات نسب الطفل إلا بعقد زواج، وكذلك المطالبة بالسماح بالإجهاض للمغتصبة وهو ما يمنعه قانون العقوبات الأردني، رغم صدور فتوى عن دائرة الافتاء الاردنية بجواز الاجهاض في الاغتصاب بعد دراسة كل حالة فرديا. وعن ذلك أضاف دعيبس: "طالبنا بتعديل قانون الأحوال الشخصية بالسماح بإثبات نسب الطفل إلى الجاني دون زواج بإثبات الطرق العلمية من خلال فحص DNA دون اشتراط زواج الجاني من الضحية فلا يعقل أن يثبت نسب طفل لامرأة متزوجة مغتصبة لزوجها، واقترحنا مواءمة فتوى جواز الاجهاض مع قانون العقوبات الاردني الذي يجرمه." وتلحق بالمغتصبات أيضا وصمة عار اجتماعية بحسب دعيبس، لا يمكن التخلص منها إلا بإلغاء المادة، قائلا: "المجتمع يتسامح مع المجني عليه إن كان ذكرا حتى في جرائم الاغتصاب وهو ما أظهرته الدراسة." وأكد دعيبس ان دائرة قاضي القضاة لم يصلها أي طلب إجهاض منذ صدور الفتوى عام 2015 . لكن دعيبس شدد على التمسك بإلغاء إمكانية الزواج في حالتي الاغتصاب وهتك العرض المشمولة في المادة 308، إلى جانب اقتراح بند إمكانية الزواج في حال الشكوى في جريمة الزنا التي تتم بالتراضي. واستشهد دعيبس بقضية موثقة في سجلات محكمة الجنايات في الاعوام 2010 – 2013، أفلت فيها جاني من عقوبة الاعدام، بعد أن طلب تزوج ضحيته البالغة من العمر 15 عاما في محافظة جنوبية، عندما بلغت سن 18 عاما. وأطلق مركز داعم للإعلام حملة مؤخرا، استعان فيها بشخصيات إعلامية وسياسية وأطباء ونشطاء للترويج لإلغاء وقف الملاحقة ضد المغتصب، واستخدام اقتباسات مناهضة للمادة من قبيل "اغتصبني وزوجني" و"308 جريمتان في آن واحد تبدل العقاب بالثواب" و"اغتصبوها وجوزوها وكافأوه وهربوه." وألغت المغرب نصا قانونيا مشابها عام 2014، ومن قبلها مصر عام 1999.
مشاركة :