الرباط – يعتزم ميناء طنجة المتوسط الدخول في أعمال توسعة جديدة بتكلفة تصل إلى 600 مليون يورو، ليدخل إلى قائمة أكبر 20 ميناء في العالم بعد زيادة سعته الاستيعابية في معالجة الحاويات. واستطاع المغرب ضمان جزء من التمويل اللازم من أجل الدخول في مرحلة جديدة من توسيع ميناء طنجة المتوسطي، وفق ما كشفت عنه وثيقة صادرة عن وكالة ضمان الاستثمار متعددة الأطراف التابعة للبنك الدولي، والمعروفة بـ MIGA، ما سيسمح له برفع طاقته على مستوى الواردات واستقبال المسافرين. وكشفت الوثيقة أن بنك "جي.بي مورغان تشيس" اللندني الأكبر في العالم، سيتولى تغطية النسبة الأكبر من التمويل، عن طريق قرض بقيمة 255 مليون يورو، في إطار مدة ضمان تصل إلى 15 سنة، في حين تسعى السلطات المينائية لطنجة المتوسط إلى الوصول لـ 350 مليون يورو، أو أكثر من نصف التكلفة المتوقعة. وأصبح الوصول إلى هذا الرقم ممكنا، مع استعداد مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي IFC للمساهمة في عمليات التمويل بقرض قيمته 100 مليون يورو، على أن يغطي بنك "جي بي مورغان تشيس" المبلغ المتبقي من خلال قرض تجاري سيستفيد من الضمان الذي تتيحه وكالة ضمان الاستثمار متعددة الأطراف. تحول ميناء طنجة المتوسط من فكرة طموحة أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب للشعب عام 2002 إلى واقع بعد تنفيذ المشروع وافتتاحه رسمياً عام 2007، ليحتل منذ 2020 صدارة الموانئ في المغرب والقارة الأفريقية، وينافس أكبر وأقوى الموانئ البحرية في العالم. وتبرز الأهمية الاستراتيجية للميناء المغربي من خلال إطلالته على مضيق جبل طارق ذي الموقع الجغرافي الحيوي، إذ يفصل بين قارتين هما أفريقيا وأوروبا، وبحرين هما المتوسط والمحيط الأطلسي، كما أنه أيضاً صلة وصل بين دول الشمال وبلدان الجنوب. وله قدرة استيعابية تبلغ أكثر من 9 ملايين حاوية، و7 ملايين راكب، و700 ألف شاحنة للنقل الدولي الطرقي سنويا على ثمانية أرصفة ومليوني سيارة. ويعمل الميناء على زيادة قدرة محطة الركاب والشاحنات وتحديث منطقة الواردات، بالإضافة إلى تحديث منطقة الواردات، تمهيدا لدخول الميناء إلى قائمة أكبر موانئ العالم حيث سترتفع قدرة مناولة الحاويات إلى مليون وحدة، علما أن الميناء مُرتبط حاليا بـ 186 ميناءً في 77 بلدا عبر العالم، ما يجعله من بين الأقوى على هذا المستوى. ويحتل الميناء المرتبة الـ 23 عالميا في الوقت الراهن ضمن قائمة أكبر موانئ العالم وهدفه المعلن هو الوصول إلى قائمة الـ20 الأولى مستقبلا. ووفق مؤشر أداء موانئ الحاويات العالمي، الخاص بسنة 2022، والصادر في مايو/أيار من سنة 2023، احتل المركب المينائي طنجة المتوسط المرتبة الرابعة عالميا من بين أكثر الموانئ كفاءة من أصل 370 ميناءً، متفوقا بالأساس على منافسه المباشر في المدخل الغربي لحوض البحر الأبيض المتوسط، ميناء الجزيرة الخضراء. ووضع الترتيب الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة "ستاندرد آند بورز " المتخصصة في المجال المالي والموجود مقرها في نيويورك، ميناء طنجة المتوسط في المرتبة الرابعة عالميا، بعدما كان يحتل المرتبة السادسة قبل عام واحد فقط، بعد كل من ميناء يانغشان الصيني وميناء صلالة في سلطنة عمان وميناء خليفة بالإمارات، متخطيا موانئ كانت تسبقه في التصنيف السابق، ويتعلق الأمر بميناء الملك عبد الله في السعودية، وميناء حمد في قطر. وتفوق ميناء طنجة المتوسط على موانئ عريقة مثل ميناء غوانغجو الصيني ويوكوهاما الياباني وبور سعيد المصري وفيرجينيا وميامي الأميركين، وكذلك على ميناء سنغافورة الشهير، والملاحظ أيضا أنه كان الأول على مستوى إفريقيا وحوض البحر المتوسط، وحتى الأفضل من خارج قارة آسيا، بالإضافة إلى حسمه المنافسة المباشرة مع الموانئ الإسبانية، وخصوصا ميناء الجزيرة الخضراء الذي تراجع من المرتبة 11 إلى المرتبة 16، وميناء برشلونة الذي انخفض من المركز 22 إلى المركز 34. وشهد الميناء تطويرات وتحسينات وتوسعات في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، إذ تم التمديد في طول حاجز الأمواج الذي صار بطول 960 متراً، قبل أن يتم إلغاء تسيير شركة ميناء طنجة بعد حصول المغرب على الاستقلال، وصارت هيئة ميناء الدار البيضاء هي الإدارة المخولة بتدبير شؤون ميناء طنجة القديم. وينفتح ميناء طنجة على التقنيات الحديثة ومن المرتقب تطبيق تقنية سلسلة الكتل (بلوكتشين) في الميناء، وهي تقنية حديثة تعتمد على شبكة مشتركة تتيح تسجيل وتتبع المعاملات بشكل آمن وشفاف، بهدف تعزيز جاذبية الميناء ومنافسته في سوق الموانئ العالمية.
مشاركة :