"همس في عتمة الكلمة" كتاب عن شخصية أدبية غامضة

  • 1/9/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هناك من الكاتبات والكتاب من يفضل الظهور بأي وسيلة، وهذا اختيار قد يحرمهم من بعض العزلة والهدوء المطلوبين للكتابة. وقد اختار كتاب آخرون قلة الظهور إلا من خلال ما يكتبون وينشرون، ومن هؤلاء الكاتبة والأكاديمية العمانية غالية آل سعيد، التي تبقى شخصيتها غامضة نوعا ما رغم مؤلفاتها المنتشرة. وهذا ما حاول مواطنها الصحافي والكاتب فيصل بن سعيد العلوي تجاوزه في كتابه الجديد. عمر الخروصي بغداد- كتاب “همس في عتمة الكلمة – رحلة وراء الأحرف المكتومة مع غالية آل سعيد” للشاعر والصحافي فيصل بن سعيد العلوي هو عبارة عن حوار طويل أجراه المؤلف مع الروائية والأكاديمية العمانية غالية بنت فهر آل سعيد، حول رحلتها الأدبية وتجربتها في الكتابة والإبداع. يركز الكتاب الذي تصدرت غلافه لوحة الفنان التشكيلي إدريس الهوتي على الجوانب المظلمة والمكتومة في مسيرة الروائية غالية آل سعيد الإبداعية، في محاولة لفك شفرات الكتابة والإبداع لدى إحدى أبرز الروائيات في الوطن العربي، ويكشف جزءا هاما من شخصية غامضة لطالما بحثنا عن تفاصيلها. الكاتبة مرآة مجتمعها يرصد الكتاب، الصادر مؤخرا عن دار أهوار للنشر والتوزيع في العراق، عمق رحلة آل سعيد في عالم الرواية والتحديات والإنجازات التي واكبت مسيرتها، ويسبر أغوار تميز الكاتبة بقدرة استثنائية على جمع العالمين التقليدي والحداثي في أعمالها الأدبية والمشاريع الثقافية المتعددة. الجوانب المظلمة والمكتومة في مسيرة الروائية غالية آل سعيد الإبداعية الجوانب المظلمة والمكتومة في مسيرة الروائية غالية آل سعيد الإبداعية ويهدف الكتاب، الذي سيدشنه العلوي في الدورة المقبلة لمعرض مسقط الدولي للكتاب 2024، إلى استنطاق خفايا تجربة الكاتبة، وكما يقول كاتبه “إن التحدث عن تجربة تمثل اليوم بلا شك أحد أبرز فصول السرد العُماني المعاصر يحمل في طياته جمالية خاصة بهذه التجربة، مع كل تفرداتها وتعقيداتها، تتعانق مع التحولات الراهنة التي تمر بها المنطقة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ليس هذا فحسب، بل تجسد هذه التجربة أيضا حياة الكاتبة نفسها وأبطال رواياتها”. ويضيف “رغم ظروف الحياة الصعبة والتحديات المستمرة، فإن شخصيات رواياتها تتميز بالثبات والاستقرار، مستندة إلى جذورها العميقة، وفي هذه التجربة المتميزة تبرز الكاتبة كمرآة تعكس واقعنا، متأملة في التغيرات المستمرة، وتفهم تماما الأوجاع والآمال المرتبطة بكل حالة انفصال وغربة”. ويؤكد ذلك ما يقوله الأديب سماء عيسى في مقدمة الكتاب “الكاتبة تعي ذلك دون شك، لأن من هو في أقاصي الأرض يكون في عمق ترابها أيضا، الأسباب تتعدد فارضا إياها سير الحياة وتحولاتها، وولدت الكاتبة في حقبة زمنية تعترف بأنها حقبة صعبة جدا، ذلك بالطبع معيشيا، من النواحي كافة، الظرف المعيشي الصعب الذي ربطته بأحداث العالم آنذاك، العالم الذي خاضت شعوبه حربين عالميتين الأولى والثانية، وتركت -وهي بالطبع محقة- آثارها الاقتصادية الصعبة على الناس”. ويضيف عيسى “في تجربتها الروائية، حيث تنأى الكاتبة عن خوض الصراعات السياسية التي كانت محور إبداع من سبقها كعبدالله الطائي في روايته ‘الشراع الكبير’، والروائي الراحل أحمد عمر الزبيدي، في مجمل أعماله القصصية والروائية، حيث تذهب إلى معالجة هموم المرأة التي لا نهاية لها، وهي تدرك جيدا ألا خلاص جزئيا لحالة ما أو ظاهرة ما إلا بالتغيير الكلي”. الغياب والمشروع الثقافي pp انطلق الكتاب ليبدد فكرة “الغياب” عن الوسط الذي أشارت إليه الكاتبة بالقول “البعد ليس أمرا مفتعلا. الأمور المحيطة، التي تجري، هي التي تحدده بخاصة الظهور من عدمه، ويجب أن تكون للظهور أسباب مقنعة ومنطقية، وإن لم تكن هناك أسباب كيف ولماذا يحدث؛ هل لمجرد الدوران في الفراغ وتكرار الذات؟ ها أنا ظهرت عندما أتى سبب للظهور، فللظهور سبب وللاختفاء سبب”. وتعزو غالية آل سعيد هذا الغياب إلى وفائها لمشروعها الثقافي حيث تقول “تجدني كأي شخص آخر، لدي مشاغل واهتمامات كثيرة ومختلفة تتطلب إشرافي وتفاعلي وسيري معها، وربما أجد الاختفاء مجديا وضروريا لإكمالها. المشاغل هي التي تدفعني للتواري الذي أشرت إليه”. حوارات تحاول فك شفرات الكتابة والإبداع لدى غالية آل سعيد التي تعتبر إحدى أبرز الروائيات في الوطن العربي وتضيف “حاليا أسعى جاهدة لتأسيس المتحف الجديد، وقد أخذ وقتا طويلا لأسباب عدة ومختلفة. إضافة إلى المتحف، تظل هناك اهتماماتي الروائية، فمطالبها لا تخمد ولا أريد قطعها. كل هذه الاهتمامات إنجازها يتطلب الوقت الطويل، والعزلة شبه التامة، عندما أكتب لا أجد ملجأ غير العزلة، وبجانب الأعمال الروائية، أطمح في تأليف بعض الكتب المختلفة، بعضها له علاقة بالمتحف”. ويذكر أن غالية آل سعيد ولدت في سلطنة عمان، ودرست في مدارس المملكة المتحدة وجامعاتها وتوجت دراستها بالحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة ورويك. وقد كرست وقتها للكتابة الأكاديمية والأدبية والفنون، وشاركت في العديد من المؤتمرات التي عقدت في مدرسة لندن للدراسات الشرقية والأفريقية وجامعة ليدز، مع اهتمام بالمؤتمرات التي تنظمها الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الإصدار يعد الرابع للكاتب فيصل بن سعيد العلوي حيث صدرت له ثلاثة كتب وهي “أرق” (2008)، مجموعة شعرية عن وزارة التراث والثقافة، و”بوح الشعر الشعبي” (2014) عن دار الغشام للنشر والترجمة، وهو مجموعة مقالات بلغ عددها قرابة 50 مقالا، و”بوجه الريح والصحراء” (2018)، مجموعة شعرية عن الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، ودار مسعى للنشر والتوزيع.

مشاركة :